×
مقالة عن وسائل حفظِ الأمن وتطبيقها، كما جاءتْ في كتاب الله وسُنَّة رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليعمَّ الرَّخاء والطُّمأنينة، وتدوم علينا نِعمةُ الأمن والاستقرار - بحَوْل الله وقوَّته ومشيئته وتوفيقه.

    جمع وتحقيق الفقير إلى الله تعالى

    غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وسائل حفظ الأمن

    الحمد لله، والصَّلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، وبعد:

    فقد منَّ الله علينا بنِعم كثيرة لا تُعدُّ ولا تُحصى، ومن أعظمها:

    نِعمةُ الإسلام، والصِّحة في الأبدان، والأمْن والاستقرار في هذا الوطنِ العزيز، وهذه النِّعم من ضروريات الحياة، كضرورة الطَّعام والشَّراب والعافية للأبدان، وقد جاء الأمنُ في القرآن والسُّنَّة مقرونًا بالطَّعام الذي لا حياةَ للإنسان ولا بقاءَ له بدونه، وقد امتنَّ الله به على عِباده وأمَرَهم أن يشكروا هذه النِّعمَ بإخلاص العبادة له؛ فقال – تعالى -: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ [قريش: 3 - 4]، وقال - تعالى - في الوعد بحُسن الجزاء، وعظيم المثوبة للمؤمنين: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الأنعام: 82]، فالذين وحَّدوا الله، وآمنوا به حقَّ الإيمان، ولم يَخلِطوا توحيدَهم بشِرْك - هم الآمنون المهتدون في الدنيا والآخرة.

    ففي رحابِ الأمْن وظلِّه يأمنُ النَّاس على دِينهم وأنفسِهم، وعقولهم وأموالهم، وأعراضهم ومحارمهم، ويَسيرون ليلاً ونهارًا لا يَخشَوْن إلاَّ الله، وفي رحاب الأمْن وظِلِّه تعمُّ الطُّمأنينةُ النفوسَ، ويسودها الهدوء، وتعمُّها السَّعادة؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: ((مَن أصْبح آمنًا في سِرْبه – أي: بيته - معافًى في جسده، عندَه قوتُ يومِه، فكأنَّما حِيزتْ له الدُّنيا بحذافيرها))؛ رواه البخاري في "الأدب المفرد"، والترمذي، وابن ماجه، وحَسَّنه السيوطي.

    وقال الشاعر:

    إِذَا اجْتَمَعَ الْإِسْلاَمُ وَالْقُوتُ لِلْفَتَى وَكَانَ صَحِيحًا جِسْمُهُ وَهْوَ فِي أَمْنِ

    فَقَدْ مَلَكَ الدُّنْيَا جَمِيعًا وَحَازَهَا وَحَقٌّ عَلَيْهِ الشُّكْرُ لِلَّهِ ذِي الْمَنِّ

    لذا؛ تعيَّن علينا البحثُ عن وسائل حفظِ الأمن وتطبيقها، كما جاءتْ في كتاب الله وسُنَّة رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليعمَّ الرَّخاء والطُّمأنينة، وتدوم علينا نِعمةُ الأمن والاستقرار - بحَوْل الله وقوَّته ومشيئته وتوفيقه.

    ومِن وسائل حِفْظ الأمْن: ما شَرَعه الله من إقامةِ الحدود على المجرمين، التي فيها زَجْر الناس عن الجُرْأة على المعاصي التي نَهَى الله - تعالى - عنها، وبذلك حَفِظ الإسلام الدِّينَ والنفس، والعقل والمال، والنَّسَبَ والعِرْض، وإليك التفصيلَ:

    1 - حفظ الدين:

    ولذا حرَّم اللهُ الرِّدَّةَ، وهي الكُفر بعدَ الإسلام بأنْ يتكلَّم بكلمة الكُفْر، أو يعتقدَها، أو يشكَّ شكًّا يُخرِجه عن الإسلام، أو يُشركَ بالله في القَوْل، أو الاعتقاد، أو العمل، كدعوة غيرِ الله، أو الذَّبْح لغيره، أو التوكُّل على غيره في جَلْب نَفْع، أو دَفْع ضرٍّ، أو حصول نصْر، أو غير ذلك ممَّا لا يقدر عليه إلاَّ الله وحْدَه، أو يستحلَّ ما حَرَّم الله، أو يَحكمَ بغير ما أنزل الله، أو يتركَ الصلاة، ونحو ذلك مِن أنواع الرِّدَّة، وهي تُحبط الأعمال، ولحِفظ الدِّين وَجَب قتلُ المرتدِّ عن الإسلام؛ لأنَّه يُعدُّ جرثومةً ضارَّة، وعضوًا أشلَّ في المجتمع؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن بَدَّل دِينَه فاقتلوه))؛ رواه البخاري وغيره؛ وذلك ليحفظَ على الناس دِينَهم، فيفوزوا بالسَّعادة الأبديَّة، وفي ذلك رَدْعٌ بالِغ عن تبديل الدِّين وإضاعته.

    2 - حفظ النفوس:

    ولِذَا حرَّم الله القتلَ وسَفْك الدِّماء - أعني: دماءَ المسلمين وأهل الذِّمَّة المعاهدين - وتوعَّد على ذلك بالوعيد الشديد؛ قال الله - تعالى -: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 93]؛ لذا فالقتل كبيرةٌ من كبائر الذنوب، وهو أحدُ السبع المُهلِكات؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اجتنبوا السَّبْعَ الموبقاتِ) وذَكَر منها: ((قتْل النَّفْس التي حَرَّم الله إلاَّ بالحق))؛ رواه البخاري ومسلم، وهي نفسُ المسلِم المعصوم، والحقُّ الذي يُبيح قتلَها هو القِصاص؛ ﴿النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ [المائدة: 45]، والزِّنا بعدَ الإحصان - الزواج - والكُفْر بعد الإسلام.

    وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا ترجعوا بَعْدي كفَّارًا يَضرِب بعضُكم رِقابَ بعض))؛ متفق عليه، وقال: ((مَن قَتَل معاهدًا لم يَرَحْ رَائِحَةَ الجَنَّة))؛ رواه البخاري، فإذا كان هذا في قَتْل المعاهد، وهو الذي أُعْطِيَ عهدًا مِن اليهود والنَّصارى، فكيف بقتْل المسلِم؟!

    ولحِفظ النُّفوس واحترامها وجبَ قتلُ القاتل عمدًا؛ ليأمنَ الناس على أنفسهم؛ قال – تعالى -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالحُرِّ وَالعَبْدُ بِالعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى﴾ [البقرة: 178]، وقال – تعالى -: ﴿وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 179]؛ أي: تنحقن بذلك الدِّماء، وتنقمع به الأشقياء؛ لأنَّ مَن عَرَف أنَّه مقتولٌ إذا قَتَل، لا يكاد يُقدِم على القتْل، وإذا رُؤي القاتلُ مقتولاً، انذعَر بذلك غيرُه وانزجر، فلو كانتْ عقوبة القاتل غيرَ القتل لم يحصل انكفافُ الشَّرِّ الذي يحصل بالقتْل، ومن الأمثال العربية: "القتل أنفى للقتل".

    وهكذا سائر الحدود الشرعيَّة فيها من النِّكاية والانزجار ما يدُلُّ على حِكمة الحكيم، الخبير بمصالح خَلْقه.

    3 - حفظ العقول:

    ولِذا حرَّم الله كلَّ مُسكِر، وكلَّ مُخدِّر ومُفتِّر، كالخمر والحشيش، والأفيون والقات والدُّخَان؛ قال الله - تعالى -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: 90].

    والخمرُ ما خامَرَ العقل؛ أي: غطَّاه بالإسكار، سواءٌ كان رطبًا أم يابسًا، أم مأكولاً أم مشروبًا، وهي أمُّ الخبائث، وجِماعُ الإثم، ومِفتاح كلِّ شرٍّ، فمَن لم يجتنبْها، فقد عَصَى الله ورسولَه، واستحقَّ العذابَ بمعصية الله ورسوله، وسُمِّيتْ أُمَّ الخبائث؛ لأنَّ شاربَها إذا سكر فعل كلَّ جريمة وهو لا يشعر، وحرَّم الله الخمر؛ لِمَا اشتلمتْ عليه من المفاسد، وتحطيم الشخصيَّة، وإطفاء جَوْهرة العقل.

