الوصف المفصل
- القول
المُبين في عالم الجن والشياطين
- مقدمة
- 1- تمهيد:
- 2- تسمية الجن:
- 3- أصل خلق الجن:
- 4- ابتداء خلق الجن:
- 5- صفة خلقة الجن:
- 6- أسماء الجن في لغة العرب وأصنافهم:
- 7-إثبات وجود الجن:
- 8-الأدلة الدالة على وجود الجن:
- 9- الرد على من زعم أن الجن هم الملائكة:
- 10- تعريف الشيطان:
- 11 – أصل الشيطان:
- 12- صورة الشيطان:
- 13- الشيطان له قرنان:
- 14- طعام وشراب الجن:
- 15- زواج الإنس من الجن والعكس:
- 16- تزاوج ونكاح وتكاثر الجن:
- 17- أعمار الجن:
- 18- مساكن الجن ومجالسهم وأماكنهم:
- 19- قدُرات الجن:
- 20- دواب الجن ومراكبهم:
- 21- جوانب ضعف الجن:
- 22- الحكمة من خلق الجن:
- 23- تكليف الجن في الدنيا:
- 24- جزاء الجن في الآخرة:
- 25- كيف يعذبون الجن بالنار وقد خُلقوا من النار؟
- 26- رسل الله عز وجل إلى الجن:
- 27- تعلّم الجن من محمد - صلى الله عليه وسلم - :
- 28- دعوة الجن للخير في أقوامهم:
- 29- صلاح وفساد الجن:
- 30- هدف الشيطان في الآخرة:
- 31- هدف الشيطان في الدنيا:
- 32- تلبس الجن بالإنس:
- 33- جنود الشيطان:
- 35- الجن وعلم الغيب:
- 36- رُسُل الشياطين:
- 37- الحكمة من تلبس الجن بذوات السواد:
- 38 – الاستعانة بالجن في الدنيا:
- 39- تصرف الإنس مع الجن:
- 40- رؤية الجن في الآخرة:
- 41- دعوى باطلة لا تصح:
- 42- دعوى باطلة لا تصح:
- 43- دعوى باطلة لا تصح:
- 44- دعوى إبليس الباطلة:
- الخاتمة
القول المُبين في عالم الجن والشياطين
ناصر بن سعيد السيف
مقدمة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد :
فإن عالم الجن والشياطين يُشكِّل أحد روافد العقيدة الإسلامية التي يترتب على إنكار أحد مقوماتها الكفر بالله والعياذ بالله وقد أخبر القرآن الكريم عن عالم الجن والشياطين في آيات كثيرة قُرنت بينه وبين الإنس في كثير من المواضع منها قوله تعالى: [وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ] {الذاريات:56} وإن من المعلوم لكل صاحب عقلٍ رشيد أهمية الإيمان بالغيب الذي هو أحد أركان أصول الإيمان ومن هذه الغيبيات ما كتبناه وما جمعناه مختصراً عن موضوع عالم الجن والشياطين والتي سميتها مجتهداً: «القول المُبين في عالم الجن والشياطين»([1]) وفيها خمسين مسألة وفائدة وقاعدة.
نسأل الله العلي القدير أن يحبِّب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا، وأن يكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان وأن يجعلنا من الراشدين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين([2]).
كتبه الفقير إلى عفو ربه القدير
أبو خلاد ناصر بن سعيد بن سيف السيف
غفر الله له ولوالديه وجميع المسلمين
القول المُبين في عالم الجن والشياطين
1- تمهيد:
الجن عالم غير عالم الإنس والملائكة وبين الجن والإنس قدر مشترك من حيث الاتصاف بصفة العقل والإدراك ومن حيث القدرة على اختيار الخير والشر ويخالفون الإنس في عدة أمور أهمها أن أصل الجن مخالف لأصل الإنس.
2- تسمية الجن:
يسمون بالجن لاستتارهم عن أعين الإنس كما تسمى الجنة بالجنة لالتفاف الأشجار حول بعضها ببعض وكما يسمى الجنين في بطن أمه جنيناً وكما يسمى المجن مجناً لاستتار المقاتل به في الحرب.
