الوصف المفصل
- ترجمة الشيخ سليمان بن عبدالرحمن بن حمدان( )
- ميزات كتاب الدر النضيد
- مقدمة
- كتاب
التوحيد( )
- 2- باب فضل التوحيد( ) وما يُكفِّر من الذنوب( )
- 3- باب من حقَّقَ التوحيدَ دخل الجنة بغير حساب( )
- 4- باب الخوف من الشرك( )
- 5- باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلاّ الله ( )
- 6- باب تفسير التوحيد، وشهادة أن لا إله إلاّ الله( )
- 7- باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه( )
- 8- باب ما جاء في الرُّقى والتمائم ( )
- 9- باب من تبرَّك بشجرةٍ أو حجرٍ و نحوهما( )
- 10- باب ما جاء في الذبح لغير الله( )
- 11- باب لا يُذبح لله بمكانٍ يُذبح فيه لغير الله( )
- 12- باب من الشرك النَّذرُ لغير الله( )
- 13- باب من الشرك الاستعاذة بغير الله ( )
- 14- بابٌ من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعُوَ غيره ( )
- 15- باب قول الله تعالى: أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ * وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا ( ) الآية [الأعراف: 191-192].
- 16- باب قول الله تعالى: حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ( ) [سبأ: 23].
- 17- باب الشفاعــة( )
- 18- باب قول الله تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ الآية( ) [القصص: 56].
- 19- باب ما جاء أنَّ سببَ كُفر بني آدمَ وتركهم دينَهم هو الغُلُوُّ في الصالحين( )
- 20- باب ما جاء من التغليظ فيمن عَبَد الله
- 21- باب ما جاء أن الغُلُوّ في قبور الصالحين يصيّرها أوثاناً تُعبَد من دون الله ( )
- 22- باب ما جاء في حماية المصطفى جنابَ التوحيد
- 23- باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان( )
- 24- باب ما جاء في السحر( )
- 25- باب بيان شيء من أنواع السحر( )
- 26- باب ما جاء في الكهان ونحوهم( )
- 27- باب ما جاء في النُّشرة( )
- 28- باب ما جاء في التطيُّر( )
- 29- باب ما جاء في التنجيم( )
- 30- باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء( )
- 31- باب قول الله تعالى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِالآية( ) [البقرة: 165].
- 32- باب قول الله تعالى: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ( ) [آل عمران: 175].
- 33- باب قول الله تعالى: وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ( ) [المائدة:23].
- 34- باب قول الله تعالى: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ( ) [الأعراف:99].
- 35- باب من الإيمان بالله الصبرُ على أقدار الله( )
- 36- باب ما جاء في الرياء ( )
- 37- باب من الشرك إرادةُ الإنسان بعملـه الدنيا( )
- 38- باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحلّ الله،
- 39- باب قول الله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت( )ِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِه( )ِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا( ) [النساء:60] الآيات.
- 40- باب من جَحَد شيئاً من الأسماء والصفات( )
- 41- باب قـول الله تعــالـى: يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ( ) [النحل:83].
- 42- باب قول الله تعالى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ( ) [البقرة: 22].
- 43- باب ما جاء فيمن لم يَقنَع بالحلف بالله( )
- 44- باب قول ما شاء الله وشئتَ ( )
- 45- باب من سبّ الدهر فقد آذى الله( )
- 46- باب التسمِّي بقاضي القضاة ونحوه( )
- 47- باب احترام أسماء الله تعالى وتغيير الاسم لأجل لذلك ( )
- 48- باب من هزلَ بشيء فيه ذكرُ الله أو القرآن أو الرسول( )
- 49- باب ما جاء في قول الله تعالى: وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ( ) [فصلت:50].
- 50- باب قول الله تعالى: فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ( ) [الأعراف:190].
- 52- باب لا يُقال السلام على الله( )
- 53- باب قول: اللهم اغفر لي إن شئت( )
- 54- باب لا يقول عبـدي وأَمـَتي( )
- 55- باب لا يُرد من سأل بالله( )
- 56- باب لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة( )
- 57- باب ما جــاء في اللّو( )
- 58- باب النهي عن سَبِّ الريح ( )
- 59- باب( ) قول الله تعالى: يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ( ) يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ [آل عمران:154] الآية.
- 60- باب ىما جاء في منكري القدر ( )
- 61- باب ما جاء في المصورين ( )
- 62- باب ما جاء في كثرة الحلف( )
- 63- باب ما جاء في ذمة الله وذمة نبيه ( )
- 64- باب ما جاء في الإقسام على الله( )
- 65- باب لا يُستشفع بالله على خلقه( )
- 66- باب ما جاء في حماية النبي حمى التوحيد وسدِّه طُرق َ الشرك( )
- 67- باب ما جاء في قول الله تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ … [الزمر:67] الآية( ).
الدر النضيد على أبواب التوحيد
تأليف
العلامة الشيخ سليمان بن عبد الرحمن الحمدان
ت 1397 - رحمه الله -
اعتنى به
عبد الإله بن عثمان الشايع
إذن نشر الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
نعم أنا أحمد بن عبدالرحمن الحمدان أخو الشيخ سليمان بن عبدالرحمن ابن حمدان - رحمه الله -، أقول إنه ليس لدي مانع من إعادة طبع ونشر كتاب أخي المذكور «الدر النضيد على أبواب التوحيد» .
وهذا إذن مني لعبدالإله بن عثمان الشايع.
والله الموفق.
أحمد بن عبدالرحمن الحمدان
التوقيع
21/8/1422هـ
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المعتـني
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فهذا كتابُ «الدر النضيد على أبواب التوحيد» للشيخ العلاَّمة سليمان بن عبدالرحمن ابن حمدان (ت 1397هـ) - رحمه الله تعالى -، وهو شرح لـ «كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد» للشيخ المجدد الإمام محمد بن عبدالوهاب (ت 1115هـ) – رحمه الله تعالى -.
وهذا الشرح يُعد من أفضل الشروح على هذا الكتاب العظيم( )، وسبق أن طُبع في حياة مؤلفه - رحمه الله -، وقد أذن لي الأستاذ أحمد بن عبدالرحمن بن حمدان – وفقه الله -، وهو شقيق المؤلف بنشر الكتاب، فصارت هذه الطبعة شرعية ولله الحمد ، بعد أن صُوِّر هذا الكتاب من بعض المكتبات !! دون إذن، أو مراجعة.
وتميزت هذه الطبعة - ولله الفضل والمنة - بعدة ميزات ستراها قريباً.
وقد تلخص عملي في هذا الكتاب في النقاط التالية:
* ضبطُ نص الكتاب وتصحيح الأخطاء التي كانت في الطبعة السابقة،
ورأيت أن لا أشير في الهامش لأكثر هذه التصحيحات حتى لا أثقل الكتاب بالحواشي التي لا تنفع كثيراً من القراء، وقد بلغت هذه الأخطاء ما يقرب من مائتي خطأ، ما بين سقط، وتحريف، وتقديم في بعض المواضع، وأخطاء طباعية، وقد كان اعتمادي على طبعة المكتبة السلفية بمصر، ولم أجد نسخةً خطيَّة للكتاب بعد البحث والتفتيش والسؤال.
* مقابلة النقول التي ينقلها الشارح من مصادرها.
* مقابلة متن «كتاب التوحيد» على أكثر من ثلاث نسخ مطبوعة.
* ترقيم الآيات القرآنية وعزوها إلى سورها.
* تخريج الأحاديث النبوية وعزوها باختصار ونقل حكم العلماء عليها( ).
* عزو ما تيسر من النقول إلى مصادرها.
* صنع فهارس متنوعة للآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والأعلام الذين ترجم لهم الشارح، والفوائد المتنوعة، والموضوعات.
* ترجمتُ للشيخ سليمان بن حمدان، وتكلمت عن كتابه وموارده وميزات شرحه.. وغير ذلك.
أسأل الله سبحانه أن يرحم الشيخَ محمد بن عبدالوهاب والشيخ سليمان بن حمدان، وأن يرفع درجاتهما في أعلى عليين، وأن يحشرنا معهم إنه جواد كريم، وأن يجعل هذا العمل – وهو جهد الـمُقِلّ – في ميزان حسناتي( ). والحمد لله رب العالمين.
أبو معاذ
عبدالإله بن عثمان بن عبدالله الشايع
19/2/1424هـ
ص.ب 23029 الرياض 11426
* * *
ترجمة المؤلف - رحمه الله ـ
وتتضمن المطالب التالية:
1- اسمه.
2- مولده.
3- شيوخه.
4- ثناء العلماء عليه.
5- أعماله.
6- صفاته الخَلقية.
7- صفاته وأخلاقه.
8- طلابه.
9- نسخه للكتب.
10- مؤلفاته.
11- وفاته.
* * *
ترجمة الشيخ سليمان بن عبدالرحمن بن حمدان( )
1- اسمه:
هو العلامة الفقيه القاضي الواعظ الصادع بكلمـة الحق الشيخ سليمان
ابن عبدالرحمن بن محمـد بن حـمدان المجمعــي النجدي مؤلداً، ثم
المدني، ثم المكي، ثم الطائفي مدفناً.
2- مولده:
ولد في بلده المجمعة عاصمة سدير، عام 1322هـ، وأمه هي فلوة بنت محمد البتيلي.
تزوج ابنة عمه الجوهرة بنت محمد بن حمدان - رحمها الله تعالى -.
وله من الإخوة اثنان عبدالعزيز - رحمه الله -، و أحمد - حفظه الله -، والشيخ سليمان أكبرهم، وأخواته خمس مات منهن أربع - رحمهم الله جميعاً - وواحدة على قيد الحياة.
3- شيوخه:
أخذ العلم عن طائفة من المشايخ منهم:
1- الشيخ العلامة عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ (ت 1339هـ).
2- الشيخ العلامة المؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى (ت1343هـ).
3- الشيخ الفقيه حمد بن فارس (ت1345هـ).
4- الشيخ العلامة الفقيه سعد بن حمد بن عتيق (ت1349هـ).
5- الشيخ العلامة سليمان بن سحمان (ت1349هـ).
6- الشيخ العلامة الفقيه عبدالله بن عبدالعزيز العنقري، قاضي سدير (ت 1373هـ).
7- الشيخ العلامة عبدالستار الدهلوي ثم المكي، أجازه برواية «كتاب التوحيد» عنـه، كما أجـازه بسـائر مؤلفات الشيخ محمـد بن عبدالوهـاب – رحمه الله -.
4- ثناء العلماء عليه:
قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز (ت 1420هـ) - رحمه الله -: «أخونا العلامة الشيخ سليمان بن حمدان رحمه الله القاضي سابقاً في المدينة المنورة» ( ) .
قال الشيخ العلامة بكر أبوزيد: «العلامة الفقيه الشيخ سليمان بن عبدالرحمن بن محمد بن حمدان»( ).
5- أعماله:
1- ولي قضاء المحكمة المستعجلة في الطائف.
