الوصف المفصل
الحدائق البهية في شرح أحاديث السلسلة الذهبية
ناصر بن سعيد السيف
مقدمة
الحمد لله الواحد القهَّار العزيز الغفَّار، مُكوِّر الليل على النهار، تذكرةً لأولي القلوب والأبصار، وتبصرةً لذوي الألباب والاعتبار، الذي أيقظ من خلقه من اصطفاه فزهدهم في هذه الدَّار، وشغَلَهُم بمراقبتِه وإدامة الأفكار، ومُلازمة الاتِّعاظ والادِّكار، ووفَّقَهُم للدَّأب في طاعته، والتأهب لدارِ القرار، والحذر ممَّا يسخطُهُ ويوجبُ دار البوار والمحافظةِ على ذلك مع تغاير الأحوالِ والأطوارِ وأشهدُ أن لا إله إلا الله البر الكريم، الرَّءوف الرَّحيم، وأشهدُ أن محمَّداً عبده ورسولهُ وخليلُهُ، الهادي إلى صراط مستقيم والداعي إلى دينٍ قويم، صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين أما بعد :
فمساهمةً منَّا في خدمة السُّنة النبوية المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم، كتبنا هذه الورقات وسميتها مجتهداً: (الحدائق البهيَّة في شرح أحاديث السلسلة الذهبية) فيما رواه الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهم أجمعين للإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله.
قال الإمام البخاري رحمه الله: (أصح الأسانيد كلها: مالك عن نافع عن ابن عمر).
وقال الإمام أبو منصور عبد القاهر التميمي رحمه الله: (إنَّ أجلَّ الأسانيد: الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر).
وقال ابن الصلاح رحمه الله: (واحتجَّ بإجماع أصحاب الحديث على أنه لم يكن في الرواة عن مالك أجلّ من الشافعي رضي الله عنهم أجمعين).
أرجو إن تم هذا أن يكون سائقاً للمعتني به إلى الخيرات، حاجزاً له عن أنواع القبائح والمهلكات، وأنا سائلٌ أخاً انتفع بشيء منه أن يدعو لي، ولوالديَّ، ولزوجتي، ولمشايخي، وسائر أحبابنا، والمسلمين أجمعين، وعلى الله الكريم اعتمادي، وإليه تفويضي واستنادي وحسبي الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه الفقير إلى عفو ربه القدير
أبو خلاد ناصر بن سعيد بن سيف السيف
غفر الله له ولوالديه وجميع المسلمين
تقديم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد :
فنحمد الله عز وجل على توفيقنا في إعداد هذا الكتاب المبارك إن شاء الله تعالى فقد قمنا بشرح وتعليق وتخريج أحاديث السلسلة الذهبيـة للإمام الحافظ ابن حجر رحمه الله وكان اعتمادنا على أغلب شروحاتنا للأحاديث على أقوال الإمام العلامة المحدث الفقيه أبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر المالكي القرطبي رحمه الله (368 -463هـ) الذي جمع الفنون والعلوم وأقواله المعتبرة عند أهل العلم والإجماع.
قال الإمام أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري رحمه الله (384-456هـ) وهو من أشهر تلاميذه: (الإمام ابن عبدالبر المحدث الكبير والفقيه العالم الذي لم يكن في الأندلس مثله).
واعتذر عن تقصيري وجهلي ومما قصر عنه علمي ولم يدركه فهمي وأختم بما ختم به الحافظ زكي الدين عبد العظيم رحمه الله فقال: (وقد تم ما أردنا الله به من الإملاء المبارك ونستغفر الله سبحانه وتعالى مما زل به اللسان أو أدخله ذهول أو غلبه النظر أو طول التفكر قل أن ينفك عن شيء من ذلك فكيف بالمملئ مع ضيق وقته وترادف همومه واشتغال باله) انتهى كلامه رحمه الله.
نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يغفر لنا ويرحمنا ويتقبّل منَّا إنه هو السميع العليم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
كتبه الفقير إلى عفو ربه القدير
تركي بن محمد بن سعد الزيد
غفر الله له ولوالديه وجميع المسلمين
الحديث الأول
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه يقول: كان النساء والرجال، يتوضؤون في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - جميعاً([1])([2]).
الشرح:
قال ابن عبد البر في هذا الحديث دليل واضح على إبطال قول من قال بأن لا يتوضأ بفضل المرأة ؛ لأن المرأة والرجل إذا اغترفا جميعاً من إناءٍ واحد في الوضوء فمعلوم أنَّ كل واحدٍ منها متوضىء بفضل صاحبه وقد وردت آثار في هذا الباب مرفوعة بالنهي عن أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة وزاد بعضهم في بعضها بأن يغترفا جميعاً.
فقالت طائفة: لا يجوز أن يغترف الرجل مع المرأة في إناء واحد لأن كل واحد يتوضأ بفضل صاحبه.
وقال آخرون: إنما كره من ذلك أن تنفرد المرأة بالإناء ثم يتوضأ الرجل بعدها بفضلها.
والراجح جواز مثل ذلك والله أعلم.
الحديث الثاني
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمـر المؤذن إذا كانت ليلـة باردة ذات ريح يقـول: «ألا صلّـوا في الرِّحال»([3]) ([4]).
الشرح:
قوله (ألا صلّوا في الرِّحال): دليل على أن المسافرين إذا أُذّن لصلاة فلهم أن يصلوا في رحالهم إذا احتيج لذلك لشدة برد أو ريح ويحتمل أن يكون أُذن لهم أن يصلوا في رحالهم أفذاذاً أو يؤم كل طائفة منهم رجلٌ وكل هذا تخفيف عنهم بالصلاة في رحالهم.
واستدل ابن عمر رضي الله عنهما على ذلك بمـا كان يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤذنه في الليلة الباردة ذات المطر وهو إمامٌ لهم.
فقال ابن عمر رضي الله عنهما:حال الريح بحال المطر والعلة الجامعة بينهما المشقة.
الحديث الثالث
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكعبة هو وبلال وعثمان بن طلحة وأحسبه قال: وأسامة بن زيد فلما خرج سألت بلالاً: كيف صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقال: جعل عموداً عن يمينه وعموداً عن يساره وثلاثة أعمدة وراءه ثم صلَّى وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة([5]).
الحديث الرابع
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة ومعه بلال وأسامة وعثمان بن طلحة. قال ابن عمر: فسألت بلالاً: ما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال: جعل عموداً عن يساره وعموداً عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه ثم صلى.
قال: وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة([6]).
الشرح:
اختلف الفقهاء في الصلاة داخل الكعبة في الفريضة والنافلة.
قال مالك: لا يصلي فيها الفرض ولا الوتر ولا ركعتا الفجر ولا ركعتا الطواف و يصلي فيها التطوع.
وقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري: يصلي في الكعبة الفريضة والنافلة.
وقال بعضهم: لا صلاة له نافلة أو فريضة لأنه قد استدبر بعضاً من جدران الكعبة وقد نُهي عن ذلك وأُمر أن يستقبلها، واحتج أصحاب هذا القول بما قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أمر الناس أن يصلوا إلى الكعبة ولم يأمروا أن يصلوا فيها.
وقال أبو حنيفة: من صلى على ظهر الكعبة فلا شيء عليه.
والقول الصحيح: أنه لا تصح صلاة الفريضة فيها لشرط استقبال القبلة ويصح النافلة فيها والله أعلم.
الحديث الخامس
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان ينام قاعداً ثم يصلي ولا يتوضأ([7]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ من رواية محمد بن الحسن برقم (80) وبراوية أبي مصعب برقم (58) وأخرجه الشافعي برقم (1/12) (7/249) والبيهقي برقم (1/120) من طريق مالك.
الشرح:
قال أنس بن مالك كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون.
قال ابن عبدالبر هذا الحديث وغيره الواردة في نوم الصحابة والتابعين كلها تدل على أن من نام جالساً لا شيء عليه.
الحديث السادس
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه بال بالسوق ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ثم دُعي لجنازة فدخل المسجد ليصلي عليها فسمح على خفَّيه ثم صلى عليها([8]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ من رواية محمد بن الحسن برقم (50) وبراوية أبي مصعب برقم (89) وأخرجه محمد بن الحسن في الحجة برقم (1/33)وأخرجه أحمد في مسنده برقم (1/122) والشافعي برقم (7/226) من طريق مالك.
الحديث السابع
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع أن ابن عمر بال في السوق ثم توضأ ومسح على خفيه ثم صلى([9]).
الشرح:
قال ابن عبد البر أن حديث ابن عمر تأخر في المسح على خفيه حين بال في السوق وتوضأ فمحمول عند أصحابنا على أنه نسي المسح على خفيه ولم يتعمد تبعيض وضوئه.
وسُئل مالك عن رجل توضأ وعليه خفّاه وسها أن يمسح عليهما حتى جف وضوؤه وصلى فقال: يمسح على خفيّه ويعيد صلاته ولا يعيد الوضوء لأن تبعيض الوضوء عند السهو لا يضر.
الحديث الثامن
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان إذا سُئِل عن صلاة الخوف قال: يتقدم الإمام وطائفة من الناس فيصلَّى بهم الإمام ركعة وتكون طائفة منهم بينه وبين العدو لم يصلَّوا فإذا صلَّى الذين معه ركعة استأخروا مكان الذين لم يصلَّوا ولا يسلِّمون ويتقدم الذين لم يصلَّوا فيصلَّون معه ركعة ثم ينصرف الإمام وقد صلى ركعتين فتقوم كل واحدة من الطائفتين قد صلَّوا ركعتين فإن كان خوفاً هو أشد من ذلك صلُّوا رجالاً وقياماً على أقدامهم أو ركباناً مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها.
قال مالك: قال نافع لا أرى عبد الله بن عمر حدثه إلا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ([10]).
الحديث التاسع
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر صلاة الخوف فقال: إن كان خوفاً أشد من ذلك صلَّوا رجالاً وركباناً مستقبلي القبلة وغير مستقبليها([11]).
الشرح:
* إذا كان العدو في جهة القبلة فيصلون كما يلي:
يكبر الإمام والمأمومون خلفه صفين ويكبرون جميعاً ويركعون جميعاً ويرفعون جميعاً ثم يسجد الصف الذي يلي الإمام مع الإمام فإذا قاموا سجد الصف الثاني ثم قاموا ثم يتقدم الصف الثاني ويتأخر الصف الأول ثم يصلي بهم الركعة الثانية كالأولى ثم يسلم بهم جميعاً.
* إذا كان العدو في غير جهة القبلة فيصلون كما يلي:
1- يكبر الإمام وتصف معه طائفة وتقف الطائفة الأخرى تجاه العدو فيصلي بالتي معه ركعة ثم يثبتون قائمين ويتمون لأنفسهم ثم ينصرفون ويقفون باتجاه العدو ثم تأتي طائفة أخرى فيصلي بهم الركعة الباقية ثم يجلس ويتمون لأنفسهم وهو جالس ثم يسلم بهم وعليهم السلاح مع الحذر من العدو.
2- يصلي الإمام بإحدى الطائفتين ركعتين فتسلم قبله ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم الركعتين الأخيرتين ثم يسلّم بهم فتكون أربع ركعات للإمام وكل طائفة ركعتان.
3- يصلي الإمام بالطائفة الأولى ركعتين ثم يسلم ثم يصلي بالطائفة الأخرى ركعتين ثم يسلم.
4- تصلي كل طائفة ركعة واحدة فقط مع الإمام فيصلي الإمام ركعتين وكل طائفة ركعة من غير قضاء وكل هذه الصفات ثابتة في السنة.
* إذا اشتد الخوف وتواصل الطعن والضرب فيصلون كما يلي:
يصلون رجالاً أو ركباناً ركعة واحدة يومئون بالركوع والسجود لاتجاه القبلة أو غيرها فإن لم يتمكنوا أخرّوا الصلاة حتى يقضي الله بينهم وبين عدوهم ثم يصلون فإن الله تعالى قال: [حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ(238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ] [البقرة: ٢٣٨ - ٢٣٩].