3- أصل خلق الجن:
الجن خُلقوا من النار قال تعالى: [وَالجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ] {الحجر:27} وقال تعالى: [وَخَلَقَ الجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ] {الرَّحمن:15} قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: «مارج من نار: طرف اللهب» وقال الإمام النووي رحمه الله: «اللهب المختلط بسواد النار» وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حديث عائشة رضي الله عنها كما في صحيح مسلم: «خُلقت الملائكة من نور وخُلق الجآن من مارج من نار وخُلق آدم مما وصف لكم» فأصل الجنسين تغير في ذريتهم كما هو معروف.
4- ابتداء خلق الجن:
خُلق الجن قبل خلق الإنس قال تعالى: [وَالجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ] ويرى بعض العلماء أنهم خُلقوا قبل الإنس بألفي عام ولا دليل على ذلك.
5- صفة خلقة الجن:
يُعرف عنهم ما ذُكر في كتاب الله عز وجل وسُنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأن لهم صورة وقلوباً وآذاناً وأعيناً وصوتاً وغير ذلك والأصل في ذكر صفاتهم التوقيف على الدليل لأنه أمر غيبي.
6- أسماء الجن في لغة العرب وأصنافهم:
قال ابن عبدالبر رحمه الله: بأن الجن عند أهل الكلام والعلم باللسان على مراتب وهي:
1- يسمونهم جناً.
2- إذا سكنوا الدَّار يسمون عمّار جمع عامر.
3- إذا تعرض للصبيان يسمون أرواح.
4- إذا خبُثت يسمى شيطان.
5- فإذا زاد في الخبث يسمى مارد.
6- فإذا زاد في الخبث يسمى عفريت.
7-إثبات وجود الجن:
القول الحق المبين في هذه المسألة أن الجن عالم ثالث غير الملائكة والإنس وأنهم مخلوقات عاقلة وواعية ومدرِكة وأنهم عباد لله مكلَّفون ومقهورون ومأمورون ومنهيون بأوامر الشرع ومن أنكر أصل وجودهم أنكر آيات صريحة وأحاديث صحيحة ويكفر بإنكاره ما ثبت قطعياً بالأدلة الصحيحة والصريحة إذا توفرت فيه الشروط وانتفت عنه الموانع.
8-الأدلة الدالة على وجود الجن:
الأدلة كثيرة ومعلومة وواضحة ومنها ما جاء في البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان فإنه رأى شيطاناً».
9- الرد على من زعم أن الجن هم الملائكة:
من نظر في النصوص الواردة عن الملائكة والجن من الكتاب والسُّنة وجد أن بينهما فرقاً كبيراً فالملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون والجن يأكلون ويشربون ويطيعون ويعصون ربهم ويخالفون أمره فهما عالمان محجوبان غيبيان عنّا لا تدركهما أبصارنا وهما مختلفان في الأصل والصفة ولا سبيل في معرفة العالمين إلا بالدليل لأنهما أمران غيبيان.
10- تعريف الشيطان:
الشيطان من عالم كان يعبد الله في بداية أمره وسكن السماء مع الملائكة ودخل الجنة ثم عصى ربه تبارك وتعالى عندما أمره بالسجود لآدم عليه السلام فأبى واستكبر وطُرد من رحمته وجنته وأنظره إلى قيام الساعة وأخبره بمصيره ومصير حزبه وجنوده.
11 – أصل الشيطان:
الصحيح في هذه المسألة أن الشيطان كان من الملائكة باعتبار صورته وليس منهم باعتبار أصله وأن الشيطان أصل الجن كما أن آدم عليه السلام أصل الإنس.
12- صورة الشيطان:
من أقبح الصوّر في الخلق وقد شبّهها الله بثمار أشجار الزقوم في النار التي تنبت في أصل الجحيم كأنها رؤوس الشياطين([3]) قال سبحانه وتعالى: [أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ] {الصَّفات: 62-65}.
13- الشيطان له قرنان:
جاء في صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تحروا بصلاتكم قبل طلوع الشمس ولا قبل غروبها فإنها تطلع بقرني شيطان» ومعنى هذا الحديث: أن المشركين كانوا يعبدون الشمس ويسجدون عند طلوعها وعند غروبها وعند ذلك ينتصب الشيطان في الجهة التي تكون فيها الشمس حتى تكون العبادة له !!!.