2- عُيِّنَ إماماً وخطيباً لمسجد ابن عباس رضي الله عنهما في الطائف.
3- وَلِيَ القضاء في المدينة النبوية.
4- عُيِّنَ إماماً وخطيباً ومدرساً في المسجد النبوي، ومدرساً فيه.
5- نقل إلى مكة حيث عُيِّن قاضياً في المحكمة المستعجلة، و عضواً في رئاسة القضاء.
6- تولى القضاء بالمجمعة عام 1364هـ، حتى أحيل إلى التقاعد عام 1369هـ، ثم أقام باقي حياته في مكة شرفها الله.
7- تولى التدريس في المسجد الحرام.
6- صفاته الخَلقية ( ):
كان رَبعةً من الرجال، حسن الطلعة، يعتني بلباسه وهندامه.
7- صفاته وأخلاقه:
تحلَّى الشيخ سليمان – رحمه الله – بالعديد من الصفات منها:
* غيرته الشديده على حرمات الله، وصراحته في قول الحق والصدع به، فهو لا يخشى في الله لومة لائم.
* دفاعه عن العقيدة المبنية على الكتاب والسنة والنهج الذي سار عليه السلف الصالح من هذه الأمة
* التقلل من الدنيا ومتاعها وفضولها، والتفرغ لطاعة الله عزوجل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله، والقيام بالتدريس ونشر العلم الشرعي، وتأليف الكتب النافعه ونسخها، وجمعها.
8- طلابه: منهم:
1- الشيخ صالح بن محمد الزغيبي.
2- الشيخ إبراهيم المحمد البسام.
3- الشيخ حمد بن إبراهيم البسام.
4- الشيخ عبدالمحسن بن محمد بن عبدالله المانع.
5- الشيخ محمد الحصان.
6- الشيخ علي بن عامر الأسدي.
7- الشيخ عبدالله بن عبدالغني خياط - رحمه الله -.
8- الشيخ حمود عبدالله التويجري (ت 1413هـ)، قرأ على الشيخ سليمان بن حمدان( )، وأجازه، ولدي نسخه مصوره من هذه الإجازه.
9- الشيخ العلامة بكر بن عبدالله أبوزيد - حفظه الله - قرأ على الشيخ سليمان وأجازه، قال الشيخ بكر: «حصلت – بحمد الله – الإجازة مشافهة ومحررة، بجميع كتب الإمام أحمد، وبجميع كتب مسائل الرواية عنه من رواية ابنه عبدالله وغيره، وبجميع كتب مسائل الرواية عنه من رواية ابنه عبدالله وغيره، وبجميع كتب المذهب بدءاً من مختصر الخرقي إلى الآخر، المسندة بفقهاء الحنابلة،: عراقاً، وشاماً، ومصراً، ونجداً، شرقاً، وغرباً، في أثبات جماعة منهم: التغلبي، وعبدالرحمن البعلي، والمواهبي، والسفاريني، والرحيباني، وابن حميد النجدي، وابن حميدان النجدي، المذكورة أثباتهم سابقاً، وما لحقها من إجازات، وأثبات، حصلت لي بالإجازة عن بعض شيوخنا، منهم الشيخ سليمان بن عبدالرحمن بن حمدان النجدي ثم المكي...»( ).
10- الشيخ يحيى بن الشيخ عثمان بن الحسين عظيم آبادي المكي المدرس. وقد أجازه الشيخ سليمان بن حمدان بالرواية عنه بثبته «إتحاف العدول الثقات بإجازة كتب الحديث والأثبات»، وذلك في يوم الإثنـين 7/6/1395هـ( ).
11- شيخنا العلامة المحدث الشيخ محمد بن عبدالله بن أحمد بن حسن الأوغاديـني الصومالـي (ولد سنـة 1335هـ تقريباً – وتوفـي 1420هـ) – رحمه الله – أجازه الشيخ سليمان بالرواية.
12- الشيخ عبدالله بن ناجي بن محمد بن سيف بن أحمد بن صالح الحصيني المخلافي (ولد سنة 1343هـ - وتوفي سنة 1415هـ) رحمه الله( ).
13- الشيخ حماد الأنصاري (ت 1418هـ) - رحمه الله - أجازه الشيخ سليمان( ).
14- الشيخ محمد الشدي – حفظه الله – لازمه أكثر من تسع سنوات.
9- نسخه للكتب:
تميز الشيخ سليمان – رحمه الله - بجودة الخط وحسنه، وكان عنده عناية بنسخ الكتب، وجمع المخطوطات وقد نسخ الكثير منها، وكان له الفضل بعد الله عز وجل في حفظ كثيراً من الكتب منها:
1- جـواب شبهة المعتزلة في نفي الصفــات: لشيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728هـ) - رحمه الله - ، 7 ورقات بخط الشيخ سليمان، نسخها في عام 1341هـ، ومحفوظة مع مكتبته بجامعة الإمام رقم 2239 خ( ).
2- ذيل طبقات الحنابلة: لابن رجب (ت 795هـ)، نسخه الشيخ سليمان في جزئين، 221 ورقة بتاريخ 9/10/1340هـ ( ).
3- تقرير وتحرير الفوائد: لابن رجب (ت 795هـ)، نسخة بخط
الشيخ سليمان بتاريخ 1339، في 212 ورقة ( ).
3- المغني: للإمام موفق الدين ابن قدامة، والشرح الكبير للإمام ابن أبي عمر، حيث كلفه شيخه الشيخ عبدالله العنقري بجمع نسخ هذين الكتابين مع بعض تلاميذ الشيخ عبدالله، فقاموا بجمع أجزاء نسخ الكتابين من بلدان نجد وقراها، حتى اجتمع لدى الشيخ عبدالله العنقري نسخة كاملة من كل من هذين الكتابين، فأمر تلاميذه بإخراج نسخة من كل من هذين الكتابين، وكان للشيخ سليمان بن حمدان النصيب الأوفر من هذا العمل، وذلك لجمال خطه ولاطلاعه على الأحكام الشرعية، ولجلده في النسخ والمقابلة.
فلما كمل نسخ الكتابين بعثهما الشيخ عبدالله العنقري إلى الملك عبدالعزيز بن سعود، فأمر محمد رشيد رضا بطباعتهما باثني عشر مجلداً( ).
وقد نسخ الشيخ سليمان كتاب «المغني» مراراً. وغير ذلك من الكتب.
10- مؤلفاته ( ):
1- الأجوبة الحسان على أسئلة مرشد باكستان: مطبوع، اعتنى بنشره وقدم له الشيخ عبدالله بن جارالله الجارالله - رحمه الله -، دار التوحيد، الرياض، الطبعة الأولى 1414هـ، في 24 صفحه من القطع الصغير.
2- أدلة النصوص المصدقة في رد الأكاذيب الملفقة من أهل الإلحاد والزندقة: رقمها (2300)،63 صفحة .
3- بيان الحجج والأدلة، بحث في عدم الوصول إلى القمر: مخطوط.
4- تقريب المقاصد بترتيب الفوائد من تقرير القواعد وتحرير الفوائد: ترتيب لقواعد ابن رجب على أبواب الفقه. مخطوط، رقمه (2245) 82 ورقة. رأيته ناقصاً وبه آثار أرضه. قال عنه مؤلفه: «إنه ابتدأ في ترتيبه غرة جماد الآخر من سنة 1352 هـ»، ثم قال: «أسأل الله أن يَمُنَّ بإكماله على أحسن الوجوه وأَتـمها، إنه ولي ذلك». كما في طرة المخطوطة.
قلت: رأيت آخر ما وصل له المؤلف إلى باب الفدية حسب ترتيبه.
5- دلالة النصوص والاجماع على فرض القتال للكفر والدفاع: رسالة في أن الجهاد للقتال على الإسلام لا للدفاع. مطبوع، في مطابع دار الطباعة والنشر، عمان، في 115صفحة، والكتاب مخطوط في جامعة الإمام برقم (2301) في 85 صفحه .
6- الدر النضيد على أبواب كتاب التوحيد: للشيخ محمد بن عبدالوهاب – رحمه الله –، وهو كتابنا هذا.
7- الرسالة البيروتية: إجابة على أسئلة وردت إليه من بيروت. مطبوعة ، وعندي نسخه خطيه مصورة من هذا الكتاب في 8 صفحات.
8- الدرة الثمينة في الفرائض: منظومة له في الفرائض على المذهب. مطبوعة. مؤسسة النور، الرياض، في 16 صفحة.
9- تسهيل المطالب من الدرة الثمينة للطالب: وهو شرح للمنظومة المتقدمة، ويوجد لهذا الشرح نسختين خطيتين، رقم الأولى 2303 في 19 صفحة، والثانية برقم 2319 في 49 صفحة.
10- بحث في بيان حكم شرب البيبسي والكاكولا وغيرهما من المشروبات الغازية والكحولية. مخطوط.
وأظنه عند بعض تلاميذه في الطائف.
11- مجموع يضم فتاوى وأشعار ورسائل عدة، يقيد فيه ما يراه أو يسمعه أو يقرأه من الفوائد وغرائب المسائل، وأغلب نقله في الفوائد الحديثية، والألغاز الفقهية، والأسرار اللغوية، والنكات النحوية، والروائع البلاغية، والحكم الشعرية، وغيرها من عيون العلوم والفنون، وهو يدل على وفرة في العلم وسعة في الاطلاع، إلا أن مواد هذا المجموع مفرقة في كراريس متنوعة، ومتناثرة في أوراق مختلفة، لو جمعت ولخصت وبوبت ورتبت، لجاءت في مجلد كبير، ولحصل منها علم غزير.
12- ملاحظاتي حال مطالعاتي: وهو كما يظهر من اسمه مجموعة نفيسة، يقيد فيها ما يراه من التحقيقات والتصحيحات والتصويبات … حيال عدد من الكتب التي يطالعها، وهو متضمنة لفوائد منتخبة متنوعة. مخطوطة. لدي نسخه مصوره منها.
13- رسالة في مناسك الحج، وهي نبذة لطيفة مختصرة.
14- نظم دليل الطالب في الفقه الحنبلي، مخطوط.
15- نقض المباني من فتوى اليماني، وتحقيق المرام فيما يتعلق بالمقام: مطبوع. مطبعة المدني، القاهرة 1383هـ، رقمها (2302) في 116صفحة.
وهذا الكتاب رد على الشيخ يحيى المعلمي اليماني - رحمه الله تعالى -.
16- هداية الأريب الأمجد في معرفة أصحاب الرواية عن الإمام أحمد: طبع بتحقيق الشيخ بكر أبوزيد ، ورقم مخطوطته (2305).
17- طبقات الحنابلة: (تراجم لمتأخري الحنابلة)، مطبوع بتحقيق الشيخ بكر أبوزيد، وهو مخطوط في مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض تحت رقم (2261) في 159 صفحة.
18- ثبته في رواية كتب السنة: مطبوع.
