الوصف المفصل
- الرحلة
إلى الدار الآخرة
- مقدمة
- قُصر الأمل والاستعداد للموت
- حقيقة الموت
- حقيقة الروح
- معاني الروح في القرآن
- الروح والنفس
- إضافة الروح إلى الله تعالى
- علاقة الروح بالبدن
- موعد مفارقة الروح البدن
- الخوف من سوء الخاتمة
- سكرات الموت
- رؤية ملائكة الموت
- تخيير الأنبياء عند الموت
- ما يشرع عند الاحتضار
- بعض أحوال المحتضرين
- حياة البرزخ
- هَول القبر وفظاعته
- ظلمة القبر
- ضمة القبر
- فتنة القبر
- ثبات المؤمن في فتنة القبر
- مسائل الإيمان بعذاب القبر ونعيمه
- سماع أصوات المعذبين
- الذين يُعصمون من فتنة القبر
- العذاب والنعيم في البرزخ على الروح أم على البدن؟
- هل تتلاقى أرواح الأموات مع بعضها؟
- هل تتلاقى أرواح الأموات مع الأحياء؟
- مستقر الأرواح في البرزخ
- هل يعلم الإنسان شيئاً عن أحوال الدنيا بعد الموت؟
- التعريف بالقيامة الكبرى
- أسماء يوم القيامة
- النفخ في الصور
- التعريف بالبعث والنشور
- أرض المحشر
- وقت تبديل الأرض والسموات
- المكذبون بالبعث والنشور
- أدلة البعث والنشور
- اتفاق جميع الأنبياء على الإخبار بالمعاد
- اليوم الآخر في كتب أهل الكتاب
- الدلائل على عِظم أهوال يوم القيامة
- بعض معالم أهوال يوم القيامة
- ذلّة الكفّار وهوانهم وحسرتهم ويأسهم
- تخاصم أهل النار
- الذين يظلهم الله في ظله
- فضل المؤذنين
- الذين يشيبون في الإسلام
- فضل الوضوء
- الشفاعة
- الحساب والجزاء
- مشهد الحساب
- سؤال الكفّار
- القواعد التي يحاسب العباد على أساسها
- ما يُسأل عنه العباد
- اقتصاص المظالم بين الخلق
- عظم شأن الدماء
- متى يُقتص للمؤمنين بعضهم من بعض؟
- الميزان
- الحوض
- كل أمة تتبع الإله الذي كانت تعبده
- حشر الكفّار إلى النار
- حقيقة الصراط عند أهل السُّنة والجماعة
- الخاتمة
الرحلة إلى الدار الآخرة
ناصر بن سعيد السيف
مقدمة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فإن من أصول الإيمان «الإيمان باليوم الآخر» وهذا الأصل كثيراً ما يذكره جل وعلا مقروناً بالإيمان به لأهميته وعظيم أمره ولهذا جمعتُ في هذه الورقات بعض المقدمات والأحداث من ساعة الموت إلى دار القرار وسميتها مجتهداً: «الرحلة إلى الدار الآخرة»([1]).
نسأل الله العلي القدير أن يوفقنا للأعمال الصالحة ويختم لنا بالتوحيد وأن يجعل مصيرنا الفردوس الأعلى من الجنة. صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين([2]).
كتبه الفقير إلى عفو ربه القدير
أبو خلاد ناصر بن سعيد بن سيف السيف
غفر الله له ولوالديه وجميع المسلمين
قُصر الأمل والاستعداد للموت
قصر الأمل هو استحضار بقرب الرحيل وسرعة انقضاء مدة الحياة وهو من أنفع الأمور للقلب فإنه يبعث على انتهاز فرصة الحياة التي تمر مر السحاب والمبادرة بالعمل الصالح قبل طي صحائف الأعمال ويثير ساكن عزماته إلى دار البقاء ويحثّه على قضاء جهاز سفره وتدارك الفارط ويزهّده في الدنيا ويرغّبه في الآخرة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : «أعذر الله إلى امرىء أخّر أجله حتى بلغ ستين سنة» رواه البخاري وأحمد .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : «لا يتمنينَّ أحدكم الموت إما محسناً فلعله يزداد وإما مسيئاً فلعله يستعتب» رواه البخاري ومسلم.
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: أخذ رسول الله ﷺ بمنكبي فقال: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل» رواه البخاري وأحمد.
وكان ابن عمر يقول: «إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك».
قال الحسن البصري رحمه الله: «المؤمن كالغريب لا يجزع من ذلها ولا ينافس في عزّها له شأن وللناس شأن».
قال الشيخ أحمد فريد حفظه الله: «اعلم أن طول الأمل له سببان: أحدهما: الجهل والآخر: حب الدنيا».
قال شيخنا الشيخ سامي الخميس حفظه الله: «حب الدنيا يقود إلى الغفلة وهي من أعظم أسباب طول الأمل».
قال شيخنا الشيخ خالد الهويسين حفظه الله: «من أطال الأمل أساء العمل ومن قصّر الأمل أحسن العمل».
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «إن الدنيا ارتحلت مدبرة وإن الآخرة ارتحلت مقبلة ولكل منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل».
قال الشيخ أحمد فريد حفظه الله: «الدنيا مثل قطعة الثلج رخيصة الثمن ومع ذلك تذوب ولا تبقى والآخرة مثل الجوهرة غالية الثمن ولا تذوب وإنما ينشأ الزهد في الدنيا من اليقين قال عز وجل: [وَالآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى] {الأعلى:17}».
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «التأني في كل شيء خير إلا في أعمال الخير في الآخرة».
قال بكر المزني رحمه الله: «إذا أردت أن تنفعك صلاتك فقل لعليّ لا أصلي غيرها».
قال رجل لمحمد بن واسع: كيف أصبحت؟ فقال: «ما ظنك برجل يرتحل كل يوم مرحلة إلى الآخرة».
حقيقة الموت
الموت مقدمة من مقدمات اليوم الآخر وهو القيامة الصغرى فمن مات قامت قيامته قال الله عز وجل: [كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ] {العنكبوت:57}.
قال القرطبي رحمه الله: «الموت تعلّق الروح بالبدن ومفارقته وحيلولة بينهما وتبدّل حال وانتقال من دار إلى دار».
وقد أوكل الله سبحانه وتعالى ملك الموت بقبض الأرواح ومعه أعوانه، ومن الخطأ ما يزعمه بعض الناس تسمية ملك الموت بعزرائيل.
قال شيخنا الشيخ خالد الهويسين حفظه الله: «كل حديث يفيد أن ملك الموت اسمه عزرائيل لا يصح».
حقيقة الروح
حقيقة الروح لا يعلم كيفيتها إلا الله عـز وجل [وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي] {الإسراء:85}.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «ومذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر سلف الأمة وأئمة السُّنة أن الروح عين قائمة بنفسها تفارق البدن وتنعّم وتعذّب وليست هي البدن ولا جزء من أجزاءه وأن روح الآدمي مخلوقة باتفاق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السُّنة وقد حُكي إجماع العلماء على أنها مخلوقة غير واحد من أئمة المسلمين».
معاني الروح في القرآن
ذكر ابن القيم رحمه الله أن الروح في القرآن على سبعة معاني: الوحي والقوة والثبات والنصرة التي يؤيد الله بها المؤمنين وجبريل وعيسى بن مريم والروح التي سأل عنها اليهود.
للإنسان نفس واحدة ولها ثلاث صفات
التحقيق أن للإنسان نفساً واحدة ولكن لها صفات كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله فتسمى باعتبار كل صفة باسم وهي: النفس المطمئنة والنفس الأمّارة بالسوء والنفس اللوّامة.
النفس المطمئنة: هي التي تحب الخير والحسنات وتريده وتبغض الشر والسيئات وتكره ذلك وقد صار ذلك لها خُلقاً وعادة ومَلَكة.
النفس الأمارة بالسوء: وهي التي يغلب عليها اتباع هواها بفعل الذنوب والمعاصي.
النفس اللوامة: وهي التي تذنب وتتوب فيصدر عنها الخير والشر ولكن إذا فعلت الشر تابت وأنابت فتسمى لوامة لأنها تلوم صاحبها على فعل الذنوب وتلوم صاحبها على عدم الازدياد في الخير.
الروح والنفس
الروح والنفس معناهما واحدٌ فبهما حياة البدن فإذا فارقت البدن صارت روحاً وإذا كانت في البدن صارت نفساً.
إضافة الروح إلى الله تعالى
قال تعالى: [وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي] فالإضافة هنا إضافة تخصيص وتشريف.
علاقة الروح بالبدن
علاقة الروح بالبدن على خمسة أحوال كلها علاقات أمديه([3]) إلا الخامسة فهي علاقة أبدية:
الحالة الأولى : عندما تنفخ الروح في البدن في رحم المرأة.
الحالة الثانية : عندما تفارق الروح البدن في الدنيا وهو الموت.
الحالة الثالثة : عندما تعود الروح للبدن بعد الدفن وهي حياة البرزخ.
الحالة الرابعة: عندما تفارق الروح البدن بعد النفخ في الصور «نفخة الصعق».
الحالة الخامسة: عندما تعود الروح للبدن بعد النفخ في الصور «نفخة البعث والنشور».
موعد مفارقة الروح البدن
للموت وقت يأتي فيه فلا يستطيع أحد أن يتجاوز الأجل الذي قدّر الله آجال العباد وجرى بذلك القلم في اللوح المحفوظ وكتبته الملائكة الكرام والمرء في بطن أمه فلا يتأخر المرء عما كُتب له من الأجل ولا يتقدم.
قال الله عز وجل: [نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ المَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ] {الواقعة:60}.
قال الله عز وجل: [وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ] {الأعراف:34}.
دواهي الموت الثلاث
الداهية الأولى: الخوف من سوء الخاتمة.
الداهية الثانية: سكرات الموت.
الداهية الثالثة: رؤية ملائكة الموت.