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: فرض الله الصلاة على لسان نبيكم - صلى الله عليه وسلم - في الحضر أربعاً وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة [رواه مسلم].
فائـدة: إذا كانت صلاة المغرب لا يدخلها القصر وللإمام أن يصلي بالطائفة الأولى ركعتين وبالطائفة الأخرى ركعة أو العكس.
الحديث العاشر
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع أنه كان يسافر مع ابن عمر البريد فلا يقصر الصلاة([12]).
الشرح:
القصر في السَّفر سنَّة مؤكدة في حال الأمن أو الخوف وهو قصر الصلاة الرباعية الظهر والعصر والعشاء إلى ركعتين ولا يجوز إلا في السفر فقط أما صلاة المغرب والفجر فلا تقصر أبداً وأما الجمع فيجوز في الحضر والسفر بشروط معلومة.
إذا سافر المسافر ماشياً أو راكباً براً أو بحراً أو جواً سُنَّ له قصر الصلاة الرباعية ركعتين وله أن يجمع بين الصلاتين في وقت أحداهما إذا احتاج إلى ذلك حتى ينتهي سفره.
كل ما سمي سفراً في العُرف فهو سفرٌ فله أحكام السَّفر وهي القصر والجمع والفطر في الصيام والمسح على الخفين.
الحديث الحادي عشر
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ([13]) بسبع وعشرين درجة»([14]).
الشرح:
الحديث فيه دليلٌ على فضل صلاة الجماعة وأنها تفضل بسبع وعشرين درجة عن صلاة الفذ و في رواية متفق على صحتها «خمس وعشرين درجة» فصلاة الجماعة تجب على كل مسلم مكلف قادر من الرجال لصلوات الخمس المفروضة حضراً وسفراً في حال الأمن وحال الخوف.
الحديث الثاني عشر
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه أذَّن في ليلة ذات برد وريح فقال: ألا صلَّوا في الرَّحال.
ثم قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر يقول: «ألا صلَّوا في الرحال»([15]).
الشرح:
الحديث فيه استحباب الصلاة في الرحال وهو كل ما يسكنه الإنسان من بيت أو خيمة أو غيرها حال البرد الشديد أو الريح الشديدة أو المطر.
وفيه استحباب أن يقول المؤذن بعد الأذان ألا صلُّوا في رحالكم.
الحديث الثالث عشر
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب y رأى حُلَّة سيراء([16]) عند باب المسجد فقال: يا رسول الله لو اشتريت هذه فلبستها يوم الجمعة وللوفود إذا قدموا عليك فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة»([17]).
ثم جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها حُللاً فأعطى عمر منها حُلَّة فقال عمر: يا رسول الله! أكسوتنيها وقد قلت في حُلَّة عطارد([18]) ما قلت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «لم أكسكها لتلبسها» فكساها عمر أخاً له مشركاً بمكة([19]).
الشرح:
الحديث فيه تحريم لبس الحرير لرجال ومن لبسه في الدنيا فإنه لا يلبسه في الآخرة.
والحديث فيه تواضع النبي - صلى الله عليه وسلم - في لباسه.
والحديث فيه استحباب لبس الثياب المباحة والتجمّل للناس ولا سيما في يوم الجمعة.
الحديث الرابع عشر
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى([20]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (70) وبراوية أبي مصعب برقم (583) وأخرجه الشافعي برقم (1/231) وعبد الرزاق برقم (5753) والبيهقي برقم (3/278) من طريق مالك.
الشرح:
الحديث فيه استحباب الاغتسال يوم العيد قبل الخروج إلى المصلى ويلبس أحسن ثيابه.
الحديث الخامس عشر
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر على الناس صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على كل حر وعبد ذكر أو أنثى من المسلمين([21]).
الحديث السادس عشر
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر على الناس صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير([22]).
الحديث السابع عشر
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تُجمع عنده قبل الفطِر بيومين أو ثلاثة([23]).
الشرح:
الأحاديث فيها وجوب زكاة الفطر صاعاً من تمر أو من شعير أو من قوت البلد وهي واجبة على كل مسلم ذكراً وأنثى، حراً وعبداً، صغيراً وكبيراً يملك صاعاً من طعام فاضلاً عن قوته وقوت من يلزمه نفقته من المسلمين ويستحب إخراجها عن الجنيين.
ووقتها بغروب شمس آخر يوم من رمضان.
ويجب إخراجها قبل صلاة العيد ولا بأس بإخراجها قبل العيد بيوم أو بيومين.
الحديث الثامن عشر
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال: لا تجب في مالٍ زكاة حتى يحول عليه الحول([24]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (326) وبراوية يحيى بن بكير برقم (4/2) وبراوية أبي مصعب برقم (640) وأخرجه الشافعي برقم (2/17) والبيهقي برقم (4/109) من طريق مالك.
الشرح:
الحديث فيه دليل على أنه لا تجب الزكاة في المال إلا بعد تمام الحول وبلوغ النصاب.
الحديث التاسع عشر
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان لا يُخرجُ في زكاة الفطر إلا التمر إلا مرة واحدة فإنه أخرج شعيراً([25]).
الشــرح:
الحديث فيه جواز التنويع في إخراج زكاة الفطر وأيضاً على حسب ما يكون الناس لحاجته.
الحديث العشرون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يُحلِّى بناته وجواريه الذهب ثم لا يخرج منه الزكاة([26]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (330) وبراوية يحيى بن بكير برقم (4/3) وبراوية أبي مصعب برقم (657) وأخرجه الشافعي برقم (2/41) والبيهقي برقم (4/138) من طريق مالك.
الشرح:
قال ابن عبدالبر: ظاهر حديث عائشة وابن عمر سقوط الزكاة عن الحُلي المستعمل وبهذا ترجم مالك الباب وتأول من أوجب الزكاة في الحلي أن عائشة لم تخرج الزكاة من حلي اليتامى لأنه لا زكاة في أموال اليتامى ولا الصغار وتأولوا في الجواري أن ابن عمر كان يذهب إلى أن العبد يملك ولا زكاة على المالك حتى يكون حراً واستدلوا على مذهب ابن عمر في ذلك لأنه كان يأذن لعبيده بالتسري وما تأولوا على عائشة وابن عمر بعيد عن خارج حريتهما لأن حديث ابن عمر على أنه لا يخرج زكاة الحلي على بناته من الذهب والفضة فليس فيه يتيم ولا عبد.
الحديث الحادي والعشرون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عمر: فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: «مُرْهُ فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر فإن شاء أمسكها وإن شاء طلقها قبل أن يَمَسَّ فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يُطلَّق لها النساء»([27]).
الحديث الثاني والعشرون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأل عمر بن الخطاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: (إذا طهرت فليطلق أو يمسك) ([28]).
الشرح:
الحديث فيه على أنه يحرم على الزوج أن يطلق زوجته حال الحيض والنفاس وفي طُهر جامعها فيه ولم يتبين حملها وأن يطلقها ثلاثاً بلفظ واحد أو بمجلس واحد. وهذا الطلاق يسمَّى عند العلماء الطلاق البدعي.
ويدل الحديث على أن الزوج يستحب له أن يراجعها ويجب عليه أن يمسكها حتى تطهر ثم إذا شاء طلقها وهناك الطلاق البدعي في العدد وهو الذي تحرم عليه حتى تنكح زوجاً غيره.
الحديث الثالث والعشرون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما يلبسُ المحرم من الثياب؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (لا يلبس المحرم القميص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس([29]) ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين) ([30]).
الشرح:
الحديث فيه دليل على تحريم لبس القميص والعمائم والسراويل والبرانس والخفاف على المحرم إلا إذا لم يجد نعلين فليلبس الخفاف وأمَّا قطعهما فقد جاء حديث بنسخه على أنه لا يقطع ما كان أسفل من الكعبين.
الحديث الرابع والعشرون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع أن ابن عمر يحتجم وهو صائم ثم ترك ذلك فكان إذا صام لم يحتجم حتى يفطر([31]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (355) وبراوية يحيى بن بكير برقم (7/8) وبراوية أبي مصعب برقم (838) وأخرجه الشافعي برقم (2/97) والبيهقي برقم (2545) من طريق مالك.
الشرح:
قال ابن عبدالبر: أن ابن عمر ترك الحجامة وهو صائمٌ لما بلغه فيها والله أعلم وهو من الورع بالموضع المعلوم.
الحديث الخامس والعشرون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول من استقاء وهو صائم فعليه القضاء ومن ذرعه القيء([32]) فليس عليه القضاء([33]).
التخريج:
الحديث أخرجه عبد الرزاق في مصنفه برقم (7666) وابن أبي شيبة برقم (3/32).
الشرح:
الحديث يدل على أن من تعمد القيء يجب عليه القضاء ويفسد صومه ومن غلبه وسبقه فلا شيء عليه.
الحديث السادس والعشرون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن تلبية النبي - صلى الله عليه وسلم - : لبَّيك اللهم لبَّيك، لبَّيك لا شريك لك لبَّيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. قال نافع: وكان ابن عمر يزيد فيها: لبَّيك لبَّيك وسعديك والخير كله بيديك لبَّيك والرغباء إليك والعمل([34]).
الشرح:
الحديث فيه استحباب الجهر بالتلبية وتنويعها وقد جاء في صحيح مسلم من حديث جابر t حديث بجواز تنويع التلبية.
الحديث السابع والعشرون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه خرج إلى مكة زمن الفتنة معتمراً فقال له: إن صددنا عن البيت صنعنا كما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية.
قال الشافعي: يعني أحللنا كمـا أحللنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية([35]).
الشرح:
الحديث فيه جواز التحلل من الإحرام إذا صُّد المحرم عن البيت إذا اشترط عند دخوله في النسك وإذا لم يشترط عليه أن يذبح الهدي للإحصار وذلك قبل أن يحلق رأسه ويوزع اللحم على الفقراء وإن وزع اللحم على فقراء مكة كان أولى والله أعلم.
الحديث الثامن والعشرون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يغتسل لدخول مكة([36]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ براوية محمد بن الحسن برقم (485) وبراوية أبي مصعب برقم (1032) وأخرجه الشافعي برقم (2/169) والبيهقي برقم (2904) من طريق مالك وأخرجه البغوي في شرح السُّنة برقم (7/44) وابن عبد البر في الاستذكار برقم (673).
الشرح:
الحديث فيه استحباب ابن عمر في الاغتسال والإهلال من ميقات ذي الحليفة وبذي طوى لدخول مكة وعند الذهاب إلى عرفة ولو تركه أحدٌ فإنه لا يأ ثم ولا شيء عليه.
قال ابن القاسم: لا يترك الرجل والمرأة الغسل عند الإحرام إلا من ضرورة.
الحديث التاسع والعشرون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال: لا يَصُدرنَّ([37]) أحد من الحاجّ حتى يكون آخر عهده بالبيت فإن آخر النسك الطواف بالبيت([38]).
التخريج:
الحديث أخرجه ابن عبدالبر في الاستذكار برقم (792) والشافعي برقم (2/80).
الحديث الثلاثون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر قال: لايَصُدرنَّ أحد من الحاجِّ حتى يطوف بالبيت فإن آخر النسك الطواف بالبيت([39]).
الشرح:
الحديث فيه أن طواف الوداع واجب ورُخّص عن الحائض والنفساء وهو من الواجبات في الحج وليس في العمرة طواف الوداع على الصحيح والله أعلم.
الحديث الحادي والثلاثون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (المتبايعان كل واحد منها على صاحبه بالخيار([40])مالم يتفرقا إلا ببيع الخيار)([41]).
الشرح:
1- خيار المجلس: يثبت البيع والصلح والإجارة وغيرها من المعاوضات التي يقصد منها المال وهو حق للمتبايعين معاً ومدته من حيث العقد إلى التفرق بالأبدان وإن أسقطاه سقط وإن أسقطه أحدهما بقي خيار الآخر فإن تفرقا لزم البيع وتحرم الفرقة من المجلس خشية الإلزام بمضي العقد بينهما.