19- ترجمة الشيخ سليمان بن سحمان: مخطوطه في مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض تحت رقم (2329) في ورقتين. عندي نسختين منه، وقد طبع في مقدمة كتاب الشيخ سليمان بن سحمان (ص/ أ- و) «الهدية السنية التحفة الوهابية النجدية» مجموع خمس رسائل لكبار أئمة نجد وعلمائها ، طبع مكتبة التوفيق، 1389هـ.
20- البراهين والأدلة الكافية في القناعة برفع المسيح وأن نزوله من أشراط الساعة: مطبوع في مصر مطبعة الإمام، في 35 صفحة( ) . ومخطوطته برقم (2299).
21- الدرة الثمينة فيما يشرع و يمنع في حق قاصد المدينة: في 7 صفحات، رقمها (2288)، وعندي مصورة منها وقد انتهيت من تحقيقها.
22- ما رأيت وما سمعت من الفوائد في القضايا الفقهية: مخطوط رقم (2326) في 99 صفحه.
23- تجريد رؤوس مسائل التمهيد: مخطوط رقمه (2365)، وأظن أن نسخته عند الدكتور عبدالله التركي.
24- كشف النقاب عن مؤلفات الأصحاب: عندي صورة من مخطوطته وهو قيد التحقيق، ولم يكمله مؤلفه رحمه الله، وهذا الكتاب لم يذكره أحد ممن ترجم له.
25- مختصر التحرير في أصول الفقه: مخطوط ناقص في ورقتين رقمه 2312 .
11- وفاته:
توفي الشيخ سليمان – رحمه الله – في مدينة الطائف، في الثاني عشر من شهرشعبان عام 1397هـ، حيث كان له مسكن يصطاف فيه أيام الصيف.
وصُلِّي عليه في مسجد ابن عباس، ودفن في الطائف. ولم يخلف ذرية - رحمه الله تعالى -.
* * *
الكلام على كتاب
«الدر النضيد»
* ميزات هذا الكتاب.
* ثناء الشيخ بكر أبوزيد على الكتاب.
* موارد الشارح.
* * *
ميزات كتاب الدر النضيد
تميز هذا الشرح لكتاب التوحيد بميزات عديدة منها:
1- أن هذا الشرح يُعد شرحاً متوسطاً ليس بالطويل الممل ولا بالقصير المخل.
2- عنايته بمسائل كتاب التوحيد ووضعها في مواضعها المناسبة والتعليق عليها.
3- أكثر الشارح - رحمه الله - من الاستشهاد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي زادت على ثلاثمائة حديثاً.
4- أكثر الشارح - رحمه الله - من النقل من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم - وهما من هما في سعة العلم -.
5- تعرضه لبعض المسائل المعاصرة المهمة.
6- عنايته بترجمة الأعلام بشكل مختصر.
7- عنايته بذكر ما استنبطه المصنف من الفوائد بعد كل آية قرآنية وحديث نبوي.
ثناء الشيخ بكر أبوزيد على الكتاب
قال الشيخ بكر: «وكان تأليفه لكتاب «الدر النضيد في شرح كتاب التوحيد» و «نظم الفرائض» من حصيلة تدريسه سنين طويلة، لهذا كان شرحه «الدر النضيد» من أنفس شروح كتاب التوحيد».
وقال أيضاً: «الدر النضيد، حاشية على كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى، وهي من أحسن مؤلفاته، بل هي من أنفس شروح هذا الكتاب، مطبوعة»( ).
موارد الشارح رحمه الله تعالى
تنوعت مصادر المؤلف – رحمه الله – في مختلف الفنون، فهو ينقل من كتب العقائد، وكتب الحديث، وشروحها، وكتب التفسير، وكتب الفقه المتنوعة المذاهب، وكتب التاريخ والسير والتراجم.
وقد يصرح أحياناً وقد لا يصرح، وقد قسمت هذه الموارد إلى قسمين:
القسم الأول: شروح كتاب التوحيد:
وهي:
- «تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب (ت 1233هـ).
- «فتح المجيد» للشيخ عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب (ت 1285).
- «قرة عيون الموحدين» له أيضاً.
- «إبطال التنديد باختصار شرح التوحيد» للشيخ حمد بن عتيق (ت 1301هـ).
القسم الثاني: المصادر العامة:
وقد أكثر من النقل من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728هـ)، وتلميذه ابن قيم الجوزية (ت 751هـ) - رحمهما الله تعالى -.
وإليك ما صرح الشارح بالنقل منه:
* صحيح البخاري. * شعب الإيمان للبيهقي.
* مسند الفردوس للديلمي. * سنن البيهقي.
* الحلية لأبي نعيم. * شرح السنة للبغوي.
* النهاية في غريب الحديث لابن الأثير.
* المفهم على صحيح مسلم للقرطبي. *الأسماء والصفات للبيهقي.
* البدع والحوادث.* الرد على من ادعى أن للأولياء تصرفات لصنع الله الحنفي. * الاستغاثة في الرد على البكري لابن تيمية.
* تطهير الاعتقاد للصنعاني. * الكافية الشافية (النونية) لابن القيم.
* الرد على الزنادقة والجهمية للإمام أحمد. * منهاج السنة لابن تيمية. * أعلام الموقعين لابن القيم. * الأموال لأبي عبيد.
* بدائع الفوائد لابن القيم. * شرح المنهاج للرافعي.
* شرح در البحار لقاسم الحنفي. * المبسوط في الفقه المالكي.
* الكافي لأبي محمد المقدسي. * الفروع لابن مفلح.
* الإنصاف للمرداوي. * الكبائر للذهبي.
* الروض الأنف للسهيلي. * مغازي ابن إسحاق.
وغيرها من الموارد.
بسم الله الرحمن الرحيم
فائدة( )
عن محمد بن النظر الحارثي قال: كان يُقال أول العلم الإنصات له، ثم الاستماع له، ثم حفظه، ثم العمل به، ثم لله.
من «كتاب الزهد»: في زهد عمر حدثنا عبدالله قال: حدثني أبي، حدثنا عفان، حدثنا جرير بن حازم قال: سمعت الحسن قال: حضر بابَ عمرَ بن الخطاب سُهيل بن عمر والحارث بن هشام وأبوسفيان بن حرب ونفر من قريش من تلك الرؤوس، وصهيب وبلال وتلك الموالي الذين شهدوا بدراً، فخرج ابن عمر فأذِنَ لهم وترك هؤلاء. فقال أبوسفيان: لم أرَ كاليوم قط ! يأذن لهؤلاء العبيد ويتركنا على بابه ولا يلتفت إلينا ! قال: فقال سُهيل بن عمرو - وكان رجلاً عاقلاً -: أيها القوم، إني - والله - لقد أرى الذي في وجوهكم، إن كنتم غِضاباً فاغضبوا على أنفسكم ؛ دُعِـيَ القومُ ودُعِيتُم فأسرعوا وتباطأتم، فكيف بكم إذا دُعُوا ليوم القيامة وتُركتم، أما والله لما سبقوكم إليه من الفضل مما ترون أشدّ عليكم فوتاً من بابكم هذا الذي تنافستُم عليه. قال: ونفض ثوبه وانطلق.
* * *
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
ربِّ يَسِّرْ وأَعِنْ يا كريم
الحمد لله الذي جلّ عن الأنداد، وتنزّه عن أن يكون له ظهير من العباد، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له شهادة من عرف المعنى منها والمراد، واعتقد ما دلّت عليه حقيقة الاعتقاد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الهادي إلى سبيل الرشاد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فإن «كتاب التوحيد» الذي ألَّفه الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد ابن عبدالوهاب رحمه الله ورضي عنه، كتاب بديع الوضع، عظيم النفع، لم أرَ من سبقه إلى مثاله أو نسج في تأليفه على منواله، فكل باب منه قاعدة من القواعد ينبني عليها كثير من الفوائد، وأكثر أهل زمانه قد وقعوا في الشرك الأكبر والأصغر، واعتقدوه ديناً فلا يُتاب منه ولا يُستغفر، فألّفه عن خبرة منه ومشاهدة للواقع، فكان لذاك الداء كالدواء النافع، فرحمه الله ورضي عنه.
وقـد شرحه بعـض أحفاده وغيرهم، ووضـعوا علـيه بعـض الحواشي المفيـدة، إلا أنه لم يتعرض أحدٌ مـنهم لذكر المسـائل الـتي استنبـطها المصنف في آخر كل باب إلاّ نادراً، وهـي تضمن علوماً جمّـة وفـوائد مهمـة، فرأيتُ من الضـروري استخـراج خلاصة مما ذكـروه تكون وافيـة بتوضيح مقاصده وتـقريب شـوارده مع ما منَّ الله به مـن الفوائد وتوضيح الشواهد، واتبعـت كل آية أو حـديث بما استنبطه المصنف من الفوائد، ومرادي بشيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله ورضي عنه، وسميته:
«الدُّرُّ الـنَّضيد على أبواب التوحيد»
واللهَ أسألُ أن ينفع به كما نفع بأصله، وأن يجعله خالصاً لوجهه، ومن العمل المبرور، والسعي المشكور المقرب لديه، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وإني أروي كتاب التوحيد وسائر مؤلفات الشيخ في اليوم العاشر من شهر محرم الحرام عام ألفٍ وثلاثمائة وخمسين، بالإجازة عن الشيخ العلاّمة محدث الحجاز في وقته أبي الفيض وأبي الإسعاد عبدالستار بن عبدالوهاب الصديقي الحنفي الدهلوي ثم المكي، عن الشيخ العلاّمة السلفي أحمد بن إبراهيم بن عيسى النجدي الحنبلي، عن الشيخ العلاّمة حفيد المؤلف عبدالرحمن بن حسن، عن المؤلف الشيخ محمد بن عبدالوهاب أجزل له الله الأجر والثواب.
* * *
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ( )
كتاب التوحيد( )
وقول الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]( ).
..................................................................
وقوله: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل: 36] ( ).
وقوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا( ) الآيات.
وقولـه: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ( ) [النساء:36].
وقولـه: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا( ) [الأنعام: 151] الآيات .
قال ابن مسعود: «من أراد أن ينظر إلى وصية محمّد التي عليها خاتَمُه فليقرأ قولـه تعالى: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا - إلى قوله - وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا الآية [الأنعام: 151-153] ( ).
وعن معاذ بن جبل ( ) قال: كنتُ رديفَ النبي على حمار( )، فقال لي: «يا معاذ، أتدري ما حقُّ الله على العبــاد، وما حــقُّ العباد على الله؟»( ).
فقلت: الله ورسوله أعلم( ). قال: «حقُّ اللهِ على العبادِ أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً( )، وحقُّ العبادِ على اللهِ أن لا يعذِّبَ من لا يُشرك به شيئاً»( ). قلت: يا رسـول الله، أفلا أبشر الناس؟ قال: «لا تبشِّرهم فيتّكلوا»( ).
أخرجاه في الصحيحين( ) .
* * *
2- باب فضل التوحيد( ) وما يُكفِّر من الذنوب( )
وقول الله تعالى: الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ الآية( )[الأنعام: 82]. عــن عُبادة بن الصامت ( ) قال: قال رسول الله :
«مـــن شهـــد أن لا إله إلاّ الله( )
................................................................