الخوف من سوء الخاتمة
روي أن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عند احتضاره قال لابن مسعود رضي الله عنه: «قم فانظر أي ساعة هي؟ فقام ابن مسعود ثم جاء فقال: قد طلعت الحمراء يعني الشمس فقال حذيفة: أعوذ بالله من صباح إلى النار».
سكرات الموت
للموت سكرات يلاقيها كل إنسان قال تعالى: [وَجَاءَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ بِالحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ] {ق:19}.
وقد عانى رسول الله ﷺ من هذه السكرات ففي مرض موته صلوات الله وسلامه عليه كان بين يديه ركوة فيها ماء فجعل يدخل يده في الماء فيمسح بها وجهه ويقول: «لا إله إلا الله إن للموت سكرات» رواه البخاري.
ولا شك أن الكافر والفاجر يعانيان من الموت أكثر مما يعاني منه المؤمن.
رؤية ملائكة الموت
قال الكلبي رحمه الله: «يقبض ملك الموت الروح ثم يسلمها إلى ملائكة الرحمة إن كان مؤمناً وإلى ملائكة العذاب إن كان كافراً».
روى الإمام أحمد وغيره ـ وهو حديث صحيح ـ عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يُلحد جلس رسول الله ﷺ وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير وفي يده عود ينكث به في الأرض فرفع رأسه فقال: «استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثاً – ثم قال: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مدَّ البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فيّ السقَاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض. وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مدَّ البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب قال: فتفرّق في جسده فينتزعها كما يُنتزع السفّود من الصـوف المبلـول فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض.... الحديث».
تخيير الأنبياء عند الموت
عندما يحضر الأنبياء الموت فإن الله يريهم ما لهم من عنده من الثواب الجزيل والأجر العظيم ثم يُخيّرون بين البقاء في الدنيا والانتقال إلى ذلك المقام الكريم ولا شك أن كل رسول يفضّل النعيم المقيم وقد حدث ذلك لرسولنا محمد ﷺ فاختار ما عند الله عز وجل بقوله ﷺ : «اللهم في الرفيق الأعلى» بعدما رفع سبابته ورفع بصره حتى قبض الله روحه ﷺ .
ما يشرع عند الاحتضار
اعلم رحمني الله وإياك وجعل ختام كلامنا في الدنيا التوحيد أن هناك بعض الأمور المشروعة عند احتضار الميت ومنها:
1- هدوء وسكون من كان عند المحتضر لأنه يرى ما لا يراه غيره.
2- ذكر الله عز وجل وتلقينه كلمة التوحيد برفق ووضوح لينطق بها.
3- الدعاء من الحاضرين لأن الملائكة تؤمن على دعائهم.
4- ترطيب فم المحتضر وتبليله بالماء للحاجة.
5- توجيه المحتضر للقبلة.
6- إذا فارق الحياة تغمض عيناه ويغطى وجهه.
7- يغسله مغسِّل ماهرٌ أمين.
8- الإسراع في تجهيزه والصلاة عليه ودفنه.
9- إنفاذ وصيته وسداد دينه.
10-الدعاء له بالرحمة والمغفرة.
بعض أحوال المحتضرين
- هارون الرشيد ينتقي أكفانه بيده عند الموت وكان ينظر إليها وهو يقول: «ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه».
- المأمون افترش رماداً واضطجع عليه وقال: يا من لا يزول ملكه ارحم من قد زال ملكه.
- الحجاج يقول عند موته: اللهم اغفر لي فإن الناس يقولون: إنك لا تغفر لي فكان عمر بن عبدالعزيز تعجبه هذه الكلمة منه ويغبطه عليها ولما حكي ذلك للحسن قال: أقالها؟ قيل: نعم فقال: عسى.
- لما حضرت الوفاة بلال بن رباح قالت امرأته: واحزناه فقال بلال: واطرباه غداً نلقى الأحبة محمداً وحزبه.
- فتح عبدالله بن المبارك عينيه عند وفاته وضحك وقال: لمثل هذا فليعمل العاملون.
خاطرة إيمانية
وصف ربنا تبارك وتعالى في كتابه العظيم الدنيا بصفات الذم بأمثال عديدة لبيان ذلك وقد جعل الله هذه الدنيا مزرعة للخير أو الشر وحصاده عندما تُنتزع الروح من أخمص القدمين إلى الساقين وتلتف الساقان إلى الحقوين إلى الصدر وفيه حشرجة وإلى القلب فيضغطه ضغطة فيخرج ما فيه وينطق لسانه وتخرج روحه ثم تتبع روحه بصره إلى السماء ثم إلى فريقين أهل الإيمان وأهل العصيان ثم ترد روحه في قبره فإما نعيم وإما عذاب إلى قيام الساعة ثم يُرى سبيله بعد ذلك.
حياة البرزخ
البرزخ في كلام العرب الحاجز بين الشيئين.
البرزخ في الشرع: الدار التي تعقب الموت إلى البعث قال تعالى: [وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ] {المؤمنون:100}.
العوالم أربعة وكل عالم منها له طريقة وأحوال يختلف عن العالم الآخر:
1- عالم الرحم. 2- عالم الدنيا.
3- عالم البرزخ. 4- عالم الآخرة.
هَول القبر وفظاعته
روى هانىء مولى عثمان بن عفان قال: كان عثمان رضي الله عنه إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي من هذا؟ فقال: إن رسول الله ﷺ قال: «إن القبر أول منزلة من منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أيسر منه وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه وما رأيت منظراً قط إلا القبر أفظع منه» رواه الترمذي وحسن إسناده الألباني.
ظلمة القبر
قال النبي ﷺ في قصة المرأة التي كانت تقمَّ المسجد عندما ماتت ولم يخبروه ودفنوها فطلب منهم أن يدلُّوه على قبرها: «إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله عز وجل ينورها لهم بصلاتي عليهم» رواه البخاري ومسلم.
ضمة القبر
ضمة القبر لازمة لكل إنسان حتى الصبيان فإنهم لا ينجون منها ففي معجم الطبراني الكبير عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «لو أفلت أحد من ضمة القبر لنجا هذا الصبي».
وروى الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «إن للقبر ضغطة لو كان أحد ناجياً منها نجا سعد بن معاذ».
فتنة القبر
الأصل في الفتنة الاختبار فإذا وضع العبد في قبره وانصرف الناس وسمع قرع نعالهم جاءه الملكان على صورة منكرة فيجلسانه ويسألانه من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيجيب المؤمن فيلقى النعيم ويخيّب الكافر فيلقى الجحيم.
ثبات المؤمن في فتنة القبر
إن آخر الفتن التي تُعرض على المؤمن فتنة القبر قال الله عز وجل: [يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَة] {إبراهيم:27} فيكون الثبات للمؤمن في قبره نسأل الله بمنه وكرمه أن يثبتنا عند السؤال... آمين...
مسائل الإيمان بعذاب القبر ونعيمه
ذكر شيخنا الشيخ خالد الهويسين حفظه الله عدة مسائل تتعلق بالإيمان بعذاب القبر ونعيمه ومنها:
1- أن عذاب القبر ونعيمه من جملة اعتقاد أهل السُّنة والجماعة.
2- أن من أنكر عذاب القبر ونعيمه يكفَّر كفراً أكبر مخرجاً من الملة.
3- دل على عذاب القبر ونعيمه السُّنة الصحيحة المتواترة.
4- الناس في القبر على أصناف ثلاثة وهي:
- صنف عذابه في القبر دائم وهم الكافرون والمنافقون.
- صنف ينعَّمون ولا يعذَّبون في القبر وهم المؤمنون.
- صنف يعذّبون في القبر ويُرفع عنهم وهم المذنبون من المؤمنين.
5- الدعاء من وسائل غفران الذنوب للميت في قبره وكذلك العمل والابن الصالح.
6- دلت النصوص الصحيحة أن عامة عذاب القبر في ثلاثة:
- الغيبة. - النميمة. - البول([4])
7- في القبر إذا عذّبت الروح عذّب البدن وإذا نُعُمت الروح نُعّم البدن.
8- ثبت في صحيح مسلم وغيره أن النبي ﷺ أمر بالاستعاذة من عذاب القبر ثلاث مرات ويتأكد في الصلاة.
9- جاء في الأحاديث الصحيحة أن الذين يسألان هما ملكان أسودان أزرقان اسمهما منكر ونكير.
10- عذاب القبر ونعيمه من أمور الغيب الذي يجب الإيمان والتصديق بهما.
سماع أصوات المعذبين
وهذه المسألة على قسمين وهما:
1- سماع الرسول ﷺ أصوات المعذبين:
وهذا لأن الله عز وجل أعطى نبيه ﷺ القدرة على سماع المعذبين في قبورهم ففي صحيح البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: خرج رسول الله ﷺ بعدما غربت الشمس فسمع صوتاً فقال: «يهود تعذب في قبورها».
2- سماع غير الرسول ﷺ أصوات المعذبين:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «قد يكشف لكثير من أبناء زماننا يقظة ومناماً ويعلمون ذلك ويتحققونه وعندنا من ذلك أمور كثيرة».
الذين يُعصمون من فتنة القبر
ذكر شيخنا الشيخ خالد الهويسين حفظه الله أن الذين يعصمون من فتنة القبر هم:
1- الأنبياء والرسل: ورد دليل صريح بذلك.
2- الشهداء: ورد دليل صريح بذلك.
3- المرابطون: ورد دليل صريح بذلك.
4- الصديقون: من باب أولى بعد الشهداء.
5- الصغار: مختلف فيهم.
6- المجانين: أمرهم إلى الله.
وأضاف الشيخ عمر بن سليمان الأشقر حفظه الله:
8- الذي يموت يوم الجمعة.
9- الذي يموت بداء البطن.
العذاب والنعيم في البرزخ على الروح أم على البدن؟
قال شيخنا الشيخ وليد بن راشد السعيدان حفظه الله: «الدور ثلاث: فأما الدنيا فعذابها على البدن أصلاً وتدخل معه الروح تبعاً وأما في البرزخ فعذابها على الروح أصلاً ويدخل معها البدن تبعاً وأما في الآخرة فعلى الروح والبدن معاً سواءً بسواء».