2- خيار الشرط: بأن يشترط المتبايعان أو أحدهما بالخيار على مدة معلومة فيصح العقد وإن طالت المدة.
3- خيار اختلاف المتبايعين: كما لو اختلفنا في قدر الثمن أو عين البيع أو صفته ولم تكن بيّنه على ذلك فالقول قول البائع مع يمينه ويخيّر المشتري بين القبول والفسخ للعقد.
4- خيار العيب: وهو ما ينقص قيمة المبيع فإذا اشترى سلعة ووجد بها عيباً فهو بالخيار إما يردها أو يأخذ ثمنها أو يمسكها ويأخذ أرش العيب فتقوّم السلعة السليمة ثم تقوّم السلعة المعيبة ويأخذ فارق القيمة وإن اختلفنا عند من حدث العيب كعرج، وفساد طعام فالقول للبائع مع يمينه أو يترادان.
5- خيار الغبن: وهو أن يغبن البائع أو المشتري في السلعة غبناً يخرج عن العادة والعُرف، وهو محرَّم، فإذا غبن فهو بالخيار بين الإمساك والفسخ، كمن انخدع بمن يتلقّى الركبان، أو بزيادة الناجش الذي لا يريد الشراء، أو كان يجهل القيمة ولا يحسن المماكسة في البيع فله الخيار.
6- خيار التدليس: وهو أن يظهر البائع السلعة بمظهر مرغوب فيه وهي خالية منه، مثل إبقاء اللبن في الضرع عند البيع ليوهمه بكثرة اللبن ونحو ذلك، وهذا الفعل محرَّم، فإذا وقع ذلك فهو بالخيار بين الإمساك أو الفسخ، فإذا حلبها ثم ردها، رد معها صاعاً من تمر عوضاً عن اللبن.
7- خيار الإخبار بالثمن بخلاف الواقع: إذا كان أقل مما أخبر به، فللمشتري الخيار بين الإمساك وأخذ الفرق، أو الفسخ، كما لو اشترى قلماً بمائة، فجاءه رجل وقال: تبيع برأس ماله فقال: رأس ماله مائة وخمسون، فباعه عليه، ثم تبين كذب البائع فللمشتري الخيار، ويثبت هذا الخيار في التولية والشركة والمرابحة والمعواضعة، ولابد في جميعها من معرفة البائع والمشتري رأس المال.
8- إذا ظهر أن المشتري معسر أو مماطل فللبائع الفسخ إن شاء حفاظاً على ماله.
الحديث الثاني والثلاثون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه اشترى راحلة بأربعة أبعرة مضمونه عليها يوفيها صاحبها بالربذة([42])([43]).
الشــرح:
عن مالك أنه سئل ابن شهاب عن بيع الحيوان اثنين بواحد ؟ فقال: لا بأس بذلك.
قال مالك: الأمر مجمع عندنا أنه لا بأس الجمل بالجمل مثله وزيادة دراهم يداً بيد، ولا بأس الجمل بالجمل مثله وزيادة دراهم، والجمل إلى أجل وإن أُخِّرت الدراهم لا حرج في ذلك.
الحديث الثالث والثلاثون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من اقتنى كلباً إلا كلب ماشية أو ضارياً([44]) نقص من عمله كل يوم قيراطان) ([45]).
الشرح:
الحديث فيه دليل على تحريم اقتناء الكلاب باستثناء كلب ماشية أو صيد وإن صاحبها ينقص أجره كل يوم قيراطين والقيراط الواحد كجبل أُحد.
الحديث الرابع الثلاثون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الكِلاب([46]).
الشرح:
الحديث فيه أقوال وهي:
القول الأول: الأمر بقتل الكلاب جميعاً وهو مذهب مالك وأصحابه.
القول الثاني: منع قتل الكلاب جميعاً والعلة في الحديث أنه منسوخ ودل على ذلك إباحة اتخاذها للمنافع كما في صحيح مسلم ثم رخص في استعمال كلب الصيد والماشية وهو مذهب الشافعي.
القول الثالث: بمنع قتل الكلاب جميعاً إلا الكلب الأسود البهيم وهو قول اختاره النووي.
القول الرابع: قال العراقي ناقلاً عن القاضي عياض أن النهي أولاً كان عاماً في اقتناء الكلاب جميعاً ثم الأمر بقتل الكلاب جميعاً ثم نُهي عن قتل الكلاب إلا الأسود البهيم ومنع اقتنائها جمعياً إلا لكلب صيد أو زرع أو ماشية وهو القول الصحيح والله أعلم.
الحديث الخامس والثلاثون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من باع نخلاً قد أُبِّرت([47])فثمرها للبائع إلا أن يشترط المبتاع([48])) ([49]).
الشرح:
الحديث بمنطوقه فيه أن من باع نخلاً وعليها ثمرة مؤبَّرة لم تدخل في البيع بل تستمر في ملك البائع.
الحديث بمفهومه أن الثمرة غير مؤبَّرة دخلت في البيع فكانت للمشتري وبهذا قال به مالك والشافعي وأحمد والليث بن سعد والبقية من أهل الظاهر وجمهور العلماء وذهب أبو حنيفة إلى أنها للبائع مطلقاً قبل التأبير وبعده حكاه ابن عبد البر عن الأوزاعي واستدل بقوله (إلا أن يشترط المبتاع) بدون ذكر أن المشتري لم يشترط لنفسه جميع الثمرة المؤبَّرة بل بعضها وإن كان اشترط نصفها أو ربعها أو نحو ذلك فيكون تبع الشرط وكأنه قال إلا أن يشترط المبتاع شيئاً من ذلك وهو قول الجمهور من الفقهاء.
الحديث السادس والثلاثون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمشتري([50]).
الشرح:
الحديث فيه نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - البائع عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها لكي لا يأكل مالاً بالباطل ونُهي المشتري لأنه يعين على أكل المال بالباطل.
والنهي يقتضي التحريم بفساد المبيع وعدم صحته.
الحديث السابع والثلاثون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر عن زيد بن ثابت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرخص لصاحب العريَّة أن يبيعها بخرصها([51])([52]).
الشرح:
سبب العريَّة أن رجالاً احتاجوا إلى رطب وليس بأيديهم نقود يشترون بها الرطب وعندهم تمر جاف، فشكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرهم فرخص لهم أن يشتروا العرايا بخرصها من التمر الذي بأيديهم؛ ليأكلوا رطباً وستأتي شروط صحة هذه المعاملة بعد استقراء أحاديثها.
والأصل تحريم شراء ما على رؤوس النخل بتمر سوءاً كان كيلاً أو جراماً، لأنها نوعان من جنس واحد يحرم بينهما التفاضل وإذا جهلنا ما على رؤوس النخل لم نتمكن من معرفة التساوي بالوزن وهذا تفاضل في حكم قد عُلم تحريمه وهو من نوع البيع المنهي عنه ويسمى المزابنة.
رخص من بيع المزابنة بيع العريَّة فأجازها الشرع للحاجة إليها بشروط خمسة وهي:
1- حاجة المشتري إلى أكل الرطب.
2- أن لا يكون عنده نقدٌ ليشتري به نخلة أو رطباً ولو كان غنياً فلا يشترط الفقر في أصح قولي العلماء.
3- يخرص الرطب بقدر ما يؤول إليه جافاً تمراً فالخرص هنا قائم بمقام الكيل .
4- أن يحصل التقابض بمجلس العقد النخلة بالنخلة والتمر بالكيل.
5- فإن اختلت هذه الشروط الخمسة أو بعضها لم يصح البيع لأنه يفضي إلى الربا والأصل في الرخصة لهذا البيع الحاجة.
الحديث الثامن والثلاثون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع المزابنة([53]): بيع التمر بالتمر كيلاً وبيع الكرم([54]) بالزبيب كيلاً([55]).
الشرح:
المزابنة فسَّرها الإمام مالك بأنها بيع مكيل لا يعلم كيله أو وزنه بشيء من جنسه ومن ذلك بيع على رؤوس النخل فهذا يجمع أمرين:
أحداهما: الجهالة والمخاطرة التي لم تدعُ إليها الحاجة.
ثانيها: الربا فإن التمر على رؤوس النخل مجهول مبيعه بتمر جنسه لم يتحقق التماثل بينهما فيفضي إلى ربا الفضل (والجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل في الحكم).
المزابنة رخص من بيعها ما تدعو إليه الحاجة بقيود تقلل من الملكية المباعة وتخفّف من الجهالة في العرايا والقيود وهي:
1- أن يباع ما على رؤوس النخل بمثل ما يؤول إليه تمراً إذا جف كيلاً.
2- أن يكون أقل من خمسة أوسق وهي تقدَّر بثلاثمائة صاع.
3- أن تكون لمن احتاج الرطب.
4- أن يكون المحتاج لا يملك النقود.
5- أن يكون الحلول والتقابض قبل التفرق.
الحديث التاسع والثلاثون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال: لكل مطلقة متعةً إلا التي فُرض لها صداق ولم يُدخل بها فحسبُها نصف المهر([56]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (588) وبراوية يحيى بن بكير برقم (12/2) وبراوية أبي مصعب برقم (1644) وأخرجه الشافعي برقم (7/31) والطحاوي في شرح المشكل برقم (7/7) والبيهقي برقم (7/257) والبغوي في شرح السنة برقم (2307) من طريق مالك.
الحديث الأربعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أعتق شِركاً([57]) له في عبد وكان له ما يبلغ ثمن العبد قوِّم عليه قيمة العدل فأعطى شركائه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق»([58]).
الشرح:
1- الحديث فيه الترغيب على عتق الرقاب، وأنه لو كانت له شراكه، ولو قليلة في عبدٍ أو أمةٍ، ثم أعتق جزءاً منه، أعتق نصيبه بنفس الإعتاق.
2- فإنّ كان المعتق موسراً بحيث يستطيع دفع نصيب شريكه عتق العبد كله، نصيبه، ونصيب شريكه، وقوم عليه نصيب شريكه بقيمته التي يساويها، وأعطى شريكه القيمة، فإن لم يكن موسراً بحيث لا يملك قيمة نصيب صاحبه، فلا إضرار على صاحبه، فيعتق نصيبه، ويبقى نصيب شريكه رقيقاً كما كان.
3- بعضهم يرى أنَّه يعتق ويستسعى العبد بالقيمة.
4- إن ملك بعض قيمة نصيب شريكه، عتق عليه بقدر ما عنده من القيمة.
5- جواز الاشتراك في العبد، والأمة في الملك.
6- أن من أعتق نصيبه من عبد مشتركٍ عتق نصيبه.
7- فإن كان موسراً، عتق باقية، وغرم لشركة قيمة نصيبه وإن كان معسراً، لم يعتق نصيب شريكه، وصار العبد مبعَّضاً، بعضه حر، وبعضه رقيق.
الحديث الحادي والأربعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابنة ابن عمر وأمها تحت زيد بن الخطاب كانت تحت ابن لعبد الله بن عمر فمات ولم يدخل بها ولم يسمِّ لها صداقاً فابتغت لها صداقاً فقال ابن عمر: ليس لها صداقٌ فلو كان لها صداقاً لم يمنعكموه ولم يظلمها فأبت أن تقبل ذلك فجعلوا بينهم زيد بن ثابت فقضى أن لا صداق لها ولها الميراث([59]).
الشرح:
اختلف العلماء فيمن تجب لها المتعة من المطلقات:
فروي عن ابن عمر من وجوه ما ذكره مالك، عن نافع عنه، وبه قال قتادة، وإبراهيم، وشريح القاضي، ومجاهد، وعطاء، ونافع، كل هؤلاء يقولون: لا متعة للتي طلقت قبل الدخول، وقد كان فرض لها صداق، ويقولون: حسبها نصف الصداق وعلى هذا جمهور العلماء في التي طلقت قبل الدخول بها، وقد فرض لها.