14- طعام وشراب الجن:
جاء في سنن الترمذي بإسناد صحيح وصححه الألباني قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنه زاد إخوانكم من الجن» وجاء في صحيح مسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألوه الجن عن زادهم فأخبرهم: «لكم كل عظم ذُكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر لحماً وكل بعرة علف لدوابكم» فالجن المؤمن يأكل من العظم الذي ذُكر اسم الله عليه بعكس الجن الكافر الذي يأكل الميتة والعظم الذي لا يُذكر اسم الله عليه.
15- زواج الإنس من الجن والعكس:
قال شيخنا الشيخ تركي الزيد حفظه الله:
1- لم يثبت دليل من الكتاب والسنة ولا من أقوال الصحابة على وقوع التناكح !
2- قال تعالى: [وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا] {الرُّوم:21} قال المفسرون في هذه الآية: «أي من جنسكم ونوعكم وخلقكم» فكيف يكون التناكح !
3- قال تعالى: [لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً] {الرُّوم:21} فكيف يكون التآلف والانسجام والمودة والسكن بين الزوجين مع اختلاف الجنس !
4- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً» رواه البخاري ومسلم فكيف يكون التناكح !
5- جاء في صحيح البخاري من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: «أن امرأة سوداء أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني أُصرع فادعوا الله أن يشفيني قال: إن شئت دعوت الله فيشفيك وإن شئت صبرتي ولك الجنة فقالت: أصبر يا رسول الله ولكن أدعو الله أن لا أتكشف» فلو كان يحدث بينهما تزاوج ما أقر ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - !
6- جاء في سنن الترمذي وصححه الألباني من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول: بسم الله» فكيف يكون التناكح !
7- يعتقد بعض الناس أنه يجامع جنّية في المنام وهذا مخالف لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الرؤيا من الله والحُلم من الشيطان» ولم يقل شيطانة وفي الأصل أن الشيطان في الحُلم يتلاعب بالنائم وبغرائزه الجنسية وهذا يدل على عدم التناكح !
8- قال العلاّمة عبدالعزيز بن باز رحمه الله: أرى عدم الخوض في هذا الكلام !
9- قال العلاّمة الألباني رحمه الله: لا أرى أحدا أدّعى ذلك إلا ابن العربي الصوفي !
10- من قال من السلف بوقوع هذه التناكح فليس دليلا لأن العبرة بالدليل من الكتاب والسُّنة وكلام العلماء يستدل له ولا يستدل به !
16- تزاوج ونكاح وتكاثر الجن:
الذي يظهر من الأدلة أن الجن يقع منهم تناكح من جنسهم في الدنيا قال تعالى: [لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ] {الرَّحمن:74}والطمث عند العرب: الجماع وكذلك للجن ذرية وتكاثر قال تعالى: [أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ] {الكهف:50}.
17- أعمار الجن:
لا يشك صاحب عقل أن الجن والإنس وغيرهم أنهم يموتون لقوله تعالى: [كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ] {الرَّحمن:26-27} وأعمار الجن أطول من أعمار الإنس وصاحب العمر الطويل هو إبليس كما دعا ربه تبارك وتعالى فقَبل دعاؤه بقوله: [قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ المُنْظَرِينَ] {الحجر: 36-37}.
18- مساكن الجن ومجالسهم وأماكنهم:
الجن يسكنون على هذه الأرض ويختلف تجمعهم وتواجدهم على حسب إيمانهم وكفرهم فالجن المؤمن يبحث عن المواقع الطيبة التي يبحث عنها الإنسي المؤمن وأما الشياطين من الكفّار والعصاة ينتشرون في الأسواق والمقابر والخلاء وفي الظلام وتهرب من صوت الأذان وتصفّد في شهر رمضان وتهرب من سورة البقرة إذا قرأت في البيت([4]) ويطردون بالتسمية ويجلسون بين الظل والشمس وغير ذلك.
19- قدُرات الجن:
أعطى الله جل وعلا الجن قدرة لم يعطها الإنس فمنها:
1- سرعة الحركة والانتقال: قصة العفريت من الجن مع نبي الله سليمان عليه السلام.
2- سرعة الصعود إلى السماء: قصة استراق السمع من السماء.