هل تتلاقى أرواح الأموات مع بعضها؟
قال ابن القيم رحمه الله: «هذه مسألة شريفة كبيرة القدر وجوابها أن الأرواح قسمان: أرواح معذّبة وأرواح منعّمة. فالمعذبة في شغل بما هي فيه من العذاب عن التزاور والتلاقي والأرواح المنعّمة المرسلة غير محبوسة تتلاقى وتتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا وما يكون من أهل الدنيا فتكون كل روح مع رفيقها الذي هو على مثل عملها وروح نبينا محمد ﷺ في الرفيق الأعلى».
هل تتلاقى أرواح الأموات مع الأحياء؟
قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: «بلغني أن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فيتساءلون بينهم فيمسك الله أرواح الموتى ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادهم».
وقد ذهب ابن القيم رحمه الله على أن أرواح الأحياء وأرواح الأموات تتلاقى كما تتلاقى أرواح الأحياء.
مستقر الأرواح في البرزخ
أرواح العباد في البرزخ متفاوتة في منازلها وتنقسم إلى الأقسام التالية:
1- أرواح الأنبياء: وهم في خير المنازل في أعلى عليين في الرفيق الأعلى.
2- أرواح الشهداء: وهم أحياء عند ربهم يرزقون وأرواحهم في أجواف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل وهذا في الشهداء الذين ليس عليهم دين، وأما غيرهم ممن لم تسدد ديونهم فإن أرواحهم تحبس عن دخول الجنة حتى يسدد دينهم.
3- أرواح المؤمنين الصالحين: تكون طيوراً تأكل من شجر الجنة حتى يرجعها ربها إلى جسدها يوم القيامة.
الفرق بين أرواح الشهداء وأرواح المؤمنين الصالحين: أن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش وأما أرواح المؤمنين في أجواف طير تأكل من ثمر الجنة ولا تنتقل في أرجائها.
4- أرواح العصاة: جاءت النصوص التي تبين ما يلاقيه العصاة من العذاب مثل من يكذب ومن ينام عن الصلاة والزناة ومن يأكل الربا وغيرهم إلى قيام الساعة.
5- أرواح الكفّار: تخرج بأنتن ريح وأسوأ اسم ثم ترمى من السماء فتسقط في الأرض في نار جهنم بعدما يُفتح بابها وتجمع مع أرواح الكفار.
هل يعلم الإنسان شيئاً عن أحوال الدنيا بعد الموت؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «تبيّن النصوص أن الميت يسمع كلام الحي ولا يجب أن يكون السمع له دائماً بل يسمع في حال دون حال كما قد يعرض للحي فإنه يسمع أحياناً خطاب من يخاطبه وقد لا يسمع لعارض يعارض له؛ فالميت وإن سمع الكلام وفقه المعنى فإنه لا يمكنه إجابة الداعي وامتثال ما أمر به ونهى عنه فلا ينتفع بالأمر والنهي».
خاطرة إيمانية
تأمل رعاك الله بأنك تنادى في الدنيا بأحب الأسماء إليك فإذا فارقت الروح البدن ترك اسمك وتسمى جثةً فإذا غُسِّلت وكُفِّنت وصُلي عليك ورُفعتَ على الأكتاف تسمى جنازة نسبوك إلى الخشبة التي تُحمل عليها فإذا وضعتَ في اللحد وصُفَّت عليك الَّلبنات وحُثي عليك التراب ودفنوكَ وتركوكَ وفي القبر لحدوكَ تسمى ميتاً؛ فهنيئاً لمن نوديت روحه في السماء بأطيب الأسماء وطيبت بأطيب ريح وتنعمت بأطيب نعيم وفُسح له في قبره مدَّ بصره من النعيم فيقول رب أقم الساعة، نسأل الله من فضله ورحمته.
التعريف بالقيامة الكبرى
يوم القيامة الكبرى: يوم معلوم عند رب العالمين يُعيد الله فيه خلق العباد ويبعثهم ويوقفهم بين يديه ويحاسبهم على ما قدموه في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها عليهم حتى الذرَّة والهمز والغمز واللمز واللفظ ويُظهر ما في السرائر [يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ] {الحاقَّة:18} فهذا الموقف العظيم لا ينجو العبد منه إلا بالإيمان والأعمال الصالحات ثم يساق العباد إلى دار القرار إما إلى الجنة وإما إلى النار.
أسماء يوم القيامة
ذكر جل وعلا في كتابه العظيم وذكر نبيه ﷺ في سنته المطهّرة أسماءً كثيرة ليوم القيامة.
فهذه الأسماء العظيمة جمعت فيها المعاني التي تليّن القلوب وتقشعر منها الجلود ويشيب منها رأس كل مولود.
ومن القواعد المقررة في أسماء يوم القيامة «أن أسماء يوم القيامة مترادفة من حيث الذات ومتباينة من حيث الصفات».
معنى القاعدة: إذا نظرت إلى أسماء يوم القيامة من حيث دلالة جميعها وجدتها تدل على يوم واحد لأنه ليس كل اسم منها يدل على يوم خاص ولكن إذا نظرت إلى صفات هذه الأسماء وجدت أن كل اسم منها يتضمن صفة لا يدل عليها الاسم الآخر فمثلاً :
- القارعة: لأنها تقرع القلوب.
- الصاخة: لأنها تصخ الأذان.
- الواقعة: لأنها واقعة لا محالة مالها من دافع.
وعدّ بعض العلماء أسماء يوم القيامة ومنهم الغزالي والقرطبي كما نقل ذلك ابن حجر العسقلاني فكانت «خمسين اسماً».
ومن هذه الأسماء: يوم القيامة – اليوم الآخر- الساعة- يوم البعث- يوم الخروج- يوم الفصل- يوم الدين- الطامة الكبرى- يوم الحسرة- الغاشية – يوم الخلود – يوم الحساب- يوم الوعيد – يوم الآزفة – يوم الجمع- يوم الحاقة- يوم التلاق- يوم التناد – يوم التغابن...
النفخ في الصور
منذ أن أهبط جل وعلا آدم وحواء عليهما السلام من السماء إلى الأرض وبدأ الصراع والأحداث والوقائع ما بين الحق والباطل على هذه الأرض على مدار هذه السنين المديدة فتقف الحركة في الأرض والسماء عندما ينفخ في الصور ويصعق من في السموات والأرض إلا من شاء الله قال تعالى: [وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ] {الزُّمر:68}.
وقد جاء في البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي ﷺ قوله «ولتقومنّ الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يبيعانه ولا يطويانه ولتقومنّ الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ولتقومنّ الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه ولتقومنّ الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها».
الصور الذي ينفخ فيه
الصور في لغة العرب: «قرن عظيم الخِلقة» وقد ذكر البخاري في صحيحه عن مجاهد بن جبر المكي أن الصور مثل البوق فإذا نَفخ فيه صاحب الصور النفخة الأولى يصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله سبحانه وإذا نَفخ فيه صاحب الصور النفخة الثانية ذهبت كل روح إلى جسده وقد قال رسول الله ﷺ عندما سُئل عن الصور فقال: «الصور قرن ينفخ فيه» رواه الترمذي وأبو داود وصححه الألباني.
النافخ في الصور
قال ابن حجر العسقلاني: «اشتهر أن صاحب الصور إسرافيل عليه السلام».
والذي لا إله غيره إن الساعة قريبة وأصبح إسرافيل مستعداً للنفخ في الصور فقد روى عبدالله بن المبارك في كتابه الزهد والترمذي في سننه وأبو نعيم في الحلية وأبو يعلى في مسنده وابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وصححه الألباني عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ : «كيف أنعم وقد التقم صاحب القرنِ القرنَ وحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر أن يؤمر أن ينفخ فينفخ. قال المسلمون: فكيف نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل توكلنا على الله ربنا».
اليوم الذي ينفخ فيه الصور
سيد الأنبياء والمرسلين هو محمد ﷺ وسيد الأيام في الأسبوع هو يوم الجمعة وقد أخبرنا سيد ولد آدم ﷺ أن اليوم الذي ينفخ فيه الصور هو سيد الأيام من الأسبوع فقد قال رسول الله ﷺ «إن من أفضل الأيام يوم الجمعة فيه خُلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا عليَّ من الصلاة فإن صلاتكم معروضة عليَّ» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والدارمي والبيهقي من حديث أوس بن أوس رضي الله عنه.
المدة التي ما بين النفختين
الذي يظهر أن إسرافيل ينفخ في الصور مرتين:
- النفخة الأولى: يحصل فيها الصعق.
- النفخة الثانية: يحصل فيها البعث
وقد سمى سبحانه وتعالى في القرآن النفخة الأولى «الراجفة» وسمى الثانية «الرادفة» وذلك في قوله تعالى [يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ] {النَّازعات:6}. وقد سمى سبحانه وتعالى في القرآن أيضاً النفخة الأولى «الصيحة» وسمى الثانية «النفخ بالصور» وذلك في قوله تعالى: [مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ * فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ]. {يس: 49-51}.
وقد جاءت الأحاديث النبوية مصرحة بالنفختين والمدة بينهما وقد جاء في صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «ما بين النفختين أربعون» قالوا: يا أبا هريرة أربعون يوماً. شهراً. سنة قال: أبيت. قال ابن حجر رحمه الله في كتابه فتح الباري: «زعم بعض الشرّاح أنه وقع عند مسلم (أربعين سنة) ولا وجود لذلك وقد أخرج بن مردويه من طريق سعيد بن الصلت عن الأعمش في هذا الإسناد قولهم (أربعون سنة) وهو شاذ من وجه ضعيف عن ابن عباس قال: (ما بين النفخة والنفخة أربعون سنة) وقد أخرج بن مردويه من طريق زيد بن أسلم عن أبي هريرة قال: ( ما بين النفختين أربعون) قال ابن التين: يحتمل أيضاً أن يكون علم ذلك لكن سكت ليخبرهم في وقت أو اشتغل عن الإعلام حينئذ».