قال آخرون: لكل مطلقةٍ متعة دخل بها أو لم يدخل بها، فرض لها، أو لم يفرض لها: منهم: الحسن البصري، وأبو العالية، وأبو قلابة، وسعيد بن المسيب، ومحمد بن شهاب الزُّهري.
إلا أن الزُّهري يقول: إذا لم يفرض لها، وطلقت قبل الدخول، فالمتعة واجبة، وإن فرض لها، وطلقت قبل الدخول، فالمتعة حينئذ يندب إليها وهو قول الكوفيين ذكره عبد الرزاق، عن معمر، وابن جريج، عن ابن شهاب.
اختلافهم في وجوب المتعة:
فكان شريح يجبر عليها في أكثر الروايات عنه، روى وكيع، عن سفيان، عن الزبير بن عدي، عن زيد بن الحارث، عن شريح أن رجلاً طلق، ولم يفرض، ولم يدخل، فأجبره شريح على المتعة.
الحديث الثاني والأربعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجم يهوديين زنيا([60]).
الشرح:
الحديث فيه، وجوب حد الزنا في الكافر، وبه قال الشافعي، وأحمد، وأبو حنيفة، والجمهور وذهب مالك إلى أنه لا حدَّ عليه في الزنا ورواه ابن أبي شيبة عن عبدالله بن عباس، وإبراهيم النخعي، وحكاه ابن حزم عن علي بن أبي طالب، وربيعة الرأي، قال ابن عبدالبر: قال مالك إنما رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليهوديين لأنه لم تكن لليهود يومئذ ذمة، وتحاكموا إليه، وقال الطحاوي لما ذكر كلام مالك: هذا لو لم يكن واجباً عليهم لما أقامه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: وإذا كان من لا ذمة له قد حده النبي - صلى الله عليه وسلم - ، في الزنا فيكون من كانت له الذمة أولى بذلك، وقال المازري بعد ذكره حمل مالك هذا على أنه لم تكن له ذمة فكان ذمة مباحاً، لكنه يعترض على هذا عندي برجمه للمرأة، ولعله يقول: كان ذلك قبل النهي عن قتل النساء.
الحديث الثالث والأربعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يتحرَّ أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها) ([61]).
الشرح:
الحديث فيه دليل على نهي النبي عليه الصلاة والسلام عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها ولكن يجوز الصلاة في الأوقات المنهي عنها إذا كان هنالك سبب مثل قضاء صلاة أو ركعتين لدخول المسجد أو ركعتين للوضوء وصلاة الكسوف ونحو ذلك وتسمى ذوات الأسباب.
الحديث الرابع والأربعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن الضب فقال: (لست بآكله ولا محرمه) ([62]).
الشرح:
الحديث فيه جواز أكل لحم الضب وأن أ كله حلال وهو قول الجمهور وقد خالف بعضهم ذلك ولكن قولهم ضعيف.
الحديث الخامس والأربعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النجش([63])([64]).
الشرح:
الحديث فيه النهي عن بيع النجش، وذلك بأن يزيد في ثمن السلعة المعروضة للبيع، لا يشتريها بل ليضر المشتري بزيادة الثمن عليه، أو ينفع البائع بزيادة الثمن له، أو يقصد الأمرين، أولا يقصد إلا اللعب فقط.
النهي في الحديث يقتضي التحريم.
قال ابن بطّال: أجمع العلماء على أن الناجش عاصٍ بفعله.
الحديث السادس والأربعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يبع بعضكم على بيع بعض) ([65]).
الشرح:
الحديث فيه دليل على تحريم بيعه على بيع أخيه المسلم كأن يقول لمن اشترى سلعة بعشرة: أنا أعطيك مثلها بتسعة، أو أعطيك خيراً منها بثمنها، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «ولا يبع بعضكم على بيع بعض» متفق عليه، وقال - صلى الله عليه وسلم - : «لا يبيع الرجل على بيع أخيه» متفق عليه.
الحديث السابع والأربعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يبع حاضر لباد)([66])([67]).
الشرح:
الحديث فيه نهي النبي عليه الصلاة والسلام بيع الحاضر للباد وقد اختلفوا في صحة بيع الحاضر على الباد فالمشهور عند أحمد البطلان بشروط أربعة:
1- أن يكون بالناس حاجة إلى السلعة.
2- أن يقدم البائع لبيع سلعته بسعر يومها.
3- أن يكون جاهلاً بسعرها.
4- أن يقصده الحاضر لبيعها.
ودليلهم: أن النهي يقتضي الفساد.
وذهب جمهور العلماء إلى صحة البيع، مع التحريم لمخالفته النهي.
الحديث الثامن والأربعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:(لا يخطبُ أحدكم على خِطبة أخيه) ([68]).
الشرح:
معنى الحديث: أن يخطب الرجل على خطبة أخيه المسلم بلا إذن الأول، وقد أجمع العلماء على تحريم ذلك، فإن تزوج والحال هذه فقد عصى الله اتفاقاً، ويصح النكاح عند جمهور العلماء، ولم يبطله إلا داود الظاهري.
ذكر الفقهاء حالات يجوز فيها الخطبة على الخطبة منها:
1- أن يكون الثاني استأذن الأول، فأذن له إذنا صريحاً.
2- أن يكون الثاني غير عالم بخطبة الأول.
3- أن تُرد خطبة الأول.
4- أن يترك الخاطب الأول، ويعرض عن الخطبة.
ففي هذه الصور لا إثم على الخاطب الثاني إذا خطب.
الحديث التاسع والأربعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرق بين المتلاعنين وألحق الولد بالمرأة([69]).
الشرح:
الحديث يدل على أنه الذي يبدأ بالملاعنة الزوج فيقول أربع مرات: (أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي هذه من الزنا) يشير إليها إن كانت حاضرة، ويسميها إن كانت غائبة، ثم يزيد في الخامسة: (أنَّ لعْنَت الله عليَّ إن كنت من الكاذبين).ثم تقول الزوجة أربعاً: (والله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا) ثم تزيد في الخامسة: (أنَّ غضب الله عليَّ إن كان من الصادقين).
الحديث الخمسون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه ([70])) ([71]).
الشرح:
الحديث فيه دليل على أنه لايصح التصرف في البيع قبل القبض إذا كان مكيلاً أو موزوناً أو معدوداً أو مذروعاً باتفاق الأئمة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم: علة النهى عن البيع قبل القبض عجز المشتري عن تسلمه؛ لأن البائع قد يسلِّمه وقد لا يسلِّمه لاسيما إذا رأى المشتري قد ربح ؛ فإنه يسعى في رد البيع؛ إما يجحد، أو احتيال على فسخ العقد، وتأكد ذلك بالنهي عن ربح ما لم يضمن.
الحديث الحادي والخمسون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عائشة أرادت أن تشتري جارية فتعتقها فقال أهلها: نبيعها على أنَّ ولائها لنا فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (لا يمنعنَّك ذلك فإنما الولاء لمن أعتق)([72]).
الشرح:
الحديث يدل على أن الولاء لمن أعتق، وأن بائع الرقيق لو اشترط على المشتري أنَّ الولاء له، فإن شرطه باطل، قال - صلى الله عليه وسلم - في حق البائع الذي اشترى الولاء على المشتري: «ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط وقضاء الله أحق وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن اعتق».
قال في الروض وحاشيته: وإن شرط البائع إن أعتق المشتري فالولاء للبائع بطل الشرط وحده، ولم يبطل العقد ؛ لقصة بريرة فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أبطل الشرط أما العقد: (اشتريها، واعتقيها، واشترط لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق).
قال ابن القيم : كل شرط ليس في حكم الله فهو مخالف له ؛ فيكون باطلاً، واعتبار كل شرط لم يحرمه الله تعالى، لم يمنع منه.
الحديث الثاني والخمسون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا ابتدأ الصلاة رفع يديه حذو([73]) منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك([74]).
الشرح:
استحباب رفع اليدين حذو المنكبين وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك.
الحديث الثالث والخمسون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلَّى ركعة واحدة توتر له ما قد صلَّى) ([75]).
الشرح:
الحديث فيه بيان أن السُّنة في صلاة الليل أن يسلَّم من كل ركعتين، وأيضاً فيه دليل على أنه لاحدَّ لصلاة الليل من حيث العدد وفيه دليل على أن الصلاة ممتدة إلا إذا خشي الصبح فإنه يوتر بواحدة وفيه دليل على أن آخر الصلاة الوتر.
الحديث الرابع والخمسون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع أن ابن عمر سجد في سورة الحج سجدتين([76]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية أبي مصعب برقم (260) وأخرجه الشافعي برقم (1/137) (7/202) والبيهقي في المعرفة برقم (1098) عن طريق مالك.
الشرح:
الحديث فيه دليل على أن في سورة الحج سجدتين وفيه استحباب السجود عندهما.
الحديث الخامس والخمسون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع أن ابن عمر يسلِّم بين الركعة والركعتين في الوتر حتى يأمر ببعض حاجاته([77]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (258) وبراوية أبي مصعب برقم (306)، وأخرجه الشافعي برقم (1/140) والبخاري برقم (991)، والبيهقي برقم (3/26) من طريق مالك.
الشرح:
الحديث فيه دليل على جواز قطع صلاة النافلة للحاجة.
الحديث السادس والخمسون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يقول: من صلى المغرب أو الصبح ثم أدركهما مع الإمام فلا يعد لهما([78]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (248) وبراوية أبي مصعب برقم (336) وأخرجه أحمد برقم (16/207) (1030)، والبخاري برقم (703)، وأبوداود برقم (794)، والنسائي برقم (822) من طريق مالك.
الشرح:
الحديث هو قول الأوزاعي والحسن البصري، وسفيان الثوري.
وقال مالك وأصحابه يعيد الصلوات كلها من صلاها وحده إلا المغرب وحدها وهو قول أبي موسى الأشعري، والنعمان بن مقرن، وأبي مجلز، وطائفة.
وروى حماد بن سلمة، عن أبي عمران الجوني، عن أنس بن مالك، قال: صليت الفجر ثم أتيت المسجد فوجدت أبا موسى الأشعري يريد أن يصلي، فجلست ناحية، فلما صلى قال: مالك لم تصل ؟ قلت: إني قد صليت. قال: إن الصلاة كلها تعاد إلا المغرب فإنها وتر صلاة النهار.
وقال مالك: تعاد الصلوات كلها إن صلاها وحده إلا المغرب وحدها فإنه لا يعيدها لأنها تصير شفعاً.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يعيد المصلي وحده مع الإمام العصر ولا الفجر ولا المغرب ويعيد معه الظهر والعشاء ويجعل صلاته مع الإمام نافلة.
وقال الشافعي: من صلى وحده أعاد صلاته مع الجماعة إذا وجدها وأمكنته في تلك الصلاة والصلوات كلها في ذلك سواء؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لمحجن الديلي t: «إذا جئت فصل مع الناس، وإن كنت قد صليت» ولم يخص صلاة من صلاة ولم يذكر عصراً ولا مغرباً ولا صبحاً وهو القول الصحيح.
الحديث السابع والخمسون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يقرأ في الصبح في السفر بالعشرِ الأول من المفصّل في كل ركعة بأم القرآن([79]) وسورة ([80]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (200)، وبراوية أبي مصعب برقم (223)، وأخرجه البيهقي برقم (2/389) من طريق مالك.
الحديث الثامن والخمسون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا صلى وحده يقرأ في الأربع في كل ركعة بأم الكتاب([81]) وسورة من القرآن.
قال نافع: وكان يقرأ أحياناً بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة من صلاة الفريضة ويقرأ في الركعتين من المغرب كذلك بأم القرآن وسورةٍ سورة([82]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن بر قم (133)، وبراوية أبي مصعب برقم (219) وأخرجه الشافعي برقم (7/207) وابن المنذر برقم (1338) والبيهقي برقم (2/64) من طريق مالك.