    فالخمرُ تُذهِب المال، وتُذهِب العقل، ولو لم يكُن فيها من المخازي إلاَّ ذَهابُ المال، ونقْص الدِّين، وتشويه السُّمعة، وسقوط العدالة، لكَفَى العاقلَ أن يجتنبَها، فكيف وهي أُمُّ الخبائث والرذائل؟!

    ولحفظ العقل وجَبَ جَلْدُ شاربِ الخمر ثمانين جَلْدَة؛ ليرتدعَ النَّاس عن هذه الجريمة، فتبقَى عقولُهم سليمةً؛ ليعقلوا بها عن الله أمرَه ونهيَه، فيفوزوا بالسَّعادة، ويَسْلَموا من الشقاوة.

    4 - حفظ الإسلام المال:

    فحرَّم السرقة، وهي أخْذُ مال الغير المحترَم خُفْيَةً بغير رِضاه، وهي مِن كبائر الذُّنوب الموجِبة لترتُّب العقوبة الشنيعة، وهي قطْع اليد حِفظًا للأموال، واحتياطًا لها، فيرتدع السُّرَّاق إذا عَلِموا أنَّهم سيُقطَعون إذا سَرَقوا، فيأمن الناس على أموالِهم؛ قال الله - تعالى -: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [المائدة: 38].

    5 - حفظ الإسلام الأنساب:

    فحرَّم الله الزِّنا ووسائلَه، مِن النَّظر المحرَّم، والكلام المحرَّم، والسماع المحرَّم؛ لِمَا في الزِّنا من انتشار الأمراض، وانتهاك الأعراض، واختلاطِ الأنساب، فيُنسَبُ الولدُ إلى غير أبيه، ويَرِث من غير أقاربه، فيحصل بذلك من الظُّلم والمفاسِد ما اللهُ به عليم؛ قال – تعالى -: ﴿وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً﴾ [الإسراء: 32]، والنَّهي عن قُرْبانِه أبلغُ من مجرَّد النهي عنه؛ أي: لا تحوموا حولَه، ولا تعملوا الوسائلَ الموصلة إليه[1]، ولحفظ الأنساب وجَبَ جلْدُ الزَّاني البكرِ مائةَ جلدة، مع تغريبه عن بلده الذي واقع فيها الجريمةَ لمدَّة سَنَة؛ قال – تعالى -: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: 2]؛ أي: لا ترحموهما في إقامةِ الحَدِّ الذي شَرَعه الله، وليحضرِ الجلد جماعةٌ من الناس؛ ليشتهرَ ولينزجر الناس، ويرتدعوا عن الزِّنا، كما يجب رجْمُ الزَّاني المحصن (المتزوِّج) بالحجارة حتَّى يموتَ بالآية المنسوخ لفظُها الباقي حُكمُها، وبالسُّنَّة الصحيحة، والجلْد والرجم بعدَ ثبوتِ الزِّنا بأربعة شهداء، أو بإقرارِه على نفسه أربعَ مرَّات، أو بظهور الحَمْل من الزِّنا في المرأة.

    6 - حفظ الإسلام الأعراض:

    مِن الوقيعةِ فيها؛ ولذا حرَّم اللهُ قَذْف الأبرياء بالزِّنا، وتوعَّد على ذلك بالوعيد الشديد؛ قال – تعالى -: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ الغَافِلاَتِ المُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النور: 23 - 24].

    وقال – تعالى -: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: 4 - 5].

    بيَّن الله - تعالى - في هذه الآياتِ أنَّ مَن قَذَف امرأةً محصنة، حُرَّةً عفيفةً عن الزنا والفاحشة أنَّه ملعونٌ في الدنيا والآخرة، وله عذابٌ عظيم، وعليه الحدُّ في الدنيا ثمانون جلْدة وتسقط شهادتُه، وأنَّه فاسقٌ ساقِطُ العدالة، وفي الصحيحين: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((اجْتَنِبوا السبعَ الموبقات))، وذكر منها قذفَ المحصنات الغافلات المؤمنات.