الذين لا يصعقون عند النفخ في الصور
ذكر جل وعلا في كتابه العظيم أن بعض من في السموات ومن في الأرض لا يصعقون عندما يُصعق من في السموات ومن في الأرض قال تعالى: [وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ] {الزُّمر:68}.
وذهب بعض أهل العلم أن الأولى بالمسلم التوقف في تعيين الذين استثناهم لأنه لم يصح في ذلك نص يدل على المراد.
التعريف بالبعث والنشور
البعث والنشور: إعادة الأرواح في الأجسام بعد أمر الله عز وجل إسرافيل أن ينفخ في الصور وقيام الناس أمام رب العالمين.
وقد أخبر النبي ﷺ بأن السماء ينزل منها الماء فتنبت منه الأجساد وذلك قبل النفخة الثانية وهي «نفخة البعث والنشور».
البعث خلق جديد
يعيد الله العباد أنفسهم ولكنهم يخلقون خلقاً مختلفاً شيئاً ما عما كانوا عليه في الحياة الدنيا فمن ذلك:
1- أنهم لا يموتون مهما أصابهم البلاء.
2- يبصرون الملائكة والجن.
3- أهل الجنة لا يبصقون ولا يتغوطون ولا يتبولون.
4- تعظم الخِلقة لعظيم النعم أو لعظيم العذاب.
أول من تنشق عنه الأرض
جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر».
حشر الخلائق إلى الموقف العظيم
دلت النصوص من الكتاب والسُّنة الصحيحة أنه يُحشر الخلق جميعاً الإنس والجن والملائكة واختلف العلماء في البهائم واختار أبو العباس ابن تيمية أن البهائم تُحشر كما دل على ذلك الكتاب والسُّنة الصحيحة.
صفة حشر العباد
لا يُبعث العباد في ثيابهم التي كُفِّنوا بها أو ماتوا فيها وإنما يبعثهون على حالتهم التي ماتوا عليها مـن الإيمان أو الكفر، أو اليقين والشك كما يُبعث العبد على العمل الذي كان يعمله عند موته ويحشر الناس حُفاة عُراة غُرلاً غير مختونين وبُهماً لا شيء معهم.
جاء في صحيح البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: «إنكم محشورون حُفاة عُراةً غُرلاً». ثم قرأ [كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ] {الأنبياء:104} وعندما سمعت عائشة قول رسول الله ﷺ قالت: يا رسول الله الرجال والنساء جميعاً ينظر بعضهم بعضاً فقال رسول الله ﷺ «يا عائشة الأمر أشدَّ من أن ينظر بعضهم إلى بعض».
كسوة العباد يوم المعاد
يُكسى العباد كما صحت بذلك الأحاديث بأن الصالحين يكسون الثياب الكريمة ويُكسى الطالحون بسرابيل القطران ودروع الجرب ونحوها من الملابس المنكرة الفظيعة.
وأول من يكسى من عباد الله نبي الله إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام كما صح في ذلك الأحاديث.
والسبب في ذلك لأنه أول من لبس السراويل إذا صلى بالغ في التستر ويحتمل أنه عندما أُلقي في النار أنهم جردوه من ملابسه فجزاه الله بأنه أول من يكسى على رؤوس الخلائق أماناً له وليطمئن قلبه وإكراماً بفعله عليه السلام.
أرض المحشر
يُحشر العباد يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها معلم لأحد ولم يسفك عليها دم حرام ولم يعمل عليها خطيئة قط وليس فيها لابن آدم إلا موضع قدميه وهي في أرض الشام كما جاء في ذلك الأحاديث.
خاطرة إيمانية
اعلم رحمني الله وإياك بأن الله جل وعلا إذا أراد أمراً عظيماً قدم له مقدمات عظيمة فيوم القيامة تنوّعت فيه الأسماء والصفات لذلك اليوم العظيم وينفخ في الصور إيذاناً بقرع أبواب نهاية الحياة في الأرض والسماء وتجري الأهوال والأحداث إلى أن يقف الناس في موقف عظيم أمام رب العالمين ليس بين العبد وبين ربه جل وعلا ترجمان فهل تزودت لهذا الموقف العظيم بالإيمان والأعمال الصالحات؟!!!.
وقت تبديل الأرض والسموات
جاء في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله ﷺ عن قوله عز وجل [يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ] {إبراهيم:48} فأين يكون الناس يا رسول الله ؟ فقال: «على الصراط».
إذاً بهذا يكون وقت تبديل السموات والأرض وهو وقت مرور الناس على الصراط أو قبل ذلك بقليل وقال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما في الآية: «يزاد فيها وينقص منها ويذهب آكامها وجبالها وأوديتها وشجرها وتمد مد الأديم العكاظي».
المكذبون بالبعث والنشور
المكذبون بالبعث والنشور في الحقيقة بأنهم يكذبون الله ورسوله ﷺ بما يكون يوم المعاد، ويصنَّف هؤلاء المكذبون بالبعث والنشور إلى ثلاثة أصناف:
1- الملاحدة الذين ينكرون وجود الخالق وينكرون النشأة الأولى والثانية. فهؤلاء يناقشون في وجود الخالق ووحدانيته ثم يناقشون إثبات المعاد لأنه فرع من الإيمان بالله عز وجل.
2- الذين يعترفون بوجود الخالق ولكنهم يكذبون بالبعث والنشور. ومن هؤلاء كفار العرب الذين يدّعون أنهم يؤمنون بالله ولكنهم يدّعون أن الله يعجز عن إحيائهم بعد موتهم.
3- الذين يؤمنون بالمعاد على غير الصفة التي جاءت بها الشرائع السماوية.
أدلة البعث والنشور
ذكر جل وعلا في كتابه العظيم الأدلة على البعث والنشور وكذلك رسول الله ﷺ في السُّنة الصحيحة وقد ضرب سبحانه وتعالى الأمثال وذكر الأخبار ورد على منكري البعث والنشور ومن ذلك:
1- إخبار العليم الخبير بوقوع يوم القيامة.
2- الاستدلال على النشأة الأخرى بالنشأة الأولى.
3- القادر على خلق الأعظم قادر على خلق ما دونه.
4- القدرة على تحويل الخلق من حال إلى حال.
5- إحياء بعض الأموات في الحياة الدنيا.
6- إحياء الأرض بالنبات.
7- حكمة الله تقتضي بعث العباد للجزاء والحساب.
اتفاق جميع الأنبياء على الإخبار بالمعاد
الإيمان بيوم القيامة والجنة والنار من أصول الإيمان التي يشترك فيها الأنبياء جميعاً في شرائعهم وقد جاء في القرآن العظيم بيان ذلك ومنها:
1- أخبر القرآن عن جميع الأشقياء الكفار أهل النار أنهم يقرون بأن رسلهم أنذرتهم باليوم الآخر وكذبوهم.
2- عندما أهبط الله آدم إلى الأرض عرّفه البعث والمعاد.
3- أول الرسل نوح فحذّر قومه بيوم القيامة وضرب لهم الأمثلة.
4- أبو الأنبياء إبراهيم ذكر اليوم الآخر كثيراً.
5- مناجاة موسى ومحاورته لفرعون ذكر فيها اليوم الآخر.
6- هود وقد أنذر قومه وخوَّفهم بلقاء ربهم فكذبوه.
اليوم الآخر في كتب أهل الكتاب
لا شك أن الكتب السماوية التي أنزلها الله تبارك وتعالى فيها نصوص تذكر اليوم الآخر والتخويف من النار وأهوال يوم القيامة إلا أن هذه الكتب طرأ عليها التحريف.
الدلائل على عِظم أهوال يوم القيامة
يوم القيامة يوم عظيم وأمره شديد ويدل على ذلك:
1- وصف الله لذلك اليوم بالعظم.
2- الرعب والفزع الذي يصيب العباد في ذلك اليوم العظيم.
3- انقطاع علائق الأنساب يوم القيامة.
4- استعداد الكفّار يوم القيامة لبذل كل شيء في سبيل الخلاص من العذاب.
5- طول يوم القيامة في خمسون ألف سنة.
بعض معالم أهوال يوم القيامة
ذكر جل وعلا في كتابه العظيم وذكر نبينا محمد ﷺ في سنته المطهّرة معالم ذلك اليوم العظيم عندما تتغير الأرض غير الأرض والسموات غير السموات فالأرض يصيبها الزلازل وتندك والسماء تتشقق وتمور والجبال تُسيّر وتُنسف والبحار تُفجّر وتُسجَّر والشمس تكوّر وتذهب والقمر يُخسف والنجوم تنكدر ويذهب ضوؤها وينفرط عقدها وغيرها من معالم أهوال يوم القيامة. فهذه التغيرات والأهوال منها تغيرات علوية ومنها تغيرات سفلية.
قبض الأرض وطي السماء
يقبض الله تبارك وتعالى الأرض بيده يوم القيامة ويطوي السماوات بيمينه قال تعالى: [وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ] {الزُّمر:67}.
جاء في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ «يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض». وهذا القبض منه جل وعلا بعدما يحشر الناس في أرض المحشر.
والملك ينقسم إلى قسمين وهما:
1- ملك حقيقي: وهو الملك لله عز وجل فله ملك ما في السموات وما في الأرض.
2- ملك صوري: وهو ملك الإنسان في الدنيا فإذا مات انتهت الملكية.
دك الأرض ونسف الجبال
الأرض وما عليها من جبال راسيات إذا نفخ في الصور تُدك دكةً واحدة فتكون الجبال الراسيات رمالاً ناعمة وصوفاً خفيفاً وتسيَّر وتُنسف ثم تكون الأرض بارزة ظاهرة لا مرتفع فيها ولا منخفض ولا اعوجاج ولا نتوءات كما وصف كل هذا ربنا تبارك وتعالى في كتابه العظيم.