الشرح:
ثبت عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقرأ سورة من القرآن ويقرأ بعدها سورة الإخلاص كما في صحيح البخاري وأكثر الصحابة كانوا على قراءة فاتحة الكتاب وسورة (في كل ركعة) وربما قرن بعضهم السورتين مع فاتحة الكتاب في ركعة روي ذلك عن عبدالله بن مسعود وعبدالله بن عمر وهذا كله من فعلهم يدل على التخيير والإباحة، فيفعل المصلي من ذلك ما شاء.
الحديث التاسع والخمسون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: لا يحتجم المحرم إلا أن يضطر إلى مالا بُدَّ له منه([83]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (416) (522)، وبرواية أبي مصعب برقم (1190) وأخرجه الشافعي برقم (7/212) والبيهقي برقم (2883) من طريق مالك.
الشرح:
قال مالك: لا يحتجم المحرم إلا من ضرورة.
قال ابن عبدالبر: لا خلاف بين العلماء في أنه لا يجوز للمحرم حلق شيء من شعر رأسه حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر إلا من ضرورةٍ، وإن حلق رأسه مع الضرورة فعليه الفدية التي قضى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على كعب بن عُجرة رضي الله عنه حين أذاه القمل في رأسه حتى تناثر على وجهه واختلفوا فيمن فعل ذلك على غير ضرورة.
الحديث الستون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ال: (خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جُناح([84]): الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور) ([85]).
الشرح:
الحديث فيه دليل على قتل هذه الخمس من الدواب وأنه ليس على المحرم شيء في قتلها.
الحديث الحادي والستون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب قال: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل([86]) ولا تُشِفُّوا([87]) بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق([88]) بالورق إلا مثلاً بمثل ولا تُشفُّوا بعضها على بعض»([89]).
الشرح:
هذا الحديث وحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه([90]) يُعدان أصولاً، التي تُعتبر مقياس المبيعات في بيع بعضها ببعض جنساً واحداً أو أجناساً، وبيَّن العلة في كل واحد منها، ليتوصل المجتهد بشاهد إلى غائب، فإنه ذُكر النقدين والمطعومات الأربع، إيذاناً بأن علة الربا هي التنمية أو الطعم، وإشاراً بأن الربا إنما يكون في النوعين المذكورين، وهما الثمن أو الطعم، من البر والشعير والتمر، أو ما يقصد لغيره وهو الملح، ليعلم أن الكل سواء في هذا الحكم.
إن هذه الأجناس السِّتة هي الأجناس الربوية المنصوص عليها، وما عداها ألحقه علماء القياس بها إلحاقاً بالجنس إذا بيع بجنسه كالذهب بالذهب والبر بالبر، يشترط لصحة العقد أمران:
أحدهما: التماثل بينهما بأن لا يزيد أحدهما عن الآخر، لهذا هو المراد بقوله (مثلاً بمثل) و(لا تُشِفُّوا بعضها على بعض).
الثاني: التقابض بين الطرفين في مجلس العقد، وهذا هو المراد بقوله: (يداً بيد) و (لا تبيعوا غائباً بناجز).
أما إذا كان البيع بين الجنسين كذهب بفضة أو بر بتمر، فلا يشترط إلا شرط واحد فقط، وهو التقابض بمجلس العقد، وهذا هو المراد بقوله: (يداً بيد)، (ولا تبيعوا غائباً بناجز) والجنس: ماله اسم خاص يشمل أنواعاً، و النوع هو الشامل لأشياء مختلفة بأشخاصها، وقد يكون النوع جنساً، وبالعكس، والمراد منا الجنس الخاص كالبر، إلا العام الذي هو الحب، والمراد هنا النوع الخاص الذي هو – اللقيمي – مثلاً، لا العام الذي هو البر.
أجمع العلماء على تحريم التفاضل في جنس واحد من هذه الأجناس السِّتة التي نصَّ عليها حديث عبادة بن الصامت t.
أجمع العلماء على جواز التفاضل بين جنسين إذا بيع أحدهما بالآخر بشرط التقابض في المجلس؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : «فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيدٍ».
الحديث الثاني والستون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع أن رجلاً وجد لُقطة فجاء إلى عبدالله بن عمر فقال: إني وجدت لُقطة فماذا ترى ؟ فقال له ابن عمر: عرِّفها ! قال قد فعلت قال: زد فقال: قد فعلت فقال: لا آمرك أن تأكلها([91])ولو شِئتَ لم تأخذها([92]).
الشرح:
أجمع أهل العلم على أن الُلقطة ما لم تكن تافهاً يسيراً، أو شيئاً، لا بقاءَ له، فإنها تُعرَّف حولاً كاملاً و أنَّ صاحبها إن جاءَ، وثبت أنه صاحبها أنه أحق بها من مُلتقطها، وأنه يضمن المُلتقط قيمتها إن كان أكلها، أو استهلكها قبل الحول، أو بعده، فإن كان استهلاك المُلتقط لها بعد الحول، كان صاحبها مخيراً بين أن يضمن المُلتقط قيمتها، وبين أن يسلم له فعله فينزل على أجرها.
الحديث الثالث والستون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع وعبدالله بن دينار أنهما أخبراه أن عبدالله بن عمر قَدِم الكوفة على سعد بن أبي وقاص وهو أميرها فرآه يمسح على الخُفين فأنكر ذلك عبد الله فقال له سعد: سَلْ أباك فسأله فقال عمر: إذا أدخلت رجليك في الخُفين وهما طاهرتان فامسح عليهما.
فقال ابن عمر: وإن جاء أحدنا من الغائط ؟
فقال: وإن جاء أحدكم من الغائط([93]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (49)، وبرواية أبي مصعب برقم (88)، والشافعي برقم (7/226) من طريق مالك.
الشرح:
أجمع العلماء على أنه لا يجوز أن يمسح على الخفين إلا من لبسهما على طهارة، إلا أنهم اختلفوا في هذا المعنى فيمن قدَّم في وضوئه غسيل رجليه ولبس خُفية، ثم أتم وضوءه: هل يمسح عليهما أم لا ؟
هذا يصح على قول من أجاز تقديم أعضاء الوضوء بعضها على بعض ولم يوجب الترتيب فيها.
فقال أبو حنيفة وأصحابه: (من غسل رجليه ولبس خُفيه ثم أكمل وضوءه أجزأه أن يمسح عليها).
وقال مالك والشافعي: (لا يجزئه إلا أن يكون لبس خُفيه بعد أن أكمل الوضوء).
ومن هذه المسألة تفرع الجواب فيمن لبس أحد خُفيه بعد غسل إحدى رجليه وقبل أن يغسل الأخرى.
فقال مالك: (لا يمسح على خفيه من فعل ذلك ؛ لأنه قد لبس الخف الآخر قبل تمام طهارته).
وهو قول الشافعي وأحمد.
وقال أبو حنيفة والثوري والمزني والطبري وداود: (يجوز له أن يمسح).
وهو قول طائفة وقد أجمعوا أنه لو نزع الخف الأول بعد لبسه جاز له المسح.
الحديث الرابع والستون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا رعف([94]) انصرف فتوضأ ثم رجع فبنى([95]) ولم يتكلم([96]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية أبي مصعب برقم (95)، وأخرجه الشافعي برقم(1/105)، وابن المنذر في الأوسط برقم (61)، والبيهقي برقم (2/256) من طريق مالك.
الشرح:
قال ابن عبدالبر اختلف العلماء في الرعاف هل هو حدث يوجب الوضوء للصلاة أم لا؟ إذا نزل بالمصلي حدثٌ بعد أن صلى بعض صلاته فانصرف فتوضأ: هل يبني على ما صلى أم لا؟
قال ابن عبدالبر: إنه لما رعف انصرف فتوضأ حمله أصحابنا على أنه غسل الدم ولم يتكلم، وبنى على ما صلى، فإن كان الدم يسيراً غير سائل، ولا خارج فإنه لا ينقض الوضوء عند جميعهم ولا أعلم أحداً أوجب الوضوء من يسير الدم إلا مجاهداً وحده، والله أعلم.
وقد احتج أحمد بن حنبل في ذلك بأن عبد الله بن عمر عصر بثرة فخرج منها دم ففتله بيده، ثم صلى ولم يتوضأ وهو الصحيح كما ثبت عن الحسن البصري رحمه الله عندما قال: ما زال المسلمون يصلون بجراحاتهم.
الحديث الخامس والستون
قال الشافعي أنبانا مالك عن نافع قال: كنت مع ابن عمر بمكة والسماء مُغِيَمة فخشي ابن عمر الصبح فأوتر بواحدة ثم تكشَّف الغيم فرأى عليه ليلاً فشفع بواحدة([97]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (251)، وبراوية أبي مصعب برقم (305) وأخرجه الشافعي برقم (1/141) (7/248) من طريق مالك.
الشرح:
الحديث فيه بيان أنه من صلى الوتر بعد طلوع الصبح ثم تبين له بقاء الليل جاز له الشفع ثم يوتر بعد ذلك.
وفيه أيضاً جواز التنفل بعد صلاة الوتر.
الحديث السادس والستون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يصلي وراء الإمام بمنى أربعاً فإذا صلّى لنفسه صلى ركعتين([98]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (199)، وبراوية أبي مصعب برقم (393)، وأخرجه الشافعي برقم (7/248)، والطحاوي في شرح المعاني برقم (1/420) والبيهقي في المعرفة برقم (1596) من طريق مالك.
الحديث السابع والستون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه لم يكن يصلي مع الفريضة([99]).
الشرح:
الحديث فيه بيان أن السُّنة في السَّفر عدم صلاة الرواتب إلا ركعتي الفجر والوتر ومثله صلاة الضحى ومثله ركعتا الوضوء وغيرها من النوافل.
الحديث الثامن والستون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه لم يكن يصلي مع الفريضة في السَّفر شيئاً قبلها ولا بعدها إلا من جوف الليل([100]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (209)، وبراوية أبي مصعب برقم (400) وأخرجه الشافعي برقم (248)، وابن المنذر في الأوسط برقم (2784)، والبيهقي برقم (158)، من طريق مالك.
الشرح:
الحديث فيه بيان أن المسافر إذا صلى خلف المقيم أو من يُتم الصلاة صلى معه ولم يقصر وإذا صلى لوحده قصر الصلاة.
الحديث التاسع والستون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان لا يقنت في شيء من الصلاة([101]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (242)، و برواية أبي مصعب برقم (427) وأخرجه الشافعي برقم (248)، وعبدالرزاق برقم (4952) والطحاوي في شرح المعاني برقم (253) والبيهقي في المعرفة برقم (953) من طريق مالك.
الشرح:
قال ابن عبدالبر: وأما ابن عمر فكان لا يقنت ولم يختلف عنه في ذلك وروى سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، قال: قُلتُ لمجاهدٍ: صحبت ابن عُمر إلى المدينة فهل رأيته يقنت؟ قال لا: قال ولقيت سالم بن عبد الله فقلت له أكان ابن عمر يقنت: قال لا إنما هو شيء أحدثهُ الناسُ.
والذي يظهر أن عدم قنوت ابن عمر كان من أجل الفتنة في وقت علي t.
كما قال ابن عبد البر: وسئل ابن شبرمة عنه فقال الصلاة كلها قنوت قال: فقلت إليه أليس قنت علي t يدعو على رجال؟ فقال: إنما هلكتم حين دعاء بعضكم على بعض.
والصحيح أن القنوت مسنون في النوازل لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أبي هريرة t وعمر t، وكما قال ابن عبدالبر وأما الفقهاء الذين دارت عليهم الفتيا في الأمصار فكان مالك وابن أبي ليلى والحسن، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وداود يرون القنوت في الفجر.
الحديث السبعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع أن ابن عمر لم يكن يصلي يوم الفطر قبل الصلاة ولا بعدها([102]).