وحده( )لا شريك له، وأنَّ محمداً عبده ورسوله( )،وأنَّ عيسى عبدُ( )الله
ورسوله( )، وكلمته( ) ألقاها إلى مريم( ) وروحٌ منه( )،
وأنَّ الجنةَ حقٌّ والنَّار حقٌّ( )،أدخله الله الجنة على ما كان من العمل( )».
أخرجاه( ).
ولهما في حديث عِتبان( ): «فإن الله حرَّم على النار من قال: لا إله إلاّ الله يبتغي بذلك وجه الله»( ).
................................................................
وعن أبي سعيد الخدري ( ) عن رسول الله قال:
«قال موسى: يا ربِّ، علِّمني شيئاً أذكُرُكَ وأدعُوكَ به. قال: قلْ
يا موسى: لا إله إلاَّ الله. قال: كلُّ عبادك يقولون هذا( ). قال: يا موسى، لو أنَّ السموات السبع وعامرهُنَّ( ) - غيري -
والأرضين السبع في كِفَّةٍ، ولا إله إلاّ الله في كِفَّة، مالتْ بهن لا إله إلاّ الله».
رواه ابن حبان والحاكم وصححه( ).
وللترمذي( ) - وحسَّنه -( ) عن أنس( ): سمعـت رسول الله يقول: «قال الله تعالى: يا ابن آدم، لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشركُ بي شيئاً لأتيتُك بقُرابها مغفرة»( ).
..........................................................................
* * *
3- باب من حقَّقَ التوحيدَ دخل الجنة بغير حساب( )
وقول الله تعالى: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ( ) [النحل:120].
وقال: وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ ( ) [المؤمنون:59].
عن حصين بن عبدالرحمن( ) قال: كنت عند سعيد بن جُبير( ) فقال: أيُّكم رأى الكوكبَ الذي انقضَّ البارحة؟ فقلت: أنا. ثم قلتُ: أما إني لم أكن في صلاة ولكني لُدِغت( ). قال: فما صنعت؟ قلت: ارتقيت. قال: فما حملك على ذلك؟ قلت: حديث حدثناه الشعبي. قال: وما حدّثكم؟ قلت: حدثنا عن بُريدة بن الحصيب( ) أنه قال: لا رُقية إلا من عين أو حُمة. قال: قد أحسن مَن انتهى إلى
ما سمع( )، ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي أنه قال: «عُرضت عليَّ الأمم، فرأيتُ النبيَّ ومعه الرهط( )،والنبي ومع الرجل والرجلان، والنبي وليس
معه أحد( )، إذ رُفع لي سوادٌ عظيم( ) فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه( )، فنظرتُ فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أُمّتُك ومعهم سبعون ألف يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب»( ).
ثم نهض فدخل منزلـه، فخاض الناس في أولئك( ) فقال بعضهم:
فلعلهم الذين صحبوا رسولَ الله ، وقال بعضهم: فلَعلَّهُم الذين
وُلدوا في الإسلام فلم يُشركوا بالله شيئاً، وذكروا أشياء. فخرج عليهم
رسول الله فأخبروه، فقال: «هم الذين لا يَسْترْقُون( )،
ولا يكتوون( )، ولا يتطيّرون( )، وعلى ربهم يتوكلون( )».
فقام عُكَّاشة ( ) بن مِحصَن فقال: ادعُ الله أن يجعلني منهم ( ) .
فقال: «أنت منهم»( ). ثم قام رجلٌ آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم. فقال: «سبقك بها عُكاشة»( ).
* * *
4- باب الخوف من الشرك( )
وقـول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ( ) [النساء:48].
وقـول الخليـل عليه السـلام: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأصْنَامَ( ) [إبراهيم:35].
وفي الحديث: «أخوفُ ما أخاف عليكم الشركُ الأصغر». فسئل عنه. فقال: «الرياء»( ).
وعن ابن مسعود أن رسول الله قال: «مَنْ مات وهو يدعو لله نِدَّاً دخل النار». رواه البخاري( ).
ولمسلم عن جابر(1) أن رسول الله قال: «مَنْ لقي الله لا يُشرك به شيئاً دخل الجنة، ومن لقيه يُشرك به شيئاً دخل النار»( ).
..............................................................................
( )
* * *
5- باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلاّ الله ( )
وقول الله تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ ( ) الآية [يوسف:108].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله لما بعث معاذاً إلى اليمن( )
قال: «إنك تأتي قوماً من أهل الكتــاب( ) فليــكــن أول
ما تــدعـوهــم إليــه شهــادة أن لا إله إلا الله( ).
(وفي روايـة: إلى أن يـوحدوا الله)( ) فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض
عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة( )، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تُؤخذ من أغنيائهم فتُردّ على فقرائهم( )، فإن هم
أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم( )، واتق دعوة المظلوم ؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب( )» أخرجاه( ).
ولهما عن سهل بن سعد( ) أن رسـول الله قال يوم خيبـر:
«لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله( )، ويحبه الله ورسوله يفتح الله على
يديه»( ) فبات الناس يدوكون ليلتهم( ) أيهم يُعطاها( )، فلما أصبحوا غدوا( ) على رسول الله كلهم يرجو أن يُعطاها. فقال: «أين عليّ بن أبي طالب؟»( ). فقيل: هو يشتكي عينيه( )، فأرسلوا إليه فأُتِيَ به فبَصَق
في عينيه( ) ودعا لـه( )، فبرأ ( )، كأن لم يـكـن به وجع،
فأعطاه الراية( ) فقال: «انفذ على رِسْلِك( ) حتى تنزل
بساحتهم( )، ثم ادعهم إلى الإسلام( )، وأخبرهم بما يجب عليهــم من حق الله فيه( )، فوالله لأن يهديَ الله بك رجلاً واحــداً خيرٌ لك من
حُمْر النَّعَم»( ). يدوكون: أي يخوضون.
* * *
6- باب تفسير التوحيد، وشهادة أن لا إله إلاّ الله( )
وقول الله تعالى: أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَة( )َ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ الآية [الإسراء:57].
وقولـه: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلا الَّذِي فَطَرَنِي ( ) الآية [الزخرف:26-27].
وقولـه: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ(1) الآية [التوبة: 31]( ).
....................................................................... وقولـه تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ( ) الآية [البقرة:165].
......................................................................
في الصحيح( ) عن النبي أنه قال: «من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله( ) حَرُمَ ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل».
وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الأبواب( ) .
* * *
7- باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه( )
وقول الله تعالى: قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ( ) الآية [الزمر: 38].
وعن عِمران بن حصين أن النبي رأى رجلاً في يده حلقة من صُفْرٍ. فقال: «ما هذه ؟» قال: من الواهنة. فقال النبي : «انزعها، فإنها لا تزيدك إلا وهناً ؛ فإنك لو مِت وهي عليك ما أفلحت أبداً»( ).
رواه الإمام أحمد بسند لا بأس به( ).
ولـه عن عقبة بن عامر مرفوعاً: «من تعلّق تميمةً فلا أتمَّ الله له، ومن تعلَّق وَدَعَةً فلا وَدَع الله له»( ).
وفي رواية: «من تعلق تميمة فقد أشرك»( ).
ولابن أبي حاتم عن حذيفة : أنه رأى رجلاً في يده خيط من الحُمَّى
فقطعه وتلى قولـه تعالى: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ( ) [يوسف:106].
* * *
8- باب ما جاء في الرُّقى والتمائم ( )
في الصحيح عن أبي بشير الأنصاري( ) أنه كان مع رسول الله في بعض أسفاره فأرسل رسولاً: أَنْ لا يبقَيَن( ) في رقبة بعيرٍ قلادة من وَتَر أو قلادة إلا قُطِعت( ).
وعن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله يقول: «إن الرُّقَى والتمائم والتِوَلة شرك». رواه أحمد وأبوداود( ) .
........................................................................
وعن عبدالله بن عُكيم مرفوعاً: «من تعلق شيئاً وُكل إليه». رواه أحمد والترمذي( ).
التمائم: شيء يُعلّق على الأولاد يتقون به العين( )، لكن إذا كان الـمُعلَّقُ من القرآن فرخص فيه بعض السلف( )، وبعضهم لم يرخص فيه،
ويجعله من المنهي عنه، منهم ابن مسعود .
والرُّقى: هي التي تسمى العزائم، وخصّ منها الدليل ما خلا من الشرك، فقد رخص فيه رسول الله من العين والحُمَةِ.
والتِّوَلة: هي شيء يصنعونه، يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها والرجل إلى امرأته.
وروى أحمد عن رويفع( ) قال: قال لي رسول الله : «يا رُويفع لعلّ الحياة ستطول بك فأخبر الناس( ) أن من عقد لحيته، أو تقلَّد وتراً، أو استنجى
برجيع دابة أو عَظم، فإن محمداً بَريءٌ منه».
وعن سعيد بن جُبير( ): قال: «من قطع تميمة من إنسان كان كعَدْل رقبة». رواه وكيع( ) .
وله عن إبراهيم قال: كانوا يكرهون التمائمَ كلها، من القرآن وغير القرآن.
* * *
9- باب من تبرَّك بشجرةٍ أو حجرٍ و نحوهما( )
وقول الله تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى الآيات( ) [النجم:19].
عن أبي واقد الليثي( ) قال: خرجنا مع رسول الله إلى حُنَين ونحن حُدثاء عهد بكفر( )، وللمشركين سدرة يعكُفون عندها وينوطون بها أسلحتهم( )،
يقال لها ذات أنواط( )، فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذاتُ أنواط فقال رسـول الله : «الله أكبر، إنها السُنن( ) قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ [الأعراف: 138] لتركبنَّ سَننَ من كان
قبلكم». رواه الترمذي وصحّحه( ).
..................................................................
10- باب ما جاء في الذبح لغير الله( )
وقول الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُالآية( ) [الأنعام:162-163].
وقولـه: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ( ) [الكوثر:2].
عن عليٍّ(2) قال: حدَّثني رسول الله بأربـع كلمات: «لعن اللهُ من ذبح لغير الله( )،........................................................................
........................................................................
لعنَ اللهُ من لعن والــديه( )، لعن الله من آوى محدثـاً( )،
لعن الله من غيَّرَ منارَ الأرض( )». رواه مسلم.
وعن طارق بن شهاب( ) أن رسول الله قال: «دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب. قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: «مرَّ رجلان على قوم لهم صنمٌ لا يَجُوزُه أحدٌ حتى يقرِّب له شيئاً. فقالوا لأحدهما: قرِّب. قال: ليس عندي شيء أقرِّب. قالوا: قرِِّب ولو ذباباً، فقرب ذباباً فخلوا سبيله فدخل النار. وقالوا للآخر: قَرِّب. فقال: ما كنت لأقرِّب لأحدٍ شيئاً دون الله -عز وجل- فضربوا عنقه، فدخل الجنة»( ) رواه أحمد.