تفجير البحار وتسجيرها
من أهوال يوم القيامة العظيمة أن هذه البحار الواسعة تتفجَّر وتسجَّر وتشتعل ناراً ويرتفع منها اللهب كما قال تعالى في كتابه العظيم: [وَإِذَا البِحَارُ فُجِّرَتْ] {الانفطار:3} وقال تعالى: [وَإِذَا البِحَارُ سُجِّرَتْ] {التَّكوير:6} وقال تعالى: [وَالبَحْرِ المَسْجُورِ] {الطُّور:6}.
موران السماء وانفطارها
هذه السماء التي رُفعت من غير عمد ولا ترى فيها عيباً ولا شقوقاً تمور وتدور يوم القيامة كما يدور الرحى وتفتَّح وتضطرب وتنفطر وتتشقق ويتغير لونها تارة حمراء وتارة صفراء وتارة خضراء وتارة زرقاء كما وصف كل هذا ربنا تبارك وتعالى في كتابه العظيم.
تكوير الشمس وخسوف القمر وتناثر النجوم
هذا الخلق البديع وهو خلق الشمس والقمر والنجوم في هذه السماء العظيمة يحدث لها تغيرات هائلة يوم القيامة فالشمس تُكوّر والقمر يُخسف وتجمع وتُرمى في البحار وتشتعل ناراً ثم تُرمى في نار جهنم لأن من الناس من يعبدها من دون الله وقد قال تعالى: [إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ] {الأنبياء:98} وأما النجوم التي كانت زينة السماء وهداية المسافرين ورجوماً للشياطين فإنها تنحل عقدها فتتساقط وتتناثر فلا يبقى إلا وجهه الكريم سبحانه وتعالى.
خاطرة إيمانية
قال القرطبي: روى الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ : «من سرَّه أن ينظر إلى يوم القيامة فلْيقرأ [إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ]، [إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ]، [إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ]» رواه الترمذي والحاكم وأحمد، قال الألباني: حديث صحيح.
وقد وُصِف ذلك اليوم العظيم في هذه الأبيات فرحم الله كاتبها وقارئها:
مثّل لنفسك أيها المغرور | يوم القيامة والسماء تمور | |
إذْ كوّرت شمس النهار وأُدنيت | حتى على رأسِ العباد تسير | |
وإذا النجوم تساقط وتناثرت | وتبدّلت بعد الضياء تدور | |
وإذا البحار تفجّرت من خوفها | ورأيتَها مثل الجحيم تفور | |
وإذا الجبال تقلَّعت بأصولها | فرأيتها مثل السحاب تسير | |
وإذا العشار تعطلت وتخرَّبت | خلت الديار فما بها معمور | |
وإذا الوحوش لدى القيامة أُحشرت | وتقول للأملاك أين تسير | |
وإذا تقاة المسلمين تزوجت | من حور عين زانهنّ شعور | |
وإذا المؤودة سُئلت عن شأنها | وبأي ذنب قتلها ميسور | |
وإذا الجليل طوى السماء بيمينه | طي السجل كتابه المنشور | |
وإذا الصحائف نُشِّرت فتطايرت | وتهتكت للمؤمنين ستور | |
وإذا السماء تكشطت عن أهلها | ورأيت أفلاك السماء تدور | |
وإذا الجحيم تَسعَّرت نيرانها | فلها على أهل الذنوب زفير | |
وإذا الجنان تزخرفت وتطيبت | لفتى على طول البلاء صبور | |
وإذا الجنين بأمه متعلق | يخشى القصاص وقلبه مذعور | |
هذا بلا ذنب يخاف جنينُه | كيف المصر على الذنوب دهور |
ذلّة الكفّار وهوانهم وحسرتهم ويأسهم
المتأمل في نصوص الكتاب والسُّنة يجد أن الأهوال والمصائب العظيمة تنزل بالكفار المجرمين فإذا نفخ إسرافيل في الصور يخرجون من قبورهم خائفين أبصارهم شاخصة وقد أُلبسوا الذل والهوان يقصدون إلى مصدر الصوت بسرعة وقوة مثل ما كانوا يفعلونه إذا ذهبوا إلى من يعبدونهم من دون الله في الدنيا الحقيرة فيأتي هؤلاء الكفار مقرّنة أيديهم وأرجلهم إلى رقابهم بالأصفاد من الأغلال والسلاسل ويسحبون على وجوههم وعليهم اللباس من القطران وقد علاهم عرقهم وساخ في الأرض والشمس قريبة منهم على قدر ميل وقد أصابتهم الحسرة ودخل عليهم اليأس وأيقنوا أنَّ ذنبهم غير مغفور وعذرهم غير مقبول ويتمنون الموت ولا موت لهم ويتمنون الراحة ولا راحة لهم.
إحباط أعمال الكفّار
أعمال الكفار التي فيها بغي وفساد وطغيان لا يرجون الكفار من ورائها خبر ولا ثواب وأما أعمالهم التي فيها صلة الأرحام والصدقات والعتاق والإنفاق في سبيل الخير فيظنون أنها تنفعهم ولن تنفعهم يوم القيامة بل شبهها جل وعلا في كتابه بالسراب للظمآن وبالريح الشديدة الباردة التي تهب على الزروع المثمرة فتهلكها وكالرماد الذي ذرّته الريح الشديدة والمقصود من ذلك كله أنها لا تنفعهم أبداً فقد روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله عبدالله بن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذاك نافعه؟ فقال رسول الله ﷺ : «لا ينفعه إنه لم يقل يوماً: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين».
تخاصم أهل النار
عندما يعاين الكفّار النار بعين اليقين وما أُعد لهم من العذاب فيها يمقتون أنفسهم أشد المقت ويمقتون أحبابهم وخلاّنهم في الحياة الدنيا بل لأن كل محبة لم تقم على أساس من الإيمان تنقلب إلى عداوة في ذلك اليوم العظيم فأهل النار يخاصم بعضهم بعضاً ويحاج بعضهم بعضا العابدون والمعبودون والأتباع والسادة والمتبعون والضعفاء والمتكبرون والإنسان وقرينه بل يخاصم الكافر أعضاءه من بدنه وقد ذكر هذه المشاهد ربنا جل وعلا في كتابه العظيم وفي سنة سيد الأنبياء والمرسلين ﷺ .
الذين لا يؤدون الزكاة
جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : «من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مُثّل ماله يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه: يعني شدقيه ثم يقول: أنا مالك أنا كنزك ثم تلا: [وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ] {آل عمران:180} » .
وجاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ «ما من صاحب ذهب ولا فضة ولا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفّحت له صفائح من نار فأُحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أُعيدت عليه يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يُقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار... الحديث».
المتكبرون
عندما يبعث الله العباد يُحشر المتكبرون في صورة مهينة ذليلة جاء في سنن الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله ﷺ : «يُحشر المتكبرون أمثال الذر يوم القيامة في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان» رواه الترمذي وقال الألباني: إسناده حسن والذر صغار النمل وصغار النمل لا يعبأ به الناس فيطؤونه بأرجلهم وهم لا يشعرون.
ذنوب لا يكلم الله أصحابها ولا يزكيهم
جاءت نصوص كثيرة ترهّب من ذنوب توعد الله من ارتكبها بأن لا يكلمه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب أليم فمن هؤلاء:
1- الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب وهم الأحبار والرهبان والعلماء الذين يكتمون العلم إرضاءً للحكّام أو تحقيقاً لمصلحة أو طلباً لعرض دنيوي.
2- العاق لوالديه.
3- المسبل إزاره.
4- المنفق سلعته بالحلف الكاذب.
5- المنّان.
6- الحلف بالله لاقتطاع مال امرئ مسلم.
7- الشيخ الزاني.
8- الملك الكذّاب.
9- العائل المستكبر.
10- الديّوث.
11- المرأة المشبِّهة بالرجال.
12- مانع ابن السبيل فضل ماء عنده.
الأثرياء المنعّمون
الذين يركنون إلى الدنيا ويطمئنون إليها ويكثرون من التمتع بنعيمها يُضيّق عليهم يوم القيامة.
جاء في سنن الترمذي وابن ماجه ومستدرك الحاكم أن الرسول ﷺ قال لأحد أصحابه: «كف عنّا جشاءك فإن أكثرهم شبعاً في الدنيا أطولهم جوعاً يوم القيامة» قال الألباني: حديث حسن.
وجاء في الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : «إن المكثرين هم المقلون يوم القيامة إلا من أعطاه الله تعالى خيراً فنفخ فيه بيمينه وشماله وبين يديه وورائه وعمل فيه خيراً».
وجاء في سنن ابن ماجة عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ «الأكثرون هم الأسفلون يوم القيامة إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وكسبه طيب». قال الألباني: حسن صحيح.
فضيحة الغادر
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ : «إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع كل غادر لواء فقيل: هذه غدرة فلان ابن فلان» رواه مسلم. والغادر: الذي يواعد على أمر ولا يفي به. واللواء: الراية العظيمة وتُجعل هذه الراية عند مؤخرته كما في صحيح مسلم.
الغلول
الغلول: الأخذ من الغنيمة على وجه الخفية.
وهذا ذنب يُخفي تحته شيئ من الطمع والأثرة وقد توعد الله تبارك وتعالى الغال بفضحه يوم القيامة على رؤوس الأشهاد، قال الله تعالى: [وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ] {آل عمران:161}.
غاصب الأرض
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ : «من أخذ من الأرض شيئاً بغير حقه خُسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين» رواه البخاري.
ذو الوجهين
شر الناس يوم القيامة المتلوّن الذي لا يثبت على حال واحدة وموقف واحد فيأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه.
روى البخاري في الأدب المفرد وغيره عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : «من كان له وجهان في الدنيا كان له لسان من نار يوم القيامة».