الشرح:
الحديث فيه دليل على أنه لا توجد سُنة قبل صلاة العيد ولا بعدها واختلف أهل العلم في تحية المسجد لمصلى العيد هل يشرع له ركعتان كتحية المسجد فمنهم من قال إذا عُيِّن المصلى وحجز صار كالمسجد يشرع له تحية المسجد واستدلوا أن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى النفساء والحيض دخول مصلى العيد ومنهم من قال أنه لا يشرع له تحية المسجد وهو قول الأكثر وهو الصواب والله أعلم.
الحديث الحادي والسبعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يكره المنطِقَةِ للمحرم([103])([104]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (434)، وبراوية أبي مصعب برقم (1045) وأخرجه الشافعي برقم (252) والبيهقي في المعرفة برقم (2897) من طريق مالك.
الشرح:
ذكر عن محمود بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول في المنطِقَةِ يلبسها المحرم تحت ثيابه: أنه لا بأس بذلك، إذا جعل طرفيها جميعاً سيوراً يعقدُ بعضها إلى بعض، والذي يجوز له عقده عند أكثر العلماء، وقد كرهه قوم من العلماء منهم سعيدُ بن جبير، وعطاءُ، والصواب أنه مباح لبسه للمحرم، والله أعلم.
الحديث الثاني والسبعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه سمع الإقامة وهو بالبقيع فأسرع المشي إلى المسجد([105]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (94) ورواية أبي مصعب برقم(195) وأخرجه الشافعي برقم (250) والبيهقي في المعرفة برقم (1782)، وابن عساكر في تاريخه برقم (25) من طريق مالك.
الشرح:
اختلف السلف في هذا الحديث قال ابن عبدالبر: معلومُ أن النبي عليه الصلاة والسلام إنما زجر عن السعي من خاف الفوت، لقوله: «إذا أقيمت الصلاة»؛ وقال «فما أدركتم فصلوا»، فالواجب أن يأتي الصلاة من خاف فوتها، ومن لم يخف يأتي الصلاة بالوقار، والسكينة، وترك السعي، وتقريب الخُطى، لأمر النبي عليه الصلاة والسلام بذلك.
وقد قال بعض أصحابنا: إن ابن عمر لم يزد على هيئة مشيته المعهودة، ولم يكن من عادته الإسراع في المشي؛ ويقول: هو أبعد من الزهوِ للمسلم أن يخرج إلى المسجد بسكينة ووقار، ولا يشبك بين أصابعه؛ لأنه في صلاة.
فعن أبي هريرة t قال: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا ثوِّب للصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وائتوها و عليكم السكينة، فما أدرتكم فصلوا، وما فاتكم فأتموا، فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة»([106]).
الحديث الثالث والسبعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا سجد يضع كفيه على الذي عليه وجهه.
قال نافع: والله لقد رأيته في يوم شديد البرد يخرج يديه من تحت برنس له حتى يضعهما على الحصا([107]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (149) وبراوية أبي مصعب برقم (535) وأخرجه الشافعي برقم (251) والبيهقي برقم (2/107) من طريق مالك.
الشرح:
الحديث فيه قوله كان يخرج يديه في اليوم شديد البرد من تحت برنسٍ له فإن ذلك مستحب مأمور به عند الجميع.
والدليل على ذلك إجماع المسلمين على أن المصلي يسجد على ركبتيه مستورتين بالثياب وهي بعض الأعضاء التي أمر المصلي بالسجود عليها فكذلك سائر أعضائه إلا كشف الوجه.
إلا أن في قول ابن عمر اليدان تسجدان كما يسجد الوجه، ما يدل على أن حكم اليد على حكم الوجه لا حكم الركبتين.
والأفضل للمصلي أن لا يستر يديه بأكمامه عند السجود وأن يكشف وجهه والله أعلم.
الحديث الرابع والسبعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع أن ابن عمر سُئل عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها؟
قال: تُفطر وتُطعِم مكان كل يوم مسكِيناً مُدَّاً من حِنطة بمدِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ([108]).
الشرح:
المرضع والحامل يجب عليهما قضاء ما أفطرتا من شهر رمضان، ويجب مع القضاء على من أفطرت للخوف على ولدها إطعام مسكين عن كل يوم أفطرته.
قال ابن القيم: أفتى عبدالله بن عباس وغيره من الصحابة في الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما أن تفطر أو تطعم عن كل يوم مسكيناً، إقامة للإطعام مقام الصيام.
الحديث الخامس والسبعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: ما استيسر من الهدي بدنة أو بقرة([109]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (459)، وبرواية أبي مصعب برقم (1222) وأخرجه الشافعي برقم (7/252) والبيهقي (5/24) من طريق مالك.
الشرح:
قال مالك أنه بلغه أن عبدالله بن عباس كان يقول: ما استيسر من الهدي، شاةٌ.
قال مالك: وذلك أحب ما سمعتُ إليَّ في ذلك؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ] [المائدة: 95].
فمما يحكم به في الهدي، شاة، وقد سماها الله هدياً، وذلك الذي لا اختلاف فيه عندنا، وكيف يشك أحد في ذلك؟ وكل شيء لا يبلغ أن يحكم فيه ببعير أو بقرة فالحكم فيه، شاةٌ، وما لا يبلغ أن يحكم فيه بشاة، فهو كفارة من صيام، أو إطعام مساكين.
قال ابن عبدالبر: قد أحسن مالك في احتجاجه هذا، وأنني بما لا مزيد لأحد فيه وجهاً حسناً في معناه.
وعليه جمهور أهل العلم، وعليه تدور فتوى فقهاء الأمصار بالعراق والحجاز فيما استيسر في الهدي.
الحديث السادس والسبعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يغدو من منى إلى عرفة إذا طلعت الشمس([110]).
الحديث السابع والسبعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع أن ابن عمر حج في الفتنة فأهلَّ ثم نظر فقال: ما أَمرُهُما إلا واحدٌ أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة([111]).
الشرح:
أخذ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع العمرة،ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعاً».
قال ابن عبد البر: قد احتج مالك لإدخال الحج على العمرة لقول النبي عليه الصلاة والسلام ثم بفعل ابن عمر، وعليه جمهور العلماء.
الحديث الثامن والسبعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يقول: إذا ملَّك الرجل امرأته فالقضاء ما قضت به إلا أن ينكر عليها الرجل فيقول لم أردُ إلا تطليقة واحدة فيحلف على ذلك فيكون أملَكَ بها ما كانت في عدَّتها([112]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (570)، وبرواية يحيىٰ بن بكير برقم (12/8)، وبرواية أبي مصعب برقم (1559)، وأخرجه الشافعي برقم (7/254) والبيهقي برقم (7/348) من طريق مالك.
الحديث التاسع والسبعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال: من حلف على يمين فوكَّدها([113]) فعليه عتق رقبة([114]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (739) وبراوية يحيى بن بكير برقم (13/20) وبراوية أبي مصعب برقم (2204) وأخرجه الشافعي برقم (7/257) والطحاوي في شرح المعاني برقم (3/118) والبيهقي برقم (10/56) من طريق مالك.
الحديث الثمانون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عبداً له سرق وهو آبق([115]) فأبى سعيد بن العاص قطعه فأمر به ابن عمر فُقطِعت يُدهُ([116]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (690)، وبراوية يحيى بن بكير برقم (7)، وبرواية أبي مصعب برقم (1805) وأخرجه الشافعي برقم (150)، والبيهقي برقم (268) من طريق مالك.
الشرح:
لم يختلف العلماء فيمن أخرج الشيء المسروق من حرزه، سارقاً له وبلغ المقدار الذي تقطع فيه يده، أن عليه القطع، حُراً كان أو عبداً، ذكراً كان أو أنثى، مسلماً كان أو ذمياً، لأن العبد الآبق، إذا سرق، اختلف السلف في قطع يده.
قال ابن عبدالبر: في هذا الخبر لمذهب مالك، في أن السيد لا يقطع يد عبده في السرقة، وإن كان قد اختلف عنه في حده في ا لزنا، ولم يختلفوا عنه، أنه لا تقطع يد عبده في السرقة؛ لأن قطع يد السارق من خصوص السلطان، فلما لم يرض ابن عمر الحد يقام على يدي السلطان ورآه حداً معطلاً، قام لله عزّ وجل.
الحديث الحادي والثمانون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال: إذا آلى([117]) الرجل من امرأة لم يقع عليها طلاق وإن مضت أربعة أشهر حتى يوقف فإما أن يطلق أو يفيء([118])([119]).
التخريج:الحديث رواه مالك في الموطأ برواية يحيى بن بكير برقم (9)، وبرواية أبي مصعب برقم (1578) وأخرجه الشافعي برقم (265) والبيهقي برقم (377) من طريق مالك.
الشرح:
للأزواج الذين يحلفون على ترك وطئ زوجاتهم مهلة أربعة أشهر، فإن وطئوا زوجاتهم وكفَّروا عن أيمانهم، فإن الله يغفر لهم ما حصل منهم، وإن مضت هذه المدة وهم مصرّون على ترك وطء زوجاتهم فإنهم يوقفون ويؤمرون بوطء زوجاتهم والتكفير عن أيمانهم، فإن رفضوا، يأمرون بالطلاق بعد مطالبة المرأة.
الحديث الثاني والثمانون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشِّغار، والشِّغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق([120]).
الشرح:
نكاح الشِّغار: وهو أن يزوج الرجل ابنته أو اخته أو غيرها ممن له الولاية عليها على أن يزوجه الآخر ابنته أو أخته ونحو ذلك، وهذا النكاح فاسد ومحرم، سواء سمي فيه مهر أو لم يسم فيه شيء. وإذا وقع مثل هذا النكاح فعلى كل واحد تجديد العقد دون شرط الأخرى، ويتم العقد بمهر جديد، وعقد جديد، كما سبق، والأخرى كذلك ولا حاجة إلى الطلاق.
الحديث الثالث والثمانون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال: لا يَنكِح([121]) المحرم ولا يُنكِح([122]) ولا يخطب على نفسه ولا على غيره([123]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (437)، وبراوية يحيى بن بكير برقم (23) وبرواية أبي مصعب برقم (1179) وأخرجه الشافعي برقم (78) والبيهقي برقم (213) من طريق مالك .
الشرح:
اختلف الفقهاء في نكاح المحرم.
فقال مالك، والشافعي وأصحابهما، والليث، والأوزاعيُّ: لا يَنكِح المحرم ولا يُنكِح، فإن فعل فالنكاح باطل وهو قول عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبدالله بن عمر، وزيد بن ثابت، وسعيد بن المسيب، وسالم بن عبدالله، وسليمان بن يسار، وبه قال أحمد بن حنبل وقال أبو حنيفة وأصحابه وهو الصحيح.
الحديث الرابع والثمانون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رجلاً لاعن امرأته في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانتفل من ولدها ففرَّق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما وألحق الولد بالمرأة([124]).
الحديث الخامس والثمانون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول في الأَمة تكون تحت العبد فتعتِق: إن لها الخيار مالم يمسَّها فإن مسَّها فلا خيار لها([125]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (573)، وبراوية يحيى بن بكير برقم (10) وبرواية أبي مصعب برقم (1603) وأخرجه الشافعي برقم (122) والبيهقي برقم (225) من طريق مالك.
الشرح:
قال مالك: إن مسَّها زوجها فزعمت أنها جهلت، أن لها الخيار، فإنها تتهم ولا تُصدَّق بما ادّعت من الجهالة ولا خيار لها بعد أن يمسَّها.
قال ابن عبدالبر: لا أعلم مخالفاً لعبدالله، وحفصة ابني عمر بن الخطاب رضي الله عنهم. في أن الخيار لها ما لم يمسَّها زوجها.
الحديث السادس والثمانون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع أن ابن عمر أرسل إلى عائشة فسألها: هل يباشر الرجل امرأته وهي حائض ؟
فقالت: لتشدَّ إزارها على أسفلها([126]) ثم يباشرها([127]) إن شاء([128]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (73)، وبراوية أبي مصعب برقم (161) وأخرجه الدارمي برقم (1073) وابن المنذر برقم (790)، والبيهقي برقم (190)، من طريق مالك.