3- علمهم بالإعمار والتصنيع: قصة صنعهم المحاريب وغيرها لنبي الله سليمان عليه السلام.
4- قدرتهم على التشكّل: قصة تشكّل الشيطان بصورة الرجال أو بصور الحيوانات.
5- مجرى الشيطان في ابن آدم: قصة صفية رضي الله عنها عند زيارتها معتكف النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسجده كما جاء ذلك في الحديث الصحيح.
20- دواب الجن ومراكبهم:
لم يُذكر دليلٌ صريحٌ صحيحٌ على تسمية دواب الجن ولكن هناك بعض الحيوانات تصحبها الشياطين مثل: الإبل والكلاب السود وغيرها.
21- جوانب ضعف الجن:
الجن والشياطين كالإنس فيهم جوانب قوة وجوانب ضعف من جوانب الضعف:
1- قال تعالى: [إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا] {النساء:76}.
2- لا سلطان لهم على عباد الله الصالحين وأن سلطانهم بالإغواء والإضلال.
3- خوف الشيطان من بعض عباد الله وذلك من قوي إيمانه قهر شيطانه.
4- تسخير الجن لنبي الله سليمان عليه السلام وذلك بأن الجن يعملون له ما يشاء ويعذّب منهم من يشاء ويسجن منهم من يشاء.
5- عجزهم عن الإتيان بالمعجزات ولا يستطيعون أن يأتوا بمثل ما جاء به الرسل عليهم الصلاة والسلام.
6- لا يتمثلون بالرسول - صلى الله عليه وسلم - في المنام.
7- لا يستطيع الجن أن يتجاوزوا حدود معينة من أقطار السماوات والأرض.
8- لا يستطيعون فتح بابٍ مغلقٍ.
22- الحكمة من خلق الجن:
الحكمة في خلقهم مثل الحكمة في خلق الإنس وهي إفراد الله بالعبادة وحده لا شريك له قال تعالى: [وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ] {الذاريات:56}.
23- تكليف الجن في الدنيا:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الجن مأمورون بالأصول والفروع بحسبهم فإنهم ليسوا مماثلين للإنس في الحدود الحقيقية فلا يكون ما أُمروا به ونهوا عنه مساويًا لما على الإنس في الحد لكنهم مشاركون الإنس في جنس التكليف بالأمر والنهي والتحليل والتحريم وهذا لا أعلم فيه نزاعًا.
24- جزاء الجن في الآخرة:
الجن مكلفون بأوامر الشرع ونواهيه فمن أطاع الله أدخله الجنة ومن عصاه أدخله النار ولهذا أدلة كثيرة من الكتاب والسُّنة.
25- كيف يعذبون الجن بالنار وقد خُلقوا من النار؟
إضافة الجن إلى النار حسب ما أُضيف الإنس إلى التراب والطين والمراد به في حق الإنس أن أصله الطين وليس هو طيناً حقيقياً وكذلك الجن كان ناراً في الأصل.
26- رسل الله عز وجل إلى الجن:
قال تعالى: [يَا مَعْشَرَ الجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ] {الأنعام:130} تدل هذه الآية على أن الله أرسل إليهم رسلاً وأن الرسل هم من الإنس كما قال تعالى: [إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى] {الأحقاف:30} ولم يُبعث رسولاً إلى الإنس والجن كافة إلا محمد - صلى الله عليه وسلم - كما جاء ذلك في الحديث الصحيح.
27- تعلّم الجن من محمد - صلى الله عليه وسلم - :
وقد ذكر الله تعالى ذلك في موضعين في كتابه تبارك وتعالى في آخر سورة الأحقاف وسورة الجن والأخبار في السُّنة كثيرة.
28- دعوة الجن للخير في أقوامهم:
قال تعالى في آخر سورة الأحقاف بعدما سمعوا القرآن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ الله وَآَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ] {الأحقاف:31}.
29- صلاح وفساد الجن:
الجن منهم المؤمن وأكثرهم العصاة والفجّار والكفّار قال تعالى: [وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا] {الجنّ:11} وقال تعالى: [وَأَنَّا مِنَّا المُسْلِمُونَ وَمِنَّا القَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا القَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا] {الجنّ: 14-15}.
30- هدف الشيطان في الآخرة:
أن يُلقي الإنسان في الجحيم ويحرمه جنة النعيم قال تعالى: [إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ] {فاطر:6}.