الحاكم الذي يحتجب عن رعيته
روى أبو داود وابن ماجه والحاكم بإسناد صحيح عن أبي مريم الأزدي قال: قال رسول الله ﷺ : «من ولي من أمور المسلمين شيئاً فاحتجب دون خلتهم وحاجتهم وفقرهم وفاقتهم احتجب الله عنه يوم القيامة دون خلته وحاجته وفاقته وفقره».
الذي يسأل وله ما يغنيه
يبعث الله عز وجل من كان يسأل الناس وله ما يغنيه وفي وجهه ما يشوهه من خموش أو كدوش.
جاء في مسند الإمام أحمد عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله ﷺ : «مسألة الغنى شين في وجهه يوم القيامة».
البصاق في اتجاه القبلة
جهة القبلة محترمة ومقدّسة ولذا جاءت الأحاديث ناهية عن استقبال القبلة واستدبارها حال البول والغائط ومما نهي عنه كذلك البصاق اتجاه القبلة.
جاء في مسند البزار وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ : «تبعث النخامة في القبلة يوم القيامة وهي في وجه صاحبها».
وجاء في سنن أبي داود وغيره عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : «من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفله بين عينيه».
من كذب في حلمه
روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال: «من تحلم بحلم لم يره كُلِّف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون أو يفرون منه صُبَّ في أُذنيه الأنك يوم القيامة».
سُئل الإمام مالك رحمه الله عن الذي يكذب في الرؤيا فقال: «أبالنبوة يلعب؟».
خاطرة إيمانية
إن من أعظم الحسرة والندامة أن يأتي العبد يوم القيامة وهو محمّل بالذنوب والمعاصي وهو يعتقد أنه قد أحسن عملاً ولذا فإن أشد ما يحمله العبد يوم القيامة الأوزار وأنها من أسباب دخول دار البوار: [مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا] {نوح:25} وفي هذا الوقت لا تنفع التوبة والاستغفار فلْيحرص العبد على أن يزداد من الخير للقاء رب الأرباب يوم التناد قال جل في علاه: [وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى] {البقرة:197}.
يفزع الناس يوم القيامة
السر العظيم في هذا الأمن الذي يشمل الله به عباده الأتقياء أن قلوبهم كانت في الدنيا عامرة بمخافة الله فأقاموا ليلهم وأظمؤوا نهارهم واستعدوا ليوم الوقوف بين يدي الله عز وجل.
فلما كان العبد أكثر إخلاصاً لربه تبارك وتعالى كان أكثر أمناً يوم القيامة فالموحدون المخلصون لهم الأمن التام يوم القيامة.
الذين يظلهم الله في ظله
عندما يقف الناس أمام رب العالمين وتدنو الشمس منهم قدر ميل ويتفاوت عرق الناس فيما بينهم على قدر أعمالهم يستظل أُناس تحت ظل عرش الرحمن وهؤلاء ذكروا في أصناف متعددة وربما يجمع الإنسان بعضها أو كلها ومن هؤلاء: «الإمام العادل والشاب الذي نشأ في طاعة الله والذي قلبه معلَّق بالمساجد والمتحابون في الله ومن ترك الفاحشة خوفاً من الله والمنفق في سبيل الله في الخفاء ومن فاضت عيناه لله وإنظار المعسر أو الوضع عنه ومن نفس عن غريمه أو محا عنه».
الذين ييسرون على المعسرين
روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «كان رجل يداين الناس فكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسراً تجاوز عنه لعل الله أن يتجاوز عنّا قال: فلقي الله فتجاوز عنه».
المتقون الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا
العادلون يوم القيامة في مقام رفيع يجلسون على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين فقد جاء في صحيح مسلم عن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ : «إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا».
الشهداء والمرابطون
إذا فزع الناس يوم القيامة فإن الشهيد لا يفزع جاء في سنن الترمذي وابن ماجه عن المقدام بن معدي كرب قال: قال رسول الله ﷺ : «للشهيد عند الله ست خصال: يُغفر له في أول دفعة ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار والياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفّع في سبعين من أقربائه».
كذلك المرابط في سبيل الله فإنه يأمن من الفزع الأكبر فقد جاء في الطبراني بإسناد صحيح عن أبي الدرداء عن النبي ﷺ: «رباط يوم خير من صيام دهر ومن مات مرابطاً في سبيل الله أمن من الفزع الأكبر وغدي عليه برزقه وريح من الجنة ويجري عليه أجر المرابط حتى يبعثه الله».
الكاظمون الغيظ
يوم القيامة يدعو رب العزة والجلال مَنْ كظم غيظه على رؤوس الخلائق ثم يخيِّره من أي الحور العين شاء.
روى الترمذي وأبو داود وحسن إسناده الألباني عن سهل بن معاذ بن جبل عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ : «من كظم غيظاً وهو يقدر أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من أي الحور العين شاء».
عتق الرقاب المسلمة
من أعظم الأعمال الكريمة التي يتمكن صاحبها من اقتحام العقبات يوم القيامة عتق الرقاب قال الله تعالى: [فَلَا اقْتَحَمَ العَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا العَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ] {البلد:11-13}. وروى الإمام أحمد عن عقبة بن عامر الجهني أن رسول الله ﷺ قال: «من أعتق رقبة مسلمة فهو فداؤه من النار».
فضل المؤذنين
من الذين يظهر فضلهم يوم القيامة المؤذنون فهم أطول الناس أعناقاً في ذلك اليوم العظيم، فقد جاء في مسلم عن معاوية بن أبي سفيان قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة».
فطول أعناقهم مناسب لما قاموا به في الدنيا برفع كلمات التوحيد والدعوة إلى الصلاة وحالهم في الآخرة اشتياق لرحمة الله عز وجل في ذلك اليوم العظيم.
الذين يشيبون في الإسلام
يكون الشيب للمسلم يوم القيامة نوراً فقد جاء في ذلك الحديث كما في سنن الترمذي والنسائي عن كعب بن مُرة أن رسول الله ﷺ قال: «من شاب شيبة في الإسلام كانت له نوراً يوم القيامة» .
فضل الوضوء
جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن أمتي يُدعون يوم القيامة غُراً محجّلين من أثر الوضوء».
فهذه الغرة والتحجيل تكون للمؤمن حلية يوم القيامة ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : «تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء».
الشفاعة
يشتد البلاء بالناس في ذلك الموقف العظيم أمام رب العالمين فيذهبون لأُولي العزم من الرسل ليشفعوا لهم ويقف المطاف عند خاتم الأنبياء والمرسلين فيشفع لأمته ولأهل الموقف وقد ثبت في البخاري ومسلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ : «كل نبي سأل سؤالاً أو قال: لكل نبي دعوة دعاها لأمته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة».
أنواع الشفاعة
أنواع الشفاعات التي تقع في ذلك اليوم العظيم:
الأولى: الشفاعة العظمى وهي المقام المحمود الذي يرغب الأولون والآخرون فيه إلى الرسول ﷺ ليشفع إلى ربه كي يخلص العباد من أهوال المحشر.
الثانية: الشفاعة في أهل الذنوب من الموحدين الذين دخلوا النار أن يخرجوا منها.
الثالثة: شفاعة الرسول ﷺ في أقوام تساوت حسناتهم وسيئاتهم فيشفع فيهم ليدخلوا الجنة.
الرابعة: شفاعة الرسول ﷺ في رفع درجات من يدخل الجنة فيها فوق ما كان يقتضيه من ثواب أعمالهم.
الخامسة: شفاعة الرسول ﷺ في أقوام يدخلون الجنة بغير حساب كما في حديث عكاشة بن محصن رضي الله عنه.
السادسة: شفاعة الرسول ﷺ في تخفيف العذاب على عمه أبي طالب.
السابعة: شفاعة الرسول ﷺ في الإذن بدخول الجنة للمؤمنين.
الحساب والجزاء
يقف العباد بين يدي رب العالمين ليس بينه وبينهم حجاب ولا ترجمان ويعرفهم بأعمالهم التي عملوها وما كانوا عليه في الدنيا من إيمان وكفر واستقامة وانحراف وطاعة وعصيان ويكون الحساب منه العسير ومنه اليسير ومنه التكريم ومنه التوبيخ والمتولي ذلك هو أكرم الأكرمين وهو العزيز الحكيم.
مشهد الحساب
عندما تشرق الأرض بنور ربها ويجيء جل وعلا لفصل القضاء وتجيء الملائكة بكتب الأعمال التي أحصت على الخلق أعمالهم في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ويجيء الرسل في موقف الفصل والقضاء والحساب ويسألون عن الأمانة التي حمّلهم الله إياها ويقوم الأشهاد في ذلك الموقف العظيم فيشهدون على الخلائق بما كان منهم والأشهاد هم الملائكة والأنبياء والعلماء والأرض والسماء والليالي والأيام والجوارح ويقوم الناس صفوفاً أمام رب العالميـن للعرض والحساب ولشدة ما يراه الناس في ذلك الموقف العظيم يجثون على ركبهم.
فنسأل الله العلي القدير أن يسترنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض وأن يدخلنا الفردوس الأعلى من الجنة.
خاطرة إيمانية
إذا بُعث العباد من قبورهم إلى الموقف وقاموا فيه ما شاء الله حُفاةً عُراةً غُرلاً بُهماً وجاء وقت الحساب الذي يريد الله أن يحاسبهم فيه أمر بالكتب التي كتبتها الملائكة الكرام الكاتبون وذكّر الناس بأعمالهم فمنهم من يؤتى كتابه بيمينه فأولئك هم السعداء ومنهم من يؤتى كتابه بشماله من وراء ظهره وهم الأشقياء فعند ذلك يقرأ كل فريق كتابه فالسعداء إلى الجنة والأشقياء إلى نار.