الشرح:
قال ابن عبد البر: لا أجد بعد في السُّنة أقعد بهذا المفتي من عائشة، فقد كانت تفتي بما وعت عن النبي عليه الصلاة السلام في ذلك وقد ذكرنا في التمهيد حديث حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس أن اليهود كانت إذا حاضت منهم إمرأة أخرجوها، ولم يؤاكلوها، ولم يشاربوها، ولم يجامعوها في البيت فسئل رسول الله عن ذلك فأنزل الله: [وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ ] [البقرة: 222] فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «لا تجامعوهن في البيوت واصنعوا كل شيء إلا النكاح».
فاتضح لنا من هذا الحديث المعنى الذي نزلت هذه الآية ومراد الله به على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام.
الحديث السابع والثمانون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يَتُبْ منها حُرِمَها في الآخرة»([129]).
الشرح:
الحديث فيه دليل على تحريم شرب الخمر قليله وكثيره والدليل على تحريمه من الكتاب والسُّنة والإجماع.
الحديث الثامن والثمانون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال: كل مسكر خمر كل مسكر حرام([130]).
الشرح:
الحديث فيه دليل على أن كل مسكر خمر وكل خمر حرام وأنه كل ما أُسكر فهو خمر مهما اختلفت الأسماء.
وليس كل ما خمر العقل يكون خمراً إنما خمر العقل على وجه المتعة واللذة فإنه خمر.
مثاله: البنج في المجال الطبي يخمِّر العقل ولكن لا يكون خمراً محرماً لأنه ليس فيه متعة ولذة.
الحديث التاسع والثمانون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس في بعض مغازيه.
قال ابن عمر: فأقبلت نحوه فانصرف قبل أن أبلغه فسألت: ماذا قال؟ قالوا: نهى أن يُنْبَذ في الدُّبَّاء والمزفَّت([131])([132]).
الشرح:
روى ابن القاسم، عن مالك، أنه كره الانتباذ في الدُّبَّاء والمزفَّت قال ابن عبدالبر: قد رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أنه نهى عن النبيذ في الدباء والمزفَّتِ، من حديث علي بن أبي طالب t، ومن حديث أنس بن مالك t، ومن حديث سمرة بن جندب t، ومن حديث عائشة رضي الله عنها، ومن حديث عبدالرحمن بن يعمر الديلي ذكرها ابن أبي شيبة، وغيره.
الحديث التسعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رجالاً من أهل العراق قالوا له: إنَّا نبتاع([133])من ثمر النخل والعنب فنعصره خمراً فنبيعها.
فقـال ابن عمر: إني أشهد الله عليكم وملائكته ومن سمع من الجن والإنس أني لا آمركم أن تبيعوها ولا تبتاعوها([134])ولا تعصروها ولا تشربوها ولا تسقوها فإنها رجس من عمل الشيطان([135]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (714)، وبرواية يحيى بن بكير برقم (11)، وبرواية أبي مصعب برقم (1843)، وأخرجه الشافعي برقم (180) والبيهقي برقم (286) من طريق مالك.
الشرح:
قال ابن عبدالبر: مثل هذا القول، لا يكون منه إلا وعنده من الله عز وجل ورسوله عليه الصلاة والسلام معناه.
عن عبدالله بن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاه جبريل، فقال: «يا محمد، إن الله تعالى لعن الخمرة وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وشاربها، وبائعها، ومبتاعها، وساقيها، ومسقاها»([136]).
الحديث الحادي والتسعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر كان يقول: من أذِن لعبده أن ينكح فالطلاق بيد العبد ليس لغيره من طلاقه شيء([137]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (560)، وبرواية يحيى بن بكير برقم برقم (12)، وبرواية أبي مصعب برقم (1641) وأخرجه الشافعي برقم (257) والبيهقي برقم (360) من طريق مالك.
الشرح:
قال ابن عبدالبر: أما قول ابن عمر: فالطلاق بيد العبد، فعلى هذا قول جمهور العلماء ولم يختلف في ذلك أئمة الأمصار وكلهم يقولون: الطلاق بيد العبد، لا بيد السيد وكلهم لا يجيزون النكاح للعبد إلا بإذن سيده وشذَّت طائفة فقالت: الطلاق بيد السيد.
الحديث الثاني والتسعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال: إذا طلق الرجل امرأته فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئ منها فلا ترثه ولا يرثها([138]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (606) وبرواية يحيى بن بكير برقم (13) وبراوية أبي مصعب برقم (1660) وأخرجه الشافعي برقم (210) والطحاوي في شرح المعاني (61) والبيهقي برقم (415) من طريق مالك.
الشرح:
قال ابن عبدالبر: يعني للأزواج وهذا كله قول من قال: الأقراء: الأطهار ؛ لأنه إذا طلقها في طُهر لم يمسها فيه، فهي تعتد به قُرء، سواء طلقها في أوله، أو في آخره، لأن خروجها من ذلك الطُهر، ودخولها في دم الحيض بعده قُرء ثم إذا طهرت منه، ودخلت في الحيضة الثانية كان قُرء ثابتاً، فإذا طهرت من الحيضة الثانية، وانقضى طُهرها ودخلت في الحيضة الثالثة، فقد كمُل لها ثلاث قُروء، وانقضت عدتها وأبانت من زوجها وحلت وهذا كله قول مالك والشافعي، وأصحابهما وتقدمهم من الصحابة: ابن عمر، وزيد بن ثابت، وعائشة إلا أنه قد روى عن ابن عمر، وزيد أنهما قالا: عدة الأَمة حيضتان، وعدة الحرة ثلاثة حيضات.
الحديث الثالث والتسعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن أن ابن عمر قال في أم الولد يتوفَّى عنها سيدها قال: تعتد بحيضة([139]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (596) وبراوية يحيى بن بكير برقم (16) وبرواية أبي مصعب برقم (1714) وأخرجه الشافعي برقم (218) وسحنون في المدونة (438) والبيهقي برقم (447) والبغوي في شرح السُّنة برقم (2393) من طريق مالك.
الشرح:
اختلف العلماء قديماً وحديثاً في عدة أم الولد.
فقال مالك، و الشافعي، وأصحابهما والليث بن سعدٍ، وأحمد بن حنبل، وأبو ثور، وأبو عبيد أن عدتها حيضة وهو قول ابن عمر، والشعبي، ومكحول.
قال ابن عبد البر: أقل ما قيل في هذا الباب حيضة، وما زاد احتاج إلى دليل.
الحديث الرابع والتسعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه سُئل عن المرأة يتوفَّى عنها زوجها وهي حامل.
فقال ابن عمر: إذا وضعت حملها فقد حلَّت. فأخبره رجل من الأنصار أن عمر بن الخطاب قال: لو ولدت وزوجها على سريره ولم يدفن لحلَّت([140]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية يحيى بن بكير برقم (15)، وبرواية أبي مصعب برقم (1705) وأخرجه الشافعي برقم (224) والبيهقي برقم (430) من طريق مالك.
الشرح:
الحامل تعتد بوضع الحمل، سواء كانت مفارقة في الحياة أو بالموت لقوله تعالى [وَأُولَاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ] {الطَّلاق:4} فدلت الآية الكريمة على أن عدة الحامل تنتهي بوضع حملها، كانت متوفي عنها أو مفارقة في الحياة وذهب بعض السلف إلى أن الحامل المتوفي عنها تعتد بأبعد الأجلين، لكن حصل الاتفاق كل حمل تنقضي بوضعه العدة وإنما المراد الحمل الذي قد تبين فيه خلق إنسان، فأما لو ألقت مضغة لم تتبين فيها الخلقة، فإنها لا تنقضي بها العدة.
الحديث الخامس والتسعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع أن ابنة سعيد بن زيد كانت تحت ابن عمر فطلقها البتَّه فخرجت فانتقلت فأنكر عليها ابن عمر([141]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (592) وبرواية يحيى بن بكير برقم (13) وبراوية أبي مصعب برقم (1668) وأخرجه الشافعي برقم (236) والطحاوي في شرح المعاني (80) والبيهقي برقم (431) من طريق مالك.
الشرح:
قال ابن عبد البر: أما حديثه عن نافع أن عبدالله بن عمر أنكر على ابنة سعيد بن زيد انتقالها من بيتها حين طلقها عبدالله بن عمرو بن عثمان، فهو مذهبه، ومذهب أبيه: عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وعائشة، وأكثر الصحابة وجمهور الفقهاء، لعموم قول الله تعالى: [لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ] {الطَّلاق:1}.
وأجمعوا أن المطلقة طلاقاً يملك فيه زوجها رجعتها ولا تنتقل من بيتها في المبتوتة هل عليها السُّكنى؟ وهل على زوجها أن يسكِّنها أم لا؟
جمهور العلماء بالمدينة، وسائر الحجاز، والعراق يقولون: لا تعتد إلا في بيتها.
الحديث السادس والتسعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه طلق امرأته في مسكن حفصة وكانت طريقه إلى المسجد فكان يسلك الطريق الآخر من أدبار البيوت كراهية أن يستأذن عليها حتى راجعها([142]).
التخريج:
الحديث رواه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن برقم (595) وبرواية يحيى بن بكير برقم (12) وبرواية أبي مصعب برقم (1669) وأخرجه الشافعي برقم (241) وسحنون في المدونة (424)، والبيهقي برقم (372) من طريق مالك.
الشرح:
حديث ابن عمر في سلوكه من أدبار البيوت حين طلق امرأته، كراهية أن يستأذن عليها حتى يراجعها، فهو من ورعه t.
الحديث السابع والتسعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سريَّة فيها عبد الله بن عمر قِبَل نجد فغنموا إبلاً كثيرة وكانت سِهمانهم أثنى عشر بعيراً أو أحد عشر بعيراً ثم نفَّلوا([143])بعيراً بعيراً([144]).
الشرح:
قال ابن عبد البر: إنما قال عبدالله بن المبارك هذا القول لأن شعيب بن أبي حمزة خالف مالكاً في معنى هذا الحديث، لأن مالكاً جعل الأثنى عشر بعيراً من سهمان السريَّة وذكر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثها، وأن القسمة والنفل كان كل ذلك لها، لا يشركها فيه جيش ولا غيره، وجعل شعيب بن أبي حمزة السريَّة منبعثه من جيش، وأن قسمة ما غنموا كان بين أهل العسكر وأهل السريَّة، وأن أهل السرية فُضِّلوا على الجيش ببعير بعير، لموضع شخوصهم ونصبهم، وهذا حكم آخر عند جماعة من الفقهاء، إلا أنهم لا يختلفون أن كل ما أصابته السريَّة شرِكهم فيه أهل الجيش، وكذلك ما صار لأهل العسكر، شركهم فيه أهل السريَّة، لأن كل واحد منهم ردء لصاحبه، إلا ما كان من النفل الجائز لأهل العسكر وللسرايا.
الحديث الثامن والتسعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع سارقاً في مجنٍ([145])([146]).
الحديث التاسع والتسعون
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب غُسِّل وكُفِّن وصُلِّي عليه([147]).
الشرح:
قال ابن عبد البر: من حجةِ من ذهب إلى هذا وهو معنى قول مالك أن السُّنة المجتمع عليها في موتى المسلمين أنهم يُغسَّلون ويُكفَّنون ويصلى عليهم، فكذلك حكم كل ميتٍ وقتيل من المسلمين، إلا أن يجمعوا إلا من شذ عنهم أن قتيل الكفار في المعركة إذا مات من وقته قبل أن يأكل ويشرب، أنه لا يغسل ولا يصلي عليه، فكان مستثنى من السُّنة المجتمع عليها بالسنةِ المجتمع عليها، ومن عداه فحكمه الغسلُ والصلاة وبالله التوفيق.
الحديث المئة
قال الشافعي أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عَجِل به السَّير يجمع بين المغرب والعشاء([148]).