    والقَذْف هو الرَّمْي بالزِّنا بأن يقول لامرأة مسلِمة حُرَّة عفيفة: يا زانيةُ، أو يا قَحْبة، أو يقول لزوجها: يا زَوجَ القحبة، أو يقول لولدها: يا ولدَ الزانية، أو يا ابنَ القَحْبة، أو يقول لبنتها: يا بنتَ الزانية، أو يا بنتَ القحبة، فإنَّ القحبة عبارةٌ عن الزانية، فإذا قال ذلك أحدٌ مِن رَجل أو امرأة لرَجل أو لامرأة، وجَبَ عليه الحدُّ ثمانون جلْدة؛ إلاَّ أن يُقيم على ذلك بَيِّنة.

    والبيِّنة ما قال الله - تعالى -: أربعةُ شهداءَ يشهدون على صِدقه فيما قَذَف به تلك المرأة، أو ذلك الرَّجل، فإذا لم يُقمْ بيِّنة، جُلِد إذا طالبتْه بذلك التي قَذَفها، أو طالَبَه بذلك الذي قذَفَه.

    وكثيرٌ من الجُهَّال واقعون في هذا الكلام الفاحشِ الذي عليهم فيه العُقُوبة في الدُّنيا والآخرة؛ ولذا قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((وهل يَكبُّ الناسَ في النار على وجوههم إلاَّ حصائدُ ألسنتهم))؛ رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

    وبإقامةِ هذه الحدود المتقدِّمة يأمنُ الناس على دِينهم وأنفسهم، وعقولهم وأنسابهم، وأموالهم وأعراضهم، فيرتدعُ الناس عن هذه الجرائم، ويفوزون بالسَّعادة في دِينهم ودُنياهم وآخرتهم، وهذا بخلاف القوانين الوضعيَّة التي غيَّرت أحكامَ الله وحدودَه، وبدَّلتها بقوانين من وضْع البَشَر الناقصين من كلِّ وجه؛ حيثُ جعلتْ جزاء المجرمين المعتدين على الناس - بانتهاك حُرماتِهم ودِمائهم، وأموالهم وأعراضهم - السَّجْنَ أوِ الغراماتِ الماليَّةَ فقط، فكانتِ النَّتيجةُ انتشارَ الجرائم والفوضى، وانتهاكَ الحرمات، والاعتداءَ على الأنفس والأموال والأعراض من غير مبالاةٍ ولا حياء، ولا وازعٍ ولا رادع، فصار الناس في تلك الدُّول المُعطِّلة لحدود الله لا يأمنون على أنفسِهم وأموالهم ونسائهم.

    وقد قال الله - تعالى -: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ﴾ [المائدة: 44].

    وقال تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 50]، فما جاءتْ به الشَّريعةُ الإسلاميَّة من الحدود وتنوُّعها بحسبِ الجرائم من محاسن الإسلام، وهي مِن وسائل حِفْظ الأمن؛ لأنَّ الجرائمَ والتعديَ على حقوق الله، وحقوق عبادِه مِن أعظم الظُّلم الذي يخلُّ بالنظام، ويختلُّ به الدِّينُ والدُّنيا، فوَضَع الإسلامُ للجرائم حدودًا ترْدَعُ عن مواقعتها، وتُخفِّف من وطأتِها من القتْل والقطْع، والجلد وأنواع التعزيرات، وكلُّها فيها من المنافع والمصالِح الخاصَّة والعامَّة ما يرى به العاقلُ حسنَ الشريعة.

    وبالله التوفيق، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.

    n

    الموضوع

    الصفحة

    مقدمة

    2

    1 - حفظ الدين

    4

    2 - حفظ النفوس

    5

    3 - حفظ العقول

    6

    4 - حفظ الإسلام المال

    7

    5 - حفظ الإسلام الأنساب

    8

    6 - حفظ الإسلام الأعراض

    9

    الفهرس

    11

    [1] من النظر المحرم، والاستماع المحرم، والكلام المحرم.