مثّل وقوفك يوم العرض عرياناً | مستوحشاً قلق الأحشاء حيرانا | |
والنار تلهّب من غيظ ومن حنق | على العصاة ورب العرش غضبانا | |
إقرأ كتابك يا عبدي على مهل | فهل ترى فيه حرفاً غير ما كانا | |
لما قرأت ولم تنكر قراءته | إقرار من عرف الأشياء عرفانا | |
نادى الجليل خذوه يا ملائكتي | امضوا بعبد عصا للنار عطشانا | |
المشركون غدا في النار يلتهبوا | والمؤمنون بدار الخُلد سكانا |
سؤال الكفّار
الصحيح أن الكفار محاسبون مسئولون كما أن أعمالهم توزن وعلى هذا الأدلة من الكتاب والسُّنة الصحيحة.
فيحاسبون الكفار وتوزن أعمالهم مع أن أعمالهم هابطة ومردودة لأمور وهي:
الأول: إقامة الحجة عليهم وإظهار العدل المطلق والحكمة.
الثاني: توبيخهم وتقريعهم وفضيحتهم على رؤوس الخلائق.
الثالث: أن الكفار مكلّفون بأصول الشريعة وفروعها وعليه الأدلة.
الرابع: أن الكفّار يتفاوتون في كفرهم وذنوبهم والنار لهم بمقدار ذلك.
ووزن أعمال الكفّار أن يوضع في إحدى الكفتين كفره وسيئاته ولا يوجد في الكفة الأخرى حسنة فترجح كفة السيئات لأن الأصل في ذلك أن الشرك يحبط الأعمال.
القواعد التي يحاسب العباد على أساسها
لو عذب الله جميع خلقه لم يكن ظالماً لهم لأنهم عبيده وملكه ويتصرف في ملكه كيف يشاء ولكن الحق تبارك وتعالى يحكم بين عباده في محاكمة عادلة لم يشهد لها مثيل والقواعد التي يحاسب العباد على أساسها هي:
1- العدل التام الذي لا يشوبه ظلم.
2- لا يؤخذ أحد بجريرة غيره فكل نفس مأخوذة بجرمها وإثمها والإنسان يتحمّل إثم ما ارتكب من الذنوب وإثم من أضلهم بقوله وفعله كما أن دعاة الهُدى يؤجرون.
3- اطلاع العباد على ما قدّموه من أعمال.
4- مضاعفة الحسنات دون السيئات.
5- إقامة الشهود على الكفّار والمنافقين.
ما يُسأل عنه العباد
أعظم ما يُسأل عنه الآلهة التي كانوا يعبدونها وعن إجابتهم المرسلين وعن أعمالهم في الدنيا والعهود والمواثيق والأسماع والأبصار والأفئدة فيكون الذي يسأل عنه العباد:
1- الكفر والشرك.
2- ما عمله في دنياه.
3- النعيم الذي يتمتع به في دنياه.
4- العهود والمواثيق المشروعة التي بين العباد فإن الله سائل العبد عن الوفاء به.
5- السمع والبصر والفؤاد.
أول ما يحاسب عليه العبد
أول ما يحاسب عليه العبد من حقوق الله تبارك وتعالى: الصلاة وأول ما يحاسب عليه العبد من حقوق الناس: الدماء.
أنواع الحساب
بعض العباد يدخلون الجنة بغير حساب، ومن العباد من يحاسبون ويتفاوت حسابهم يوم القيامة وهم على نوعين:
1- الحساب العسير: وهم الذين أشركوا بالله وكفروا به وبعض عصاة الموحدين يطول حسابهم ويعسر بسبب كثرة الذنوب.
2- الحساب اليسير: وهم الذين لا يناقشون الحساب ولا يدقق عليهم وإنما تعرض عليهم ذنوبهم ثم يتجاوز لهم عنها.
ختام مشهد الحساب
في ختام مشهد الحساب يعطى كل عبد كتابه المشتمل على سجل كامل لأعماله التي عملها في الحياة الدنيا وتختلف الطريقة التي يؤتى بها العباد كتبهم.
فأما المؤمن: يؤتى كتابه بيمينه من أمامه فيحاسب حساباً يسيراً وينقلب إلى أهله مسروراً رافعاً صوته بفوزه.
فأما الكافر والمنافق وأهل الضلال: فإنهم يؤتون كتبهم بشمالهم من وراء ظهورهم وعند ذلك يدعو الكافر بالويل والثبور.
اقتصاص المظالم بين الخلق
يقتص الحكم العدل يوم القيامة للمظلوم من ظالمه حتى لا يبقى لأحد عند أحد مظلمة حتى الحيوان يقتص لبعضه من بعض.
جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «لتؤدنّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء».
كيف يكون الاقتصاص يوم القيامة ؟
يوم القيامة رأس مال الإنسان حسناته فإذا كانت عليه مظالم للعباد فإنهم يأخذون من حسناته بقدر ما ظلمهم فإن لم يكن له حسنات أو فنيت حسناته فإنه يؤخذ من سيئاتهم فتطرح فوق ظهره.
جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : «من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلل منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه».
عظم شأن الدماء
من أعظم الأمور عند الله أن يسفك العباد بعضهم دم بعض في غير الطريق الشرعي الذي شرعه الله تبارك وتعالى.
جاء في سنن الترمذي وأبي داود وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ : «يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده وأوداجه تشخب دماً فيقول: يا رب سل هذا فِيمَ قتلني؟ حتى يدنيه من العرش».
وجاء في البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء».
متى يُقتص للمؤمنين بعضهم من بعض؟
جاء في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار فيتقاضون مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا نقُّوا وهُذِّبوا أُذن لهم بدخول الجنة فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم بمسكنه في الجنة أدل بمنزله كان في الدنيا».
الميزان
دلت النصوص على أن الميزان ميزان حقيقي لا يقدر قدره إلا الله تعالى وهو ميزان دقيق ولا يزيد ولا ينقص.
روى الحاكم عن سلمان الفارسي رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «يوضع الميزان يوم القيامة فلو وزن فيه السموات والأرض لوسعت فتقول الملائكة: يا رب لمن يزن هذا؟ فيقول الله تعالى: لمن شئت من خلقي فتقول الملائكة: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك».
وقد رجح ابن حجر رحمه الله أن الميزان يوم القيامة ميزان واحد وقال رحمه الله: «ولا يشكل بكثرة من يوزن عمله لأن أحوال القيامة لا تُكيّف بأحوال الدنيا».
الميزان عند أهل السُّنة والجماعة
الميزان عند أهل السُّنة والجماعة ميزان حقيقي توزن به أعمال العباد وخالف في هذا المعتزلة وقلة قليلة من أهل السُّنة.
إذاً الميزان الذي يُنصب يوم القيامة تواترت بذكره الأحاديث وأنه ميزان حقيقي وهو ظاهر القرآن العظيم والسُّنة الصحيحة وقد رد الإمام أحمد على من أنكر الميزان بأن الله تعالى ذكر الميزان في قوله [وَنَضَعُ المَوَازِينَ القِسْطَ لِيَوْمِ القِيَامَةِ] {الأنبياء:47} والنبي ﷺ ذكر الميزان يوم القيامة فمن رد على النبي ﷺ رد على الله عز وجل.
ما الذي يوزن في الميزان؟!
لعل الحق في هذه المسألة أن الذي يوزن في الميزان هو العامل وعمله وصحائف أعماله وقد دلت على هذا النصوص الصحيحة على أن كل واحد من هذه الثلاثة يوزن ويكون هذا مقتضى الجمع بين الأدلة في هذه المسألة وهذه بعض الأدلة:
- دليل وزن العامل: أن عبدالله بن مسعود كانت له ساقان دقيقتان فجعلت الريح تلقيه فضحك القوم فقال رسول الله ﷺ: «والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أُحد».
- دليل وزن الأعمال: قال رسول الله ﷺ: «كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم».
- دليل وزن الصحائف: حديث البطاقة «لا إله إلا الله».
الأعمال التي تثقل في الميزان
أثقل ما يوضع في الميزان هو حُسن الخُلق فعن أبي الدرداء عن النبي ﷺ قال: «إن أثقل شيء يوضع في ميزان العبد يوم القيامة خُلق حسن وإن الله يبغض الفاحش البذيء» رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وكذلك مما يثقّل الميزان قول: «سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم». وكذلك مما يثقّل الميزان قول: «الحمد لله».
الحوض
يكرم الله عبده ورسوله محمداً ﷺ في الموقف العظيم بإعطائه حوضاً واسع الأرجاء ماؤه أبيض من اللبن وأحلى من العسل وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السماء يأتيه هذا الماء الطيب من نهر الكوثر الذي أعطاه الله لرسوله ﷺ ترد عليه أمته فمن شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً.
كل أمة تتبع الإله الذي كانت تعبده
في ختام هذا اليوم العظيم يحشر العباد إما إلى الجنة وإما إلى النار وهما المقر الأخير الذي يصير إليه العباد جميعاً.
وفي آخر هذا اليوم يُطلب من كل أمة أن تتبع الإله الذي كانت تعبده.
فالذي كان يعبد الشمس يتبع الشمس.
والذي كان يعبد القمر يتبع القمر.
والذي كان يعبد الأصنام يتبع الأصنام.
والذين كانوا يعبدون فرعون يتبعونه فتسقط هذه الآلهة في النار ويسقط عبّادها وراءها في نار جهنم كما قال تعالى: [يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الوِرْدُ المَوْرُودُ] {هود:98}.
ولا يبقى إلا المؤمنون وبقايا من أهل الكتاب وفي المؤمنين المنافقون الذين كانوا معهم في الدنيا فيأتيهم ربهم فيقول لهم: ما تنتظرون؟ فيقولون: ننتظر ربنا فيعرفونه بساقه عندما يكشفها لهم ويخر المؤمنون سجّداً، وأما المنافقون فلا يستطيعون فتكون ظهورهم طبقة واحدة ويرمون في النار قال تعالى: [يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ] {القلم:42} وينصب الصراط ويمر المؤمنون عليه على قدر أعمالهم ويتساقط المنافقون.
حشر الكفّار إلى النار
جاءت النصوص الكثيرة التي تصور لنا كيف يحشر الكفّار إلى النار مع آلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله عز وجل فمن ذلك:
1- أنهم يحشرون كقطعان الماشية جماعات جماعات ويُنهرون نهراً.