الشرح:
قال ابن عبد البر: ليس في حديث ابن عمر هذا ما يدل على أن المسافر لا يجوز له الجمع بين الصلاتين إلا أن يجدَّ به السَّير بدليل حديث معاذ بن جبل t، لأن فيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الصلاتين في سفره إلى تبوك نازلاً غير سائر.
قال ابن عبدالبر: وقد روي ذلك أيضاً عن جابر t، وأنس t، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يذكر مالك في حديثه هذا الجمع بين المغرب والعشاء وهو محفوظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان في سفره إلى تبوك يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء من حديث معاذ بن جبل t.
@ @ @
موجز عن بعض الأئمة الأعلام المذكورين في سند الأحاديث والتخريجات
1-عبد الله بن عمر:
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي أمه وأم المؤمنين حفصة هي زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون الجُمحي أسلم وهو صغير ثم هاجر مع أبيه وعمره 12 سنة ولم يحتلم واستصغر يوم أُحد فأول غزواته الخندق وهو ممن بايع تحت الشجرة روى علماً كثيراً نافعاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - توفي سنة 84هـ.
2-نافع مولى ابن عمر:
هو الإمام المفتي عالم المدينة أبو عبد الله القرشي العدوي العُمري مولى ابن عمر وروي أنه عند احتضاره بكى فقيل ما يبكيك؟ قال: (تذكرت سعداً وضغطة القبر) توفي سنة 117هـ ولم أجد سنة مولده.
3-مالك:
هو أحد الأئمة الأربعة المتبوعين إمام دار الهجرة فقيه الأمة وزعيم أهل الحديث بو عبدالله مالك بن أبي عامر الأصبحي نسبة إلى جده التاسع ذي أصبح وأصبح من أكرم قبائل اليمن ولد سنة 93هـ وتوفي في ربيع الأول سنة 179هـ أخذ عن 900 شيخ وأكثر وحدّث عنه أمم لا يكادون يحصون ومن تلامذته الإمام الشافعي.
4-الشافعي:
هو أحد الأئمة الأربعة المتبوعين أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف القرشي المكي نزيل مصر ولد سنة 150هـ وتوفي ليلة الجمعة سنة 204هـ كان حبر الأمة منقطع القرين أعلم الناس شرقاً وغرباً برع في العلوم وابتكر أصول الفقه وجده شافع صحابي لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - .
5-البخاري:
هو أمير المؤمنين في الحديث أبو عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن بدرزبه الجعفي البخاري ولد في شوال سنة 194هـ و توفي ليلة عيد الفطر سنة 256هـ كان آية في صناعة الحديث وكتابه الجامع الصحيح (صحيح البخاري) أصح الكتب بعد كتاب الله عز وجل.
6-مسلم:
هو أحد الأئمة الأعلام مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري ولد سنة 204هـ وتوفي في رجب سنة 261هـ وكتابه الصحيح (صحيح مسلم) أصح الكتب بعد صحيح البخاري سمع عن البخاري وغيره من أكابر أئمة الحديث.
7-أبو داود:
هو أحد أعلام الحديث أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق الأزدي السجستاني صاحب السنن ولد سنة 202هـ وتوفي يوم الجمعة منتصف شوال سنة 275هـ برع في صناعة الحديث حتى قيل: (أُلين لأبي داود الحديث كما أُلين لدواد الحديد). وقال: (كتبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خمسمائة ألف حديث انتخب منها ما تضمنه السنن).
8-الترمذي:
هو أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي صاحب الجامع (سنن الترمذي) ولد سنة 209هـ وتوفي في اليوم 13 من شهر رجب سنة 279هـ قال عن جامعه: (من كان في بيته فكأنما في بيته نبي يتكلم) وهو تلميذ البخاري وخريجه وقد مات البخاري ولم يخلف بخرسان مثل أبي عيسى في العلم والحفظ والورع والزهد وبكى حتى عمي وبقي ضريراً سنين.
9-النسائي:
هو أبو عبدالرحمن أحمد بن علي بن شعيب بن علي الحافظ صاحب السنن ولد سنة 215هـ وتوفي سنة 303هـ برع في صناعة الحديث وتفرد بالحفظ والإتقان وسننه أقل السنن بعد الصحيحين في عدد الأحاديث الضعيفة، سكن مصر وخرج إلى دمشق وتوفي في مكة.
10-ابن ماجه:
هو أحد الأعـلام أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني صاحب السنن ولد سنة 207هـ وتوفي في شهر رمضان سنة 275هـ سمع عن أصحاب مالك وغيرهم وروى عنه خلق كثير وفي سننه عدد كبير من الأحاديث الضعيفة بل المنكرة.
11-أحمــد:
هو أحد الأئمة الأربعة المتبوعين أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ولد في ربيع الأول سنة 164هـ وتوفي في يوم الجمعة 12 من شهر ربيع الأول سنة 241هـ وهو أعظم الأئمة بلاءً وثباتاً في الدين كان يحفظ ألف ألف (مليون) حديث قيل: (أن يوم تشييع جنازته أسلم عشرون ألفاً من النصارى واليهود والمجوس).
12-ابن حجر العسقلاني:
هو أبو الفضل شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد بن أحمد الكناني الشافعي المعروف بابن حجر العسقلاني ولد في مصر في اليوم 10 من شهر شعبان سنة 773هـ فحفظ القرآن وهو ابن تسع سنوات وسافر إلى مكة فاشتغل بالحديث وطلبه من كبار الشيوخ فيها حتى أذنوا له بالإفتاء والتدريس صاحب أكثر من 150 تصنيفاً من كل فن وأشهرها (فتح الباري في شرح صحيح البخاري) ألفه وكان يبلغ من العمر 44سنة مكث في تأليفه 25 سنة توفي بعد العشاء ليلة السبت في اليوم 8 من شهر ذي الحجة سنة 852 هـ.
@ @ @
الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني
اللهم اغفر لي جدِّي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي
اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
اللهم انفعني بما علَّمتني وعلِّمني ما ينفعُني وارزقني علماً ينفعُني وزدني علماً
والحمد لله على كل حال وأعوذ بالله من حال أهل النار
سبحانك اللهم وبحمدك أشهدُ أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
([1]) (يتوضؤون جميعاً): يريد كل رجل مع امرأته وأنهما كانا يأخذان من إناء واحد.
([2]) رواه مالك والبخاري والنسائي وأحمد.
([3]) (ألا صلّوا في الرِّحال): جمع رحل وهو المنزل والمسكن وقد سُمي ما يستصحبه الإنسان في سفره من الأثاث رحلاً.
([4]) رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وأحمد.
(1) رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وأحمد.
(2) رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وأحمد.
([7]) رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([8]) رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
(1) رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
(2) رواه مالك والبخاري.
(1) رواه مالك.
(1) رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
(2) (الفذ): الفرد.
(3) رواه مالك والبخاري ومسلم والنسائي.
(1) رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وأحمد.
(2) (سيراء): حرير.
(3) (من لا خلاق له في الآخرة): من لا نصيب له من الخير.
(1) (عطارد): هو ابن حاجب بن زرارة بن عدي التميمي الدارمي وفد في بني تميم وأسلم وحسن أسلامه.
(2) رواه مالك والبخاري ومسلم.
(3) رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
(4) رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
(1) رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
(2) رواه مالك والبخاري ومسلم.
(3) رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
(1) رواه مالك والبخاري.
(2) رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([27])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([28])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([29]) (البرانس): جمع برنس وهو كل ثوب رأسه منه.
([30]) رواه مالك والبخاري ومسلم.
([31])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([32]) (ذرعة القيء): غلبة وسبقه.
([33]) رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([34]) رواه مالك والبخاري ومسلم.
([35])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([36]) رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([37]) (لا يَصُدرنَّ): أي لا ينصرفنَّ.
([38]) رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([39]) رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([40])(بالخيار): اسم من الاختيار وهو طلب خير الأمرين من أمضاء البيع أورده.
([41])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([42])(الربذة): قرية قريبة من المدينة النبوية.
([43])رواه مالك والبخاري.
([44])(ضارياً): معلماً للصيد.
([45])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([46])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([47]) (أُبِّرت): لقحت والتأبير: التلقيح.
([48])المبتاع: المشتري.
([49])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([50]) رواه مالك والبخاري ومسلم.
([51]) (بخرصها): خرص النخل إذا حر ز ما عليها من الرطب تمراً ومن العنب زبيباً.
([52]) رواه مالك والبخاري
([53]) (المزابنة): بيع الرطب على رؤوس النخل بالتمر كيلاً وكذلك كل ثمر بيع على شجرة بمثل كيلاً.
([54]) (الكرم): العنب.
([55]) رواه مالك والبخاري ومسلم.
([56]) رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([57]) (شِركاً): نصيباً.
([58]) رواه مالك والبخاري ومسلم.
([59]) رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([60]) رواه مالك والبخاري ومسلم.
([61])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([62])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([63])(النجش):مدح السلعة ليزيد في ثمنها وهو لا يريد شرائها ليقع غيره فيها.
([64])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([65])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([66])(لا يبع حاضر لباد): أي لا يكون سماراً له.
([67])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([68])رواه مالك والبخاري.
([69])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([70]) (يستوفيه): يقبضه.
([71]) رواه مالك والبخاري ومسلم.
([72])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([73]) (حذو): مقابل.
([74])رواه مالك وأبوداود وهو حديث موقوف صحيح.
([75]) رواه مالك والبخاري ومسلم.
([76])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([77])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([78])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([79]) (أم القرآن): سورة الفاتحة.
([80]) رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([81]) (أم الكتاب): سورة الفاتحة.
([82])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([83])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح .
([84]) (جناح): أثم.
([85]) رواه مالك والبخاري ومسلم .
([86])(مثلاً بمثل): متماثلين أي متساويين .
([87]) (لا تُشفُّوا): لا تزيدوا.
([88]) (الورق): الفضة.
([89]) رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
([90]) رواه مالك والبخاري ومسلم.
([91])(تأكلها): أي تملكها بلا ضمان .
([92]) رواه مالك والبخاري ومسلم .
([93])رواه مالك والبخاري وابن ماجه .
([94]) (رعف): خرج من أنفه دم.
([95])(فَبَنَى): أي على ما صلَّى .
([96]) رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح .
([97]) رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([98]) رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([99]) رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([100])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([101])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح .
([102])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([103])(المنطِقَةِ للمحرم): ما يشدّ به الوسط.
([104])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([105])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([106])متفق عليه.
([107])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([108])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([109])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([110])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([111])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([112])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([113])(فوكَّدها): ترداد الأيمان في الشيء الواحد.
([114])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([115])(آبق): هارب منه.
([116])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([117])(الإيلاء): الحلف على ترك وطئ الزوجة.
([118])(يفيء): يطأ الزوجة ويكفر عن يمينه.
([119])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([120])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([121])(لا يَنكِح): أي لا يعقد لنفسه.
([122])(لا يُنكِح): أي لا يعقد لغيره بولاية ولا بوكالة.
([123])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([124])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([125])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([126])(أسفلها): أي ما بين سرتها وركبتها.
([127])(يباشرها): بالعناق ونحوه والمراد به التقاء البشرتين ليس الجماع.
([128])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([129])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([130])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([131])(المزفَّت): المطلي بالزفت لأنه يسرع إليه الإسكار.
([132])رواه مالك ومسلم.
([133])(نبتاع ): نشتري.
([134])(لا تبتاعوها): أي لا تشتروها.
([135])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([136])أخرجه أبو داود وأحمد والترمذي وهو حديث صحيح.
([137])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([138])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([139])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([140])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([141])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([142])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([143])(نفَّلوا): أي أعُطي كل واحد منهم زيادة على سهمه المستحق له.
([144])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([145])(المجن): ما يستتربه.
([146])رواه مالك والبخاري ومسلم.
([147])رواه مالك وهو حديث موقوف صحيح.
([148])رواه مالك والبخاري ومسلم.