..............................................................................
* * *
11- باب لا يُذبح لله بمكانٍ يُذبح فيه لغير الله( )
وقول الله تعالى: لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ( ) الآية [التوبة: 108].
......................................................................
عن ثابت بن الضَّحَّاك(1) قال: نَذَر رجلٌ أن ينحر إبلاً ببُوانَةَ، فسأل النبي فقال: «هل كان فيها وثنٌ من أوثان الجاهلية يُعبَد؟» ( ) قالوا: لا. قال: «فهل كان فيها عيدٌ من أعيادهم؟». قالوا: لا. فقال رسول الله : «أوفِ بنذرِكَ( )، فإنه لا وفاء لنذرٍ في معصية الله، ولا فيما لا يملكُ ابنُ آدم».
...................................................................................
رواه أبوداود( )، وإسناده على شرطهما( ).
* * *
12- باب من الشرك النَّذرُ لغير الله( )
وقول الله تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا [الإنسان: 7].
وقولـه: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ(2) [البقرة:270] ( ).
.....................................................................
وفي الصحيح( ) عن عائشة رضـي الله عنها أن رسـول الله قال:
«من نذر أنْ يُطيعَ اللهَ فليُطِعْهُ، ومَنْ نذَر أن يَعصي اللهَ، فلا يعصه»( ).
* * *
13- باب من الشرك الاستعاذة بغير الله ( )
وقول الله تعالى: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ( ) [الجن: 6].
عن خَولةَ بنت حكيم ( ) رضي الله عنها قالت: سمعتُ رسول الله يقول: «مَنْ نَزَلَ منزلاً فقــال: أعوذُ بكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّـاتِ
مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ( )، لَمْ يَضُرّهُ شَيءٌ حَتَّى يَرْحَل من منزِلِهِ ذلك». رواه مسلم.
.......................................................................................
* * *
14- بابٌ من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعُوَ غيره ( )
.......................................................................
وقول الله تعالى: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ( ) فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ( ) * وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَالآية( ) [يونس: 106-107].
وقولـه: فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ( )وَاعْبُدُوهُ الآية( ) [العنكبوت:17].
وقولـه: إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ الآيتين( ) [الأحقاف:5].
وقولـه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ( ) الآية [النمل:62].
وروى الطبراني بإسناده( ) أنه كان في زمن النبي منافقٌ يؤذي المؤمنين فقال بعضهم( ): قوموا بنا نستغيثُ برسـول الله من هـذا المنافق. فقال
النبي : «إنه لا يُستغاث بي، وإنما يُستغاثُ بالله»( ).
* * *
15- باب قول الله تعالى: أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ * وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا ( ) الآية [الأعراف: 191-192].
وقولـه: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ( ) الآية [فاطر: 13].
وفي الصحيـح( ) عن أنس قـال: شُجَّ النبيُّ يومَ أُحُدٍ وكُسِرتْ
رُباعيتُه فقال: «كيف يفلح قومٌ شَجُّوا نبيَّهم( ) ؟» فنزلت: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ ( ) [آل عمران: 128].
وفيه عن ابن عمر رضي الله عنهما( ) أنه سمع رسول الله يقول
إذا رفع رأسه من الركوع( ) في الركعة الأخيرة من الفجر «اللهم العن فلاناً وفلاناً» بعدما يقول: «سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد»، فأنزل الله لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ.
وفي رواية: يدعـو على صفـوان( ) بن أُميَّة وسُهيــل بن عمـرو والحارث بن هشام فنزلت: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ.
وفيه عن أبي هريرة قال: قام فينا رسول الله حين أُنزِل عليه وأنذر عشيرتك الأقربين( ) [الشعراء: 214]فقال: «يا معشر قريش( ) -أو كلمةً نحوها( )- اشتروا أنفسَكم( )، لا أغني عنكم من الله شيئاً( )، يا عباسُ بنَ عبدِالمطلب( ) لا أغني عنكَ من الله شيئاً، يا صفيَّةُ عمةَ رسول الله لا أُغني عنكِ من الله شيئاً، ويا فاطمةُ بنـتَ محمد، سـليني من مالي ما شئتِ( ) لا أُغني
عنكِ من الله شيئاً».
* * *
16- باب قول الله تعالى: حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ( ) [سبأ: 23].
.......................................................................
في الصحيح( ) عن أبي هريرة عن النبي قال: «إذا قضى
اللهُ الأمرَ في السماء ضَرَبتِ الملائكةُ( ) بأجنحتها خَضَعاناً لقولـه، كأنه سلسلةٌ على صفوان( ) ينفُذُهم ذلك( ): حَتَّى إِذَا فُزِّع عَنْ
قُلُوبِهِمْ( ) قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ( ) قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ( ) فيسمعها مســترق السَّمــع( )، ..........................................
ومسترق السمع هكذا( ) بعضه فوقَ بعض - وصفـه سفيان بكفِّه فحرَّفها( ) وبدَّد( ) بينَ أصابعه - فيسمع الكلمة فيُلقيها إلى من تحته( )، ثم يلقيها الآخرُ إلى من تحته حتى يُلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدركـه الشهاب قبل أن يُلقيــها، وربما ألقــاهــا قبــل أن يدركــه( )، فيكــذب معهــا
مائة كذبة( ) فيُقال: أليس قد قال لنا يومَ كذا وكذا: كذا وكذا؟( ) فَيُصََّق
بتلك الكلمة التي سُمعت من السماء».
وعن النوَّاس بن سِمعَان( ) قال: قال رسول الله : «إذا أراد اللهُ
تعالى أن يُوحيَ بالأمر تكلَّم بالوحي( ) أخذتِ السموات منه رجفةٌ( ) -أو قال رِعدَةٌ شديدة( )-، خوفاً من الله عـز وجل، فإذا سمع ذلك أهلُ السموات صَعِقُوا وخَرُّوا لله سُجَّداً( )، فيكونُ أولَ من يرفع رأسَه جبريلُ( )، فيكلِّمه اللهُ من وَحيه بما أراد( )، ثم يمرُّ جبريل على الملائكة كلما مرَّ بسماء سأله ملائكتها: ماذا قال ربُّنا يا جبريل ؟ فيقول جبريل: قال الحقَّ وهو العليُّ الكبير( )، فيقولون كلهم مثلَ ما قال جبريلُ. فينتهي جبريلُ بالوحي إلى حيثُ أمرَهُ اللهُ عـز وجل( )».
..................................................................................
* * *
17- باب الشفاعــة( )
وقول الله تعالى: وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ( ) لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [الأنعام:51] .
وقولـه: قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا ( ) [الزمر:44].
وقولـه: قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا( ) [البقرة:255].
وقولــه: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى( ) [النجم:26].
وقولـه: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأرْضِالآيتين [سبأ:22-23].
قال أبوالعباس(2): «نفى الله عما سواه كل ما يتعلق به المشركون، فنفى أن يكون لغيره مُلْكٌ، أو قِسطٌ منه، أو يكون عوناً لله، ولم يبقَ إلا( )
الشفاعة فبيَّنَ أنها لا تنفع إلا لمن أذِنَ له الرب كما قال تعالى: وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى [الأنبياء: 28] فهذه الشفاعة التي يظنها المشركون هي منتفية يوم القيامة كما نفاها القرآن، وأخبر النبي أنه يأتي
فيسجد لربه ويحمده - لا يبدأ بالشفاعة أولاً -، ثم يُقال لـه: «ارفع رأسك، وقل يُسمع، وسلْ تُعط، واشفع تُشفع» .
وقال له أبوهريرة( ): من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله ؟ قال: «من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه». فتلك الشفاعة لأهل الإخلاص بإذن الله ولا تكون لمن أشرك بالله( ).
وحقيقتها: أن الله سبحانه هو الذي يتفضّل على أهل الإخلاص فيغفر لهم بواسطة دعاء من أُذن له أن يشفع ليُكرمه وينال المقام المحمود.
فالشفاعة التي نفاها القرآن( )ما كان فيها شرك وتلك منفية مطلـقاً،
بإذنه في مواضع، وقد بيَّن النبي أنها لا تكون إلا لأهل التوحيد والإخلاص». انتهى كلامه.
* * *
18- باب قول الله تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ الآية( ) [القصص: 56].
في الصحيح( ) عن ابن المُسيِّبِ عن أبيه( ) قال: لما حضَرَت أبا طالب الوفاةُ جاءه رسولُ الله ، وعنده عبدُالله بن أبي أُميَّة وأبوجهل، فقال لـه: «يا عمّ( )، قل: لا إله إلا الله( )، كلمةً أُحاجُّ لك بها
عند الله( )». فقالا لـه( ): أترغبُ عن ملةِ عبدالمطلب ؟ فأعاد عليه
النبي ، فأعادا، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبدالمطلب،
وأبَى أن يقول لا إله إلا الله. فقال النبي : «لأستغفرنّ لك ما لم
أُنـْهَ عنك( )» فأنزل الله عز وجل: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ
يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ( ) [التوبة:113].
وأنزل في أبي طالب: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ( ) [القصص:56].
...........................................................................................
* * *
19- باب ما جاء أنَّ سببَ كُفر بني آدمَ وتركهم دينَهم هو الغُلُوُّ في الصالحين( )
وقول الله عز وجل: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ( ) الآية [النساء: 171].
في الصحيـح(1) عن ابن عبـاس رضي الله عنهما في قول الله تعالى: وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا [نوح:23]( ) قـال: هذه أسماء رجالٍ صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسمُّوها بأسمائهم، ففعلوا، ولم تُعبَد، حتى إذا هلك أولئك ونُسي العلمُ عُبدَتْ.
وقال ابن القيم: «قال غير واحد من السلف: لما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوَّروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمدُ فعبدوهم»( ).
وعن عمر( ) أن رسول الله قال: «لا تُطروني كما أطْرَت النصارى ابن مريم( )، إنما أنا عبدٌ، فقولوا عبدُ الله ورسوله»( ) . أخرجاه.
وقال: قال رسول الله : «إياكم والغلو( )، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو».
ولمسلم عن ابن مسعود( ) أن رسول الله قال: «هلك المتنطعون». قالها ثلاثاً.
* * *
20- باب ما جاء من التغليظ فيمن عَبَد الله
عند قبر رجل صالح فكيف إذا عَبَده ؟( )
في الصحيح( ) عن عائشة رضي الله عنها أنَّ أمَّ سَلَمة ذكرتْ لرسول الله ( ) كنيسةً رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصور فقال: «أولئكِ( ) إذا مات فيهم الرجلُ الصالح -أو العبدُ الصالح( )- بنوْا على قبر مسجداً( )، وصوَّروا فيه تلك الصُّور، أولئكِ شرارُ الخلقِ عند الله»( ). فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين: فتنة القبور، وفتنة التماثيل( ).
