الوصف المفصل
إنتبه أنت مراقب
الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم
الحمد لله الذي خلق الإنسان علمه البيان
والصلاة والسلام على الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى أما بعد.
فقد جعل الله عليك مراقبين من الملائكة الكاتبين.
فمن الملائكة من وكله الله بمراقبة أقوالك وكتابتها وهما رقيب وعتيد فهذان الملكان يراقبانك و يتابعانك أربعة وعشرين ساعة لا يفارقانك لحظة
رقيب على يمينك وعتيد على شمالك فلا تقول قولاً حسناً إلا كتبه رقيب ولا تقول قولاً سيئاً إلا كتبه عتيد. قَالَ تَعَالَى:{إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ{17}
مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ ١٧ - ١٨ ]
ومنهم من كله الله بمراقبة أفعالك وكتابتها كالكرام الكاتبين. قَالَ تَعَالَى:{ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ{10} كِرَاماً كَاتِبِينَ{11} يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ }[الانفطار: ١٠ - ١٢]
ومنهم من وكله الله بمراقبتك في الصلوات الخمس وكتابة اسمك إذا صليت ورفعها إلى الله وهو أعلم .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t: أَنَّ النَّبِيَّ قَالَﷺ(الْمَلَائِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ فَيَقُولُ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ يُصَلُّونَ).رواه البخاري([1])
ومنهم من وكله الله بكتابة اسمك إذا صليت الجمعة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ ﷺ(إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ الْمَلَائِكَةُ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ طَوَوْا الصُّحُفَ وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ). رواه البخاري([2])
ومنهم من وكله الله بحفظك,وحمايتك.
قَالَ تَعَالَى:{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ }[الرعد: ١١]
فإذا علم المسلم بوجود الملائكة معه ومسؤليتهم عنه
وكتابتهم لأقواله وأفعاله وصدق بذلك .
حرص على أن يمسح القول السيء الذي كتبوه والفعل السيء الذي سجلوه قبل أن يواجه به يوم القيامة
وقد جعل الله للمسلم ما يمسح به الذنب والخطيئة بعد قوله وفعله مباشرة.
الماسح الأول: التوبة فإذا ندم المسلم على قوله السيء وفعله وعزم أن لايعود إليه مسحه الله عنه
قَالَ تَعَالَى:{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً{17}وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}[النساء: ١٧ - ١٨]
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّﷺ قَال:َ إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَالَ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ وَرُبَّمَا قَالَ أَصَبْتُ فَاغْفِرْ لِي فَقَالَ رَبُّهُ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ أَوْ أَصَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَالَ أَصَابَ ذَنْبًا قَالَ قَالَ رَبِّ أَصَبْتُ أَوْ قَالَ أَذْنَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِي فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلَاثًا
فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ)رواه البخاري([3]) ومسلم([4])
الماسح الثاني: الإستغفار.
قَالَ تَعَالَى:{ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }[آل عمران: ١٣٥]
و قَالَ تَعَالَى:{ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً }[النساء: ٦٤]
و عَنْ أَبِى ذَرٍّ t أَنَّ النَّبِىَّ ﷺفِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ
« يَا عِبَادِى إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِى أَغْفِرْ لَكُمْ)رواه مسلم([5])
الماسح الثالث: الأعمال الصالحة.
قَالَ تَعَالَى:{وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}[هود: ١١٤]
و عَنْ أَبِي ذَرٍّt:أَنَّ النَّبِيَّ ﷺقَالَ لَهُ(اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقْ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ)رواه أحمد([6])
([1])-البخاري رقم2984 (ج 10 / ص 500)بَاب ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ
([2])-صحيح البخاري رقم 2972 (ج 10 / ص 488) بَاب ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ
(1) البخاري رقم7507 (ج 9 / ص 145) بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ }
(2) مسلم رقم7162 (ج 8 ص 99)باب قبول التوبة من الذنوب
(3) مسلم رقم6737(ج 8 ص 16) باب تحريم الظلم
(4)مسند أحمدرقم21354 (ج 35 / ص 284)