2- أنهم يحشرون إلى النار على وجوههم لا كما كانوا يمشون في الدنيا على أرجلهم فهم يحشرون على وجوههم عمياً لا يرون وبكماً لا يتكلمون وصماً لا يسمعون.
3- أنهم يحشرون مع آلهتهم الباطلة وأعوانهم وأتباعهم.
4- أنهم يحشرون مغلوبين مقهورين صاغرون.
5- أنهم يحشرون وإذا عاينتهم النار وهم على بُعد منها سمعوا صوتها وزفيرها فتصك مسامعهم وتملأ قلوبهم رُعباً وهلعاً.
6- أنهم يحشرون وإذا رأوا النار وعاينوا أهوالها يندمون ويتمنون العودة إلى الدنيا كي يؤمنوا ولكن لا يجدون ذلك.
7- أنهم يحشرون إلى النار ويأمرون بدخولها ويغضب الجبّار والذلة والخسارة عليهم ولا ينجو منهم أحد من الجن والإنس إلا الأتقياء منهم.
معنى ورود النار
ذهب بعض العلماء إلى أن المراد بالورود هو المرور على الصراط في قوله تعالى: [وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا] {مريم:71} وهو الأظهر والأقوى من أقوال العلماء لأن الله تعالى قال بعد ذلك [ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا] {مريم:72}.
حقيقة الصراط عند أهل السُّنة والجماعة
قال السفاريني: «الصراط في اللغة الطريق الواضح…. وفي الشرع جسر ممدود على متن جهنم يرده الأولون والآخرون فهو قنطرة بين الجنة والنار….».
وقال السفاريني: «اتفقت الكلمة على إثبات الصراط في الجملة لكن أهل الحق يثبتونه على ظاهره من كونه جسراً ممدوداً على متن جهنم أحدُّ من السيف وأدقُّ من الشعر….».
خاطرة إيمانية
تخيل نفسك إذا صرت على الصراط ونظرت إلى جهنم تحتك سوداء مظلمة وعلا لهيبها وارتفع صوت زفيرها وأنت تمشي أحياناً وتزحف أحياناً فلا نجاة من ذلك الموقف العظيم والحدث الرهيب إلا بالمسارعة بالأعمال الصالحات ولزوم التقوى لرب العالمين.
أبت نفسي تتوب من احتيالي | إذا برز العباد لذي الجلالِ | |
وقاموا من قبورهم سُكارى | بأوزار كأمثــــال الجــبالِ | |
وقد نصب الصراط لكي يجوزوا | فمنهم من يكب على الشمالِ | |
ومنهم من يسير لدار عدن | تلقــاه العرائـس بالغوالـــي | |
يقول لـه المهيمــن يـــا وليي | غفرت لك الذنوب فلا تبالي |
موعظة
سبحان من أحاط بعلمه الكائنات وأطّلع على النيات وعلم بنهايات الأمور يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ويعلم ما في الضمير ولا يغيب عنه الفتيل والقطمير ليس كمثله شيء وهو السميع البصير نحمده ونشكره على نعمائه الظاهرة والباطنة ونصلي ونسلم على سيد البشر صاحب الآيات الباهرة وعلى آله وصحبه من الأنصار والمهاجرة أما بعد
فإذا ضل الحادي في الصحراء ومال الركب عن الطريق وحارت القافلة نادى المنادي يا الله.
إذا أغلقت الأبواب أمام الطالبين وحلت النّكبة ووقعت المصيبة نادى المنادي يا الله.
إذا بارت الحيل وضاقت السُبل وانتهت الآمال وتقطعت الحبال نادى المنادي يا الله.
إذا ضاقت الأرض بما رحُبت وضاقت الأنفس بما حُمّلت نادى المنادي يا الله.
باسمه تشدو الألسن وتطمئن القلوب وتسكن الأرواح وتهدأ المشاعر وتبرد الأعصاب.
الله أحسن الأسماء..
الله أصدق العبارات..
الله أجمل الحروف..
الله أثمن الكلمات..
[هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا]..
إنه الله جل جلاله
يبدى ويُعيد وينشىء ويبيد وهو فعّال لما يريد..
لم يخلق الخلق سُدى وهو الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى..
دخل موسى وهارون على رأس الطغيان..
فهابا من السلطان والصولجان..
وخافا في ساعة الامتحان..
فنادى رب الورى [قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى] {طه:46}.
دخل سيد البشر والصديق كما صح في ذلك الخبر..
فدخلا الغار وأحاط بهما الكفّار..
وفوض الأمر إلى الله الواحد القهّار..
فقال الله جلا جلاله ونطق بها رسوله [لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا]..
فسبحان من مدح نفسه قبل أن يمدحه المادحون..
فسبحان من أثنى على جلاله قبل أن يُثني عليه المثنون..
فقال عن نفسه: [إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا]..
فو الذي نفسي بيده من عرف الله حق المعرفة فإنه لا يتجرأ أن يعصيه أي معصية
وضع إبراهيم الخليل في المنجنيق فقال له جبريل: ألك حاجة فقال: أما إليك فلا وأما إلى الله فنعم..
فلما أرسل إلى النار قال الخليل: حسبنا الله ونعم الوكيل... فجعلها رب العالمين برداً وسلاماً على إبراهيم عليه السلام.
قال فرعون: هذه الأنهار تجري من تحتي فعاقبه الجبّار بخلاف ما قال وأجرى عليه البحار من فوقه وأخرجه ليكون للناس آية وعلامة إلى يوم القيامة.
مُزق ملك كسرى بعدما مزّق خطاب رسول الله ﷺ فقال نبي الملاحم: «اللهم مزق ملكه» ولم يبق من ذلك الوقت إلى قيام الساعة للفُرس ملكاً.
جل جلاله وتقدّست أسماؤه وصفاته..
لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه حجابه النور لو كشفت لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره ويمينه ملأى سحّاء الليل والنهار وله مقاليد السموات والأرض وقلوب العباد بيده وملك الملوك في قبضته وهو الذي أسال من رؤوس الجبال أنهاراً وتفجّرت الأحجار من خشيته ماءً وتجلى للجبل فانهار دكاً وخر موسى صعقاً وأطَّت السماء وحُق لها أن تئط من ازدحام الملائكة في طاعته مسبّحين بحمده فسبحان الواحد القهّار..
كل أسمائه حُسنى وكل صفاته عُليا وكل أفعاله حكمة وكل شريعته رحمة.
هذا أُبي بن كعب سيد القرّاء بلغ أعلى مراتب المحبة والوفاء في اتباع السُّنة فأمر الله جل وعلا نبيه ﷺ أن يقرأ عليه سورة البيّنة.
فقال أُبي: وسماني في الملأ الأعلى؟
قال نبي الرحمة: نعم.
فبكى أُبي وهو بكاء الفرح والغبطة والسرور كما قيل:
طفح السرور عليَّ حتى إنني | من عظم ما قد سرني أبكاني |
إن من عظمة الباري الخوف من مقامه والتماس رحماته ومعرفة قدره وقهره وإنه سميع دعاء من سأله وفارج الكرب وكاشف السوء ومجيب المضطر فالق الإصباح مزيل الهمّ ورافع الغم حبيب المحبين وأنيس المستوحشين...
هذا أبو الفضل الشيرازي يقول في كتابه: إن رجلاً من الصالحين خاف عدواً يقصده بضرر ودبّر له مكيدة فالتجأ إلى الله بالدعاء وانطرح عند بابه ولاذ بجنابه فرأى في المنام وسمع صوتاً وهاتفاً يقرأ سورة الفيل فعندما أصبح كفاه الله عدوه وجعل كيده في نحره وجعل تدميره تدبيره وكفاه شره وأهلكه.
ألم تسمع يا رعاك قول الله: [إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا] {الحج:38} .
فكلما ازداد العبد إيماناً زاد الله عنه دفاعاً
فالله أحق من مُدح وأجل من ذُكر وأعظم من عُبد
إلهي لا تعذّب أسماعاً اطمأنت لذكرك..
إلهي لا تعذّب ألسناً قرأت كتابك..
إلهي لا تعذّب أقداماً سارت إلى مرضاتك.
إلهي لا تعذّب أبصاراً تفكرت في مخلوقاتك.
إلهي لا تعذّب ولا تشوي خلقنا بنارك..
إلهي اشتقنا لرحمة من رحماتك..
إلهي اشتقنا لرؤية جمال وجهك..
إلهي اشتقنا لسماع ولذة خطابك..
إلهي اشتقنا أن تجمعنا بمحمد سيد أنبيائك..
إلهي اشتقنا أن تجمعنا بوالدينا وأحبابنا فيك في الفردوس الأعلى من جناتك.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
@ @ @
الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني
اللهم اغفر لي جدِّي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي
اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
اللهم انفعني بما علَّمتني وعلِّمني ما ينفعُني وارزقني علماً ينفعُني وزدني علماً
والحمد لله على كل حال وأعوذ بالله من حال أهل النار
سبحانك اللهم وبحمدك أشهدُ أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه الفقير إلى عفو ربه القدير
أبو خلاد ناصر بن سعيد بن سيف السيف
غفر الله له ولوالديه وجميع المسلمين
20/6/1429هـ
([1]) استفدت في تحضير هذه المادة من عدة مراجع وفي مقدمتها كتاب «القيامة الصغرى والقيامة الكبرى» لفضيلة الشيخ عمر بن سليمان الأشقر حفظه الله تعالى وقد اعتمدت غالباً على مواضيع الكتابين والتعليق عليهما والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
([2]) نشكر فضيلة شيخنا الشيخ سامي بن محمد الخميس حفظه الله تعالى على مراجعته هذه الورقات والتعليق عليها فجزاه الله خير الجزاء والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
([3]) أمدية: أي لها وقت محدد.
([4]) أي عدم التنزه من البول.