ولهما عنها( ) قالت: لما نُزِلَ برسول الله طَفِقَ يطرحُ خميصة له على وجهه، فإذا اغتمَّ بها كشَفَها، فقال وهو كذلك: «لعنةُ الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبورَ أنبيائهم مساجد( )». يُحذِّر ما صنعُوا( )، ولولا ذلك أُبرزَ قبرُه( )،
غير أنه خَشي أن يُتَّخذَ مسجداً( ). أخرجاه.
ولمسلم عن جُندَب( ) بن عبدالله قال: سمعت رسول الله
قبل أنْ يموتَ بخمسٍ وهو يقول: «إني أبرَأُ إلى الله أن يكون لي منكم
خليلٌ، فإن الله قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيمَ خليلاً، ولو كنتُ مُتّخذاً من أُمتي خليلاً لاتخذتُ أبابكر خليلاً( )، أَلاَ( ) وإنَّ مَنْ كان
قبلكم( ) كانوا يتخذون قبورَ أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبورَ مساجدَ، فإني أنهاكُم عن ذلك».
فقد نهى عنه في آخر حياته( )، ثم إنه لعن - وهو في السياق - من فَعَلهُ.
.......................................................................
والصلاة عندها من ذلك، وإن لم يُبنَ مسجدٌ، وهو معنى قولـها: «خُشي أن يتخذَ مسجداً»، فإن الصحابة لم يكونوا ليبنُوا حولَ قبره مسجداً، وكل موضع قُصدَتِ الصلاةُ فيه فقد اتُّخِذَ مسجداً، بل كل موضعٍ يُصَلَّى فيه يُسمَّى مسجداً، كما قال : «جُعلت ليَ الأرضُ مسجداً وطهوراً».
ولأحمد بسند جيّد( ) عن ابن مسعود مرفوعاً «إن من شِرار الناس من تُدركهم الساعة وهم أحياء( ) ؛ والذين يتخذون القبور مساجد( )». ورواه أبوحاتم في صحيحه.
* * *
21- باب ما جاء أن الغُلُوّ في قبور الصالحين يصيّرها أوثاناً تُعبَد من دون الله ( )
روى مالكُ في الموطأ أن رسول الله قال: «اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد( )، اشتدَّ غضبُ الله على قومٍ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد( )».
.....................................................................
ولابن جرير( ) بسنده عن سفيان( ) عن منصور( ) عن مجاهد( ) أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى ( ) [النجم:19] قال: كان يَلُتُّ لهم السَّويق؛ فمات، فعكفوا
على قبره. وكذا قال أبوالجوزاء( ) عن ابن عباس( ): كان يلُتُّ السَّويق للحاج.
...............................................................
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «لعن رسولُ الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجدَ والسُّرُج». رواه أهل السنن( ).
..............................................................................
* * *
22- باب ما جاء في حماية المصطفى جنابَ التوحيد
وسدِّه كل طريق يُوصلُ إلى الشرك ( )
وقول الله تعالى: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ( ) عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ( ) ............................................................ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ( ) بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128] .
عـن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ( )،
ولا تجعلوا قبري عيداً( )، وصلُّوا عليَّ فإن صلاتكم تبلُغني حيث كنتم( )». رواه أبوداود بإسناد حسن، ورواته ثقات.
وعن عليّ بن الحسين( ) أنه رأى رجلاً يجيء إلى فُرْجَةٍ( ) كانت عند قبر النبي فيدخل فيها فيدعو، فنهاه( ) وقال: أَلاَ أُحدِّثكَ حديثاً
سمعتُه من أبي عن جدِّي عن رسول الله قال: «لا تتخذوا قبري عيداً، ولا بيوتكم قبوراً، وصلُّوا عليَّ فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم». رواه في المختارة( ).
..........................................................................
* * *
23- باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان( )
وقول الله تعالى: أَلَمْ تَرَ( ) إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلا [النساء:51].
وقولـه تعالى: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّه( )ِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ( ) أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ [المائدة:60].
وقوله: قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا( ) [الكهف:21].
عن أبي سعيد( ) أن رسول الله قال: «لتتبعُنَّ سَنَن مَـنْ كان قبلكم حَذو القُذّة بالقـُذّة، حتى لو دخلوا جُحر ضَبٍّ لدخلتموه( )».
قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟( ). قال: «فمن؟ “. أخرجاه( ).
ولمسلـم عن ثوبـان( ) أن رسـول الله قـال: «إنَّ الله زَوَى ليَ
الأرضَ( ) فرأيتُ مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها( ) ما زُويَ لي
منها( )، وأُعطيتُ الكنزين: الأحمرَ والأبيض( )، وإني سألتُ ربي لأمتي أن لا يهلكها بسَنَة بعامة( )، وأن لا يسلِّط عليهم عدوّاً من سوى أنفسهم، فيستبيح
بيضتهم( )، وإنَّ ربي قال: يا محمد، إني إذا قضيتُ قضاءً فإنه لا يُرَدّ( )، وإني أعطيتُك لأمّتك أن لا أُهلكهم بسَنَةٍ بعَامّة، وأن لا أسلّط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها( )، حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً ويسبي بعضُهم بعضاً( )».
ورواه البرقاني في صحيحه( ).
وزاد: «وإنما أخاف على أُمّتي الأئمة المضلّين( )، وإذا وقع عليهم السيف لم
يُرفع إلى يـوم القيامة( )، ولا تقوم الساعة حتى يلحق حيٌّ من أمتي بالمشركين( )،
وحتى تعبُد فئامٌ من أمتي الأوثان( )، وأنه سيكون في أمتي
كذّابون ثلاثون كلهــم يزعُم أنه نبـيٌّ( )،
وأنا خاتم النبيّين( )، لا نبي بعدي، ولا تزال طائفةٌ من أُمــتي على الحق منصورة، لا يضرُّهم من خذلهم( ) ولا من خالفهم،
حَتَّـى يَأتـِـيَ أَمْرُ اللهِ( )
تبارك وتعالى( )».
.............................................................................
* * *
24- باب ما جاء في السحر( )
وقول الله تعالى: وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ( ) [البقرة: 102].
وقولـه: يؤمنون بالجبت والطاغوت ( ) [النساء: 51].
قال عمر: الجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان.
وقال جابر: الطواغيت( ) كهّان كان ينزل عليهم الشيطان( )، في كل حيٍّ واحدٌ.
وعن أبي هريرة أن رسول الله قال:«اجتنبوا السبع الموبقات»( ) قالوا: يا رسول الله، وما هُنّ ؟ قال: «الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق، وأكلُ الربا، وأكلُ مال اليتيم، والتولِّي يومَ الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات».
وعن جندب مرفوعاً: «حدُّ الساحر ضربةٌ بالسيف». رواه الترمذي
وقال: الصحيح أنه موقوف ( ).
وفي صحيح البخاري عن بَجَالَة بن عَبَدَة(2) قال: كتب عمر بن الخطاب أنِ اقتلوا كل ساحر وساحرة. قال: فقتلنا ثلاث سواحر( ).
وصحَّ عن حفصةَ( ) رضي الله عنها أنها أمرت بقتل جاريةٍ لها سَحرتها، فقُتِلتْ.
وكذلك صحّ عن جُنْدَب( ).
قال أحمد: عن ثلاثة من أصحاب النبي ( ).
* * *
25- باب بيان شيء من أنواع السحر( )
قال أحمد: حدثنا محمد بن جعفر( )، حدثنا عوف، عن حيّان بن العلاء، حدثنا قَطَن بن قَبيصة، عن أبيه أنه ســمع رسولَ الله قال:
«إن العيافةَ والطَّرقَ والطِّيَرَةَ من الجبت»( ).
قال عوف: العيافة: زجر الطير ، والطَّرقُ: الخطُّ يُخطُّ بالأرض.
والجبتُ( ) قال الحسـن: رَنَّةُ الشيطـان. إسنـاده جيد. ولأبي داود والنسائي وابن حبان في صحيحه المسند منه( ).
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -( ) قال: قال رسول الله : «من اقتبس شعبةً من النجوم فقد اقتبس شعبةً من السحر( )، زاد ما زاد( )». رواه أبوداود وإسناده صحيح.
وللنسائي( ) من حديث أبي هريرة: «من عَقَد عُقدةً ثم نفث فيهـا فقد
سَحَرَ، ومن سَحَرَ فقد أشرك( )، ومن تعلَّق شيئاً وُكِل إليه( )».
وعن ابن مسعود أن رسول الله قال: «أَلاَ هل أُنبئكم ما العَضْهُ؟ هي النميمة، القالة بين الناس». رواه مسلم( ).
.......................................................................
ولهما عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله قال: «إن من البيان لسحراً»( ).
..............................................................................
* * *
26- باب ما جاء في الكهان ونحوهم( )
روى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي ( ) عن النبي قال: «من أتى عرَّافاً( )فسأله عن شيء فصدَّقه، لم تُقْبَل له صلاةٌ أربعين يوماً( )».
وعن أبي هريرة عن النبي قال: «من أتى كاهناً فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد ». رواه أبوداود( ).
وللأربعة، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما عن [ ]: «مَنْ أتى عرَّافاً أو كاهناً فصدَّقه بما يقولُ فقد كَفَر بما أُنزلَ على محمد ( )».
ولأبي يعلى( ) بسندٍ جيد عن ابن مسعود مثله موقوفاً( ).
وعن عمران بن حُصَين مرفـوعاً( ): «ليس منا من تَطَّيَر أو تُطيِّر له، أو تَكَهَّنَ أو تُكُهِّنَ له، أو سَحَر أو سُحِرَ له، ومن أتى كاهناً فصدَّقه بما يقول فقد كَفَر بما أُنزل على محمد »( ). رواه البزّار بإسناد جيد( )، ورواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن من حديث ابن عباس دون قوله «ومن أتى..» إلى آخره.
قال البغوي( ): العرَّافُ: الذي يدَّعي معرفة الأمور بمقدمات يُستدلُّ بها على المسروق ومكان الضالَّة( ) ونحو ذلك. وقيل: هو الكاهن.
والكاهن: هو الذي يخبر عن المغيّبات في المستقبل. وقيل: الذي يخبرُ عمّا في الضمير.
وقال أبوالعباس ابن تيمية: العرَّافُ اسمٌ للكاهن والمنجِّم والرمّال ونحوهم، ممن يتكلّم في معرفة الأمور بهذه الطرق.
وقال ابن عباس في قوم يكتبون «أبا جاد»( ) وينظرون في النجـوم: ما
أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق.
* * *
27- باب ما جاء في النُّشرة( )
عن جابر(2) أن رسول الله سُئل عن النُّشْرَة فقال: «هي من عمل الشيطان». رواه أحمد بسند جيد، وأبوداود وقال: سُئل أحمدُ عنها فقال: ابنُ مسعود يَكْرَهُ هذا كله( ).
وفي البخاري عن قتادة( ) قلت لابن المسيَّب( ): رجلٌ به طِبٌّ( ) أو يُؤخَّذُ( ) عن امرأته، أَيُحَلُّ عنه( )، أو يُنَشَّرُ( ) ؟ قال: لا بأسَ به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفعُ فلم يُنْهَ عنه. انتهى.