31- هدف الشيطان في الدنيا:
أن كل عبادة محبوبة إلى الله عز وجل يبغضها الشيطان وكل معصية مكروهة ومحرمة عند الرحمن تكون محبوبة عند الشيطان ويدعو الناس إليها بطرق ووسائل للوقوع فيها.
32- تلبس الجن بالإنس:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجن في بدن المصروع وغيره ومن أنكر ذلك وأدعّى أن الشرع سيكذب ذلك فقد كذب على الشرع وليس في الأدلة ما ينبغي ذلك وأن من أنكر دخول الجن في بدن المصروع طائفة من المعتزلة.
33- جنود الشيطان:
الشيطان له فريقان من الجنود من الجن والإنس للإضلال والإغواء ونهايتهم قال تعالى: [وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ] {إبراهيم: 22}. وقال تعالى: [اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ الله أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ] {المجادلة: 19}. 34- قرين الإنس:
جاء في صحيح مسلم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وما منكم من أحد إلا وقد وكّل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة» قالوا: وإياك يا رسول الله قال: «وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير».
35- الجن وعلم الغيب:
بيّن الله سبحانه وتعالى الدعوى الكاذبة بأن الجن يعلمون الغيب وذلك في قصة موت نبي الله سليمان عليه السلام: [فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ المَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِينِ] {سبأ:14}.
36- رُسُل الشياطين:
الكهنة يقومون مقام الرسل عند الشياطين بأن الشياطين تسترق السمع وتكذب فيها مائة كذبة.
37- الحكمة من تلبس الجن بذوات السواد:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره.
38 – الاستعانة بالجن في الدنيا:
الصحيح أنه يحرم الاستعانة بالجن ولو كانوا مسلمين حتى وإن كانت هذه الاستعانة في علاج مريض أو بحث عن مفقود ونحو ذلك وسبب التحريم سداً لذريعة وهذا ما تختاره اللجنة الدائمة في البلاد السعودية المباركة وعلمائها وهو اختيار شيخنا الشيخ خالد الهويسين حفظه الله.
39- تصرف الإنس مع الجن:
قال شيخنا الشيخ وليد السعيدان حفظه الله: إن تصرف الإنس مع الجن على ثلاثة أقسام:
1- تصرف شيطاني: كتصرف السَّحرة والكهنة مع شياطينهم وهذا محرم وشرك بالاتفاق.
2- تصرف رحماني: ويسمى محمدي وذلك عندما جاء الجن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسمعوا الرسالة وعملوا وبلغوا أقوامهم.
3- تصرف ملكي: ويسمى سليماني وذلك بأمر سليمان عليه السلام للجن وهي معجزة في حقه لقوله عندما دعا ربه فاستجاب له: [قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي] {ص:35}.
40- رؤية الجن في الآخرة:
الصحيح بأننا نرى الجن ويروننا في الآخرة لعموم قوله تعالى: «[إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ] {الحجر:47} فيدخل الإنس والجن الجنة وأما دعوى بأن حال الإنس والجن في الآخرة بعكس حال الإنس والجن في الدنيا بالرؤية قال فيها شيخنا الشيخ خالد الهويسين حفظه الله: «ذكر ذلك بدر الدين في كتابه آكام المرجان ولا دليل على ذلك».
41- دعوى باطلة لا تصح:
أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قاتل الجن وأن الأحاديث فيما حدث لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه مع الجن من كذب الرافضة كما ذكر ذلك شيخنا الشيخ خالد الهويسين حفظه الله.
42- دعوى باطلة لا تصح:
بأن الجن يخافون ويهربون من الذئب إن كان حياً أو ميتاً وهذا خلاف الأدلة الصحيحة الصريحة كما ذكر ذلك شيخنا الشيخ تركي الزيد حفظه الله.
43- دعوى باطلة لا تصح:
أن أكبر عمر في الجن سبع سنوات وهذا مخالف لعمر التكليف في الشريعة الإسلامية كما ذكر ذلك شيخنا الشيخ تركي الزيد حفظه الله.