ورُوي عن الحسن( ) أنه قال: لا يَحُلُّ السِّحر إلا ساحر.
قال ابن القيم: «النُّشرة حَلُّ السحر عن المسحور، وهي نوعان: حَلٌّ بسحرٍ مثله، وهو الذي مِنْ عمل الشيطان، وعليه يُحمَلُ قولُ الحسن، فيتقرّب الناشر والمنتشرُ إلى الشيطان بما يحبّ، فيبطُلُ عملُه عن المسحور. والثاني: النُّشْرة بالرُّقية والتعوّذات والأدوية والدعوات المباحة، فهذا جائز»( ).
..............................................................................
* * *
28- باب ما جاء في التطيُّر( )
وقول الله تعالى: أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ(2) وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ [الأعراف: 131] ( ).
وقولـه: قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ [يس: 19]. الآية( ).
عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «لا عدوى( )،..............
ولا طِيَرة( )، .............................................................................
ولا هامةَ( )، ولا صَفَرَ( )». أخرجاه.
زاد مسلــم: «ولا نوء( )، ولا غُول( )».
ولهما عن أنس( ) قال: قال رسول الله : «لا عدوى، ولا طِيَرة، ويعجبني الفألُ». قالوا: وما الفأل ؟ قال: «الكلمةُ الطيبة»( ).
ولأبي داود بسند صحيح عن عُقبة بن عامر( ) قال: ذُكرتِ الطِّيَرةُ عند رسول الله فقال: «أحسَنها الفألُ، ولا تَرُدُّ مُسلماً( )، فإذا رأى أحدُكم ما يكره فليقل: اللهمّ لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفعُ السيئاتِ إلا أنت( )،
ولا حول ولا قوةَ إلا بك( )».
وله من حديث ابن مسعود مرفوعاً( ): «الطيرةُ شرك، الطيرة شـرك،
وما منا إلاّ( )... ولكن اللهَ يذهبه بالتوكل( )». رواه أبوداود والترمذي وصححه وجعل آخره من قول ابن مسعود( ).
ولأحمد من حديث عبدالله بن عمرو( ): «مَنْ ردَّتهُ الطيرةُ عن حاجتـه
فقد أشرك»( ). قالوا: فما كفّارة ذلك ؟ قال: «أن تقول: اللهم لا خيرَ إلا خيرُك، ولا طيرَ إلا طيرُك( )، ولا إله غيرُك»( ).
وله( ) من حديث الفضل بن العباس: «إنما الطيرةُ ما أمضاكَ أو ردَّكَ( )».
..............................................................................
* * *
29- باب ما جاء في التنجيم( )
قال البخاري في صحيحه: قال قتادة: خلقَ اللهُ هذه النجومَ لثلاث: زينةً للسماء، ورُجوماً للشياطين، وعلاماتٍ يُهتدى بها. فمن تأوَّل فيها غير ذلك أخطأ وأضاع نصيبَه، وتكلَّف ما لا علمَ له به( ). انتهى.
.......................................................................
وَكَرِهَ قتادةُ( ) تعلّمَ منازلَ القمرِ. ولم يرخِّص ابنًُ عيينة فيه. ذكره حربٌ عنهما. ورخّص في تعلُّم المنازل أحمد وإسحاق.
وعن أبي موسى( ) قال: قال رسول الله : «ثلاثةٌ لا يدخلون( ) الجنة: مدمنُ الخمر( )، وقاطعُ الرحم( )،..................................................
ومصدِّقٌ بالسحر( )». رواه أحمد، وابن حبان في صحيحه.
* * *
30- باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء( )
وقول الله تعالى: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ( )[الواقعة: 82].
وعن أبي مالك الأشعري( ) أن رسول الله قال: «أربعٌ في أمتي
من أمر الجاهلية لا يتركونهنّ: الفخرُ بالأحساب( )، والطعن في الأنساب( )،
والاستسقاء بالنجوم( )، والنياحة( )». وقال: «النائحة إذا لم تتب قبلَ موتها( )
تُقام يومَ القيامة وعليها سربالٌ من قطران، ودرعٌ من جَرَب( )». رواه مسلم.
ولهما( ) عن زيد بن خالد قال: صلّى لنا رسولُ الله صلاة الصبح بالحُديبية( ) على إثر( ) سماء كانت من الليل( )، فلمَّـا انصرف( )
أقبل على الناس( )، فقال: «هل تدرون( ) ماذا قال ربُّكم ؟» قالوا: الله ورسوله أعلم( ). قال: «قال أصبح من عبادي( ) مؤمنٌ بي وكافر، فأما من قال مُطرنا بفضل الله ورحمته( )فذلك مؤمنٌ بي( )كافرٌ بالكوكب، وأما من قال:
مُطرنا بنوءِ كذا وكذا فذلك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب( )».
ولهما(2) من حديث ابن عباس معناه. وفيه: قال بعضهم: لقد صدق نوءُ كذا وكذا. فأنزل الله هذه الآية: فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ إلى قولـه تُكَذِّبُونَ [الواقعة:75-82] ( ).
..............................................................................
* * *
31- باب قول الله تعالى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِالآية( ) [البقرة: 165].
وقولـه: قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ - إلى قولـه - أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ( ) [التوبة:24] الآية.
عن أنس( )، أن رسول الله قال: «لا يؤمن أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين». أخرجاه.
ولهما( ) عنه قال: قال رسول الله : «ثلاثٌ من كنّ فيه وجد بهنّ حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا
يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه، كما يكرهُ أن يُقذف في النار».
وفي رواية: «لا يجدُ أحدٌ حلاوة الإيمان حتى..»إلى آخره( ).
وعن ابن عباس( ) قـال: من أحبّ في الله، وأبغـض في الله، ووالى في
.......................................................................
الله، وعادى في الله، فإنما تنالُ ولايةُ الله بذلك، ولن يجد عبدٌ طعم الإيمان - وإن كثرت صلاتُه وصومُه - حتى يكون كذلك، وقد صارت عامّةُ مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يجدي على أهله شيئاً». رواه ابن جرير.
وقال ابنُ عباس( ) في قولـه: وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأسْبَابُ [البقرة:166].
قال: المودّة( ) .
* * *
32- باب قول الله تعالى: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ( ) [آل عمران: 175].
وقولـه: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ ( ) الآية [التوبة:18].
وقولـه: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ ( ) الآية [العنكبوت:10].
عن أبي سعيد مرفوعاً( ): «إنّ من ضُعْف اليقين أن تُرضيَ الناس
.......................................................................
بسخط الله، وأن تحمدَهم على رزق الله، وأن تذمَّهُم على ما لم يُؤتك الله، إن رزق الله لا يجرُّه حرصُ حريص، ولا يردُّهُ كراهيةُ كاره».
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال: «من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس». رواه ابن حبان في صحيحه( ).
..............................................................................
* * *
33- باب قول الله تعالى: وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ( ) [المائدة:23].
وقولـه: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ( ) [الأنفال:2].
وقولـه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ( ) [الأنفال:64].
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق: 3].
عن ابن عباس قال: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ( ) [آل عمران: 173]
قالها إبراهيم عليه السلام حين أُلقي في النار، وقالها محمدٌ حين قالوا له إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا(1) [آل عمران: 173]. رواه البخاري والنسائي( ).
..............................................................................
* * *
34- باب قول الله تعالى: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ( ) [الأعراف:99].
وقوله: وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ( ) [الحجر: 56].
وعن ابن عباس: أن رسول الله سُئل عن الكبائر فقال: «الشرك بالله، واليأسُ من رَوْح الله، والأمنُ من مكر الله»( ).
وعن ابن مسعود( ) قال: أكبر الكبائر الإشراك بالله، والأمنُ من مكر الله، والقُنوط من رحمة الله، واليأس من رَوْح الله. رواه عبدالرزاق.
* * *
35- باب من الإيمان بالله الصبرُ على أقدار الله( )
وقول الله تعالى: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ( ) [التغابن: 11].
قال علقمةُ: هو الرجلُ تُصيبُه المصيبةُ فيعلمُ أنها من عند الله فيرضى ويُسلّم( ).
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أنّ رسول الله قال: «اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعنُ في النسب، والنياحةُ على الميّت»( ).
ولهما عن ابن مسعود مرفوعاً: «ليس منا من ضرب الخدود، وشقَّ الجيوبَ، ودعا بدعوى الجاهلية»( ).
وعن أنس أن رسول الله قال: «إذا أراد الله بعبده الخيرَ عجّل له العقوبةَ في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشرّ أمسك عنه بذنبه حتى يُوافي به يوم القيامة»( ).
وقال النبي : «إنَّ عِظَم الجزاء مع عِظَم البلاء( )، وإن الله تعالى إذا أحبّ قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط» حسنه الترمذي.
...............................................................................
* * *
36- باب ما جاء في الرياء ( )
وقول الله تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ( ) [الكهف:110].
عن أبي هريرة مرفوعاً: «قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركتُه وشركَه». رواه مسلم( ) .
وعن أبي سعيد مرفوعاً: «ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجّال ؟» قالوا: بلى يا رسول الله. قال: «الشركُ الخفي ؛ يقوم الرجلُ فيصلِّي، فيزيِّن صلاتَه لما يرى من نظر رجل». رواه أحمد( ).
.............................................................................................
37- باب من الشرك إرادةُ الإنسان بعملـه الدنيا( )
وقول الله تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ( ) [هود:15-16].
......................................................................
في الصحيح( ) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «تَعِس
عبدُ الدينار( )، تعـس عبدُ الدرهم( )، تعس عبد الخميــصة( )، تعس
عبدُالخمـيلة( )، إن أُعطـــيَ رضي، وإن لم يُعـــطَ سَخـِط، تعـــس وانتكَـس( )، وإذا شِيــكَ فلا انتقـش( )،
طوبى لعبدٍ( ) آخذٍ بعنان
فرسه في سبيـل الله( )، أشعـثَ رأسُهُ( )، مُغْبَرَّةٍ قدمَاه( )، إن كان في الحراسـة كان في الحراسة( )، وإن كان في الساقة كان في الساقة( )،
إن استأذن لم يُؤذن لـه( )، وإن شَفَعَ لم يُشفّع( )».
* * *
38- باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحلّ الله،
أو تحليل ما حرّمَه فقد اتخذهم أرباباً( )
وقال ابنُ عباس(2): يُوشِكُ أن تنزلَ عليكم حجارةٌ من السماء ! أقول: قال رسول الله ، وتقولون: قال أبوبكر وعمر؟ ( ).
...........................................................................
وقال الإمام أحمدُ بن حنبل: عجبتُ لقومٍ عرَفوا الإسناد وصحته، يذهبون إلى رأي سفيان( )، والله تعالى يقول: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63] أتدري ما الفتنة؟ الفتنـةُ
الشرك، لعلّه إذا ردَّ بعض قولـه أن يقع في قلبـه شيءٌ من الزَّيغ فيهلك.