44- دعوى إبليس الباطلة:
قال شيخنا الشيخ وليد السعيدان حفظه الله: وهذه الدعوى الباطلة لإبليس عندما قال: [أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ] {الأعراف:12} ويُردّ على هذه الدعوى بثلاث أمور:
1- القياس في الدعوى تصادم مع تفضيل آدم عليه السلام بقوله: [اسْجُدُوا لِآَدَمَ] وإبليس كان مع الملائكة والقياس إذا صادم النص الصحيح الصريح فهو باطل.
2- الأصل أن النار من طبيعتها الإفساد والإيذاء وسرعة الحركة والانتشار وعدم الاستمرار وعدم الثبات فكيف يكون القياس!!!
3- لو قلنا بأن النار أفضل من الطين فهل إبليس كل النار الموجودة في الدنيا؟ لا. بل هو جزء منها وأصل النار كما ذُكر من صفاتها الفساد فاقتطاع إبليس منها كالجزء لا يدل على شرفه وأفضليته على غيره.
45- قاعدة مهمة:
العقل مخلوق له قدرات وحدود وطاقات متى خرج منها فإن العقل يتوقف ولا يدخل العقل في أمور الغيب إلا بدليل.
46- قاعدة مهمة:
كل ما شُرع في حق الرجال من الإنس فهو مشروع في حق الرجال من الجن وكل ما شُرع في حق النساء من الإنس فهو مشروع في حق النساء من الجن.
47- قاعدة مهمة:
كل دليل يثبت في حق الإنس أصلاً فإنه يثبت في حق الجن تبعاً إلا بدليل يفيد الاختصاص.
48- قاعدة مهمة:
كل آية فيها أن المؤمنين ينعّمون في الجنة فيدخل فيها مؤمنوا الجن ومن خصص الآية بالإنس فهو مطالب بالدليل. - قاعدة مهمة: كل آية فيها أن المجرمين يعذبون في النار فيدخل فيها مجرموا الجن ومن خصص الآية بالإنس فهو مطالب بالدليل. 50- حص المسلم:
التحصُّن من الشيطان بالأدعية والأذكار ومنها:
1- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم في كل الأوقات.
2- الاستعاذة بالله من الشيطان عند الغضب.
3- الاستعاذة بالله من الشيطان عند قراءة القرآن الكريم.
4- الاستعاذة بالله من الشيطان عند الصلاة.
5- الاستعاذة بالله من الشيطان عند دخول الخلاء.
6- الاستعاذة بالله من الشيطان عند رؤية الحُلم في المنام.
7- الإكثار من ذكر الله عز وجل.
8- قراءة القرآن الكريم.
9- طلب العلم الشرعي.
10- لزوم جماعة المسلمين.
@ @ @
الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني
اللهم اغفر لي جدِّي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي
اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
اللهم انفعني بما علَّمتني وعلِّمني ما ينفعُني وارزقني علماً ينفعُني وزدني علماً
والحمد لله على كل حال وأعوذ بالله من حال أهل النار
سبحانك اللهم وبحمدك أشهدُ أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه الفقير إلى عفو ربه القدير
أبو خلاد ناصر بن سعيد بن سيف السيف
غفر الله له و لوالديه وجميع المسلمين
27/10/1428هـ
([1]) استفدت في تحضير هذه المادة من عدة مراجع وفي مقدمتها كتاب: «عالم الجن والشياطين» لفضيلة الشيخ عمر بن سليمان الأشقر حفظه الله تعالى وقد اعتمدت غالباً على مواضيع الكتاب والتعليق عليه والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
([2]) نشكر فضيلة شيخنا الشيخ تركي بن محمد الزيد حفظه الله تعالى على مراجعة هذه الورقات والتعليق عليها فجزاه الله خير الجزاء والحمد لله الذي بنعمته الصالحات.
([3]) قال شيخنا الشيخ تركي بن محمد الزيد حفظه الله تعالى: «الإنس أجمل صورة من الجن، ولكن الجن ليسوا على صورة واحدة قبيحة على الإطلاق، ولكن من الشياطين الذين كفروا بالله عز وجل صورهم قبيحة».
([4]) قال شيخنا الشيخ تركي بن محمد الزيد حفظه الله تعالى: «وورد في الصحيح عن النبي ﷺ أن الشياطين لا تقرب البيت الذي تقرأ فيه آية الكرسي».