عن عدي بن حاتم(1) أنه سمع النبي يقرأ هذه الآية فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[التوبة:31]الآية. فقلت له: ( )
...............................................................................
* * *
39- باب قول الله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت( )ِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِه( )ِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا( ) [النساء:60] الآيات.
.......................................................................
وقولـه: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ [البقرة:11] ( ).
وقولـه: وَلا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا الآية [الأعراف:56] ( ).
وقوله: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50]( ).
عن عبدالله بن عمرو(1) أن رسول الله قال: «لا يؤمن أحدُكم حتى يكون هواهُ تبعاً لما جئت به» قال النووي: حديث صحيح، رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح( ).
.......................................................................
وقال الشعبي:(1) كان بين رجل من المنافقــين ورجل من اليهود خُصومة، فقال اليهودي: نتحاكم إلى محمد - لأنه عَرَف أنه لا يأخذ الرِّشوة( ) - وقال المنافق: نتحاكم إلى اليهود - لعلمه أنهم يأخذون الرِّشوة - فاتفقا على أن يأتيا كاهناً في جُهينة فيتحاكما إليه، فنزلت: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ الآية [النساء: 60].
وقيل: نزلت في رجلين اختصما فقال أحدهما: نترافع إلى النبي ، وقال الآخر: إلى كعب بن الأشرف. ثم ترافعا إلى عمر، فذكر له أحدهما القصة، فقال للذي لم يرضَ برسول الله : أكذلك ؟ قال: نعم. فضربه بالسيف فقتله.
* * *
40- باب من جَحَد شيئاً من الأسماء والصفات( )
وقول الله تعالى: وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ ( ) [الرعد:20].
وفي صحيح البخاري( ) قال عليٌّ: حدِّثوا الناسَ بما يعرفون، أتريدون أن يُكذّب الله ُ ورسولُه ؟( ).
وروى عبدالرزاق عن مَعْمر عن ابن طاوُس عن أبيه، عن ابن عباس أنه رأى رجلاً انتفض لَمّا سمع حديثاً عن النبي في الصفات استنكاراً لذلك، فقال: ما فَرَق هؤلاء ؟ يجدون رِقّة عند مُحكمه، ويهلكون عند متشابهه. انتهى(1). ولما سمعت قريشٌ رسولَ الله يذكر الرحمنَ، أنكروا ذلك، فأنزل الله فيهم: وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ [الرعد:30] ( ).
.............................................................................. .( )............................................................................
.........................................................................
* * *
41- باب قـول الله تعــالـى: يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ( ) [النحل:83].
قال مجاهد ما معناه: هو قولُ الرجل: هذا مالي، ورثته عن آبائي.
وقال عون بن عبدالله( ): يقولون: لولا فلان لم يكن كذا.
وقال ابن قُتيبة( ): يقولون هذا بشفاعة آلهتنا.
وقال أبوالعباس( ) -بعد حديث زيد بن خالد الذي فيه أن الله تعالى قال:
«أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافر» الحديث، - وقد تقدم -: وهذا كثيرٌ في الكتاب والسنة، يذُمُّ سبحانه من يُضيف إنعامه إلى غيره، ويشرك به.
قال بعض السلف: هو كقولـهم كانت الريحُ طيبةً والملاّحُ حاذقاً، ونحو ذلك مما هو جارٍ على ألسنة كثير.
* * *
42- باب قول الله تعالى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ( ) [البقرة: 22].
قال ابن عباس في الآية( ): الأندادُ هو الشرك، أخفى من دبيب النمـل
على صفاةٍ سوداء في ظلمة الليل. وهو أن تقول: والله، وحياتِك يا فلان، وحياتي. وتقول: لولا كُليبة هذا لأتانا اللصوص، ولولا البطُّ في الدار لأتى اللصوص. وقول الرجل لصاحبه: ما شاء اللهُ وشئتَ. وقول الرجل: لولا اللهُ وفلان. لا تجعل فيها فلاناً، هذا كله به شرك. رواه ابن أبي حاتم.
وعن عمر بن الخطاب ( ) أن رسول الله قال: «من حلف بغير الله فقد كفر، أو أشرك». رواه الترمذي وحسّنه، وصحّحه الحاكم.
وقال ابن مسعود( ): لأن أحلِفَ بالله كاذباً أحبُّ إليَّ من أن أحلف بغيره صادقاً.
وعن حذيفة عن النبي قال: «لا تقولوا: ما شاء اللهُ وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان»( ). رواه أبوداود بسند صحيح.
وجاء عن إبراهيم النخعي أنه يكره: أعوذ بالله وبك، ويجوز أن يقول: بالله ثم بك. قال: ويقول: لولا الله ثم فلان، ولا تقولوا: لولا الله وفلان( ).
* * *
43- باب ما جاء فيمن لم يَقنَع بالحلف بالله( )
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال: «لا تحلفوا بآبائكم(2)، من حلف بالله فليصدق، ومن حُلف له بالله فليرضَ، ومن لم يَرضَ فليس من الله» رواه ابن ماجه بسند حسن( ).
..............................................................................
* * *
44- باب قول ما شاء الله وشئتَ ( )
عن قُتَيْلَـة( ) أن يهودياً أتى النبي فقال: إنكم تشركون، تقولون: ما شاء اللهُ وشئتَ، وتقولون: والكعبة. فأمرهم النبي إذا أرادوا أن يحلفوا
أن يقولوا: وربّ الكعبة، وأن يقولوا ما شاء الله ثم شئتَ. رواه النسائي وصححه.
ولـه - أيضاً - عن ابن عباس أنّ رَجُلاً قال للنبي : «ما شاء اللهُ وشئت. فقال: «أجعلتني لله نداً ؟ ما شاء الله وحده»( ).
ولابن ماجه، عن الطفيل أخي عائشة لأمّها(1) قال: رأيت كأني أتيتُ على نفر من اليهود، قلت: إنكم لأنتم القومُ، لولا أنكم تقولون: عُزير ابنُ الله( ). قالوا: وأنتم لأنتم القومُ، لولا أنكم تقولون: ما شاء اللهُ وشاء محمد. ثم مررتُ بنفر من النصارى، فقلت: إنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: المسيحُ ابنُ الله. قالوا: وأنتم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد. فلما أصبحتُ أخبرتُ بها من أخبرتُ، ثم أتيتُ النبي فأخبرته قال: «هل أخبرتَ بها أحداً ؟». قلت: نعم. فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «أما بعد: فإن طُفيلاً رأى رؤيا أخبر بها من أخبر منكم، وإنكم قلتم كلمةً كان يـمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها، فلا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله وحده».
* * *
45- باب من سبّ الدهر فقد آذى الله( )
وقول الله تعالى: وَقَالُوا مَا هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلا الدَّهْرُ ( ) [الجاثية: 24] الآية.
في الصحيح( ) عن أبي هريرة عن النبي قال: «قال الله تعالى: يُؤذيني ابنُ آدم، يَسُبُّ الدهرَ، وأنا الدهرُ، أُقلِّبُ الليلَ والنهارَ».
وفي رواية: «لا تسبُّوا الدهرَ، فإن الله هو الدهر»( ).
..............................................................................
* * *
46- باب التسمِّي بقاضي القضاة ونحوه( )
في الصحيح(2) عن أبي هريرة عن النبي قال: «إن أخنعَ اسمٍ عند الله رجلٌ تسمَّى مَلِكَ الأملاك، لا مَالِكَ إلا الله»( ).
قال سفيان: مثلُ شاهان شاه( ). وفي رواية: «أغيظُ رجلٍ على الله يوم القيامة وأخبثه»( ).
قولـه: «أخنع»: يعني أوضع
* * *
47- باب احترام أسماء الله تعالى وتغيير الاسم لأجل لذلك ( )
عن أبي شُرَيح( ) أنه كان يُكنى أبا الحَكَم، فقال لـه النبي : «إن الله هو الحَكَم، وإليه الـحُـكْمُ»( )،
فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمتُ بينهم، فرضيَ كلا الفريقين( ). فقال: «ما أحسن هذا،
فمالك من الولد ؟»( ). قلت: شُريحٌ ومسلمٌ وعبدُ الله. قال: «فمن أكبرهم؟» قلت: شُرَيح. قال: «فأنت أبوشُريح». رواه أبوداود وغيره.
* * *
48- باب من هزلَ بشيء فيه ذكرُ الله أو القرآن أو الرسول( )
وقول الله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ( ) [التوبة:65].
عن ابـن عمرَ ومحمد بن كعب وزيد بن أسلم وقتادة( )
- دخل حديــث بعضُهم في بعض -( ) أنه قال رجل في غزوة تبوك:
ما رأينا مثل قرَّائنــا هؤلاء( )، أرغَبَ بُطوناً، ولا أكذب ألسُناً، ولا أجبنَ عند اللقاء( ) -يعني رسول الله وأصحابه القُرّاء -، فقال له عوف بن مالك: كذبتَ، ولكنّك منافق، لأخبرنَّ رسولَ الله ( ). فذهب عوفٌ إلى رسول الله ليخبره فوجد القرآن قد سبقه( )، فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله - وقد ارتحل وركِبَ ناقته( ) - فقال: يا رسول الله، إنما كنا
نخوضُ ونتحدَّثُ حديثَ الركبِ نقطَعُ به عناء الطريق. قال ابن عمر: كأني أنظر إليه مُتَعَلِّقاً بنسعَة ناقةِ رسول الله ، وإن الحجارة تنكبُ رجليه، وهو يقول: إنما كنا نخوض ونلعب، فيقول له رسول الله : أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ(1) ؟. ما يلتفت إليه، وما يزيده عليه. ( )
............................................................................................
* * *
49- باب ما جاء في قول الله تعالى: وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ( ) [فصلت:50].
قال مجاهد: هذا بعملي وأنا محقوقٌ به.
وقال ابن عباس: يريد من عندي.
وقولـه: قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ( ) [القصص: 78] قال قتادة: على علم مني بوجوه المكاسب. وقال آخرون: على علم من الله أني له أهل.
وهذا معنى قول مجاهد: أُوتيته على شرف.
وعن أبي هريرة أنه سمع رسول الله يقول( ): «إن ثلاثة من بني إسرائيل: أبرص وأقرع وأعمى. فأراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم مَلَكَاً فأتى الأبرص فقال: أيُّ شيء أحبُّ إليك ؟ قال: لونٌ حسنٌ، وجلدٌ حسن، ويذهب عني الذي قد قَذَرني الناس به. قال: فمسَحَه، فذهب عنه قذره، وأُعطي لوناً حسناً وجلداً حسناً. قال: فأي المال أحبُّ إليك ؟ قال: الإبل - أو البقر (شك إسحاق) - فأُعطي ناقة عُشراء، وقال: بارك اللهُ لك فيها. قال: فأتى الأقرع فقال: أي شيء أحبُّ إليك ؟ قال: شعرٌ حسن، ويذهبُ عني الذي قذرني الناس به. فمسحه فذهبَ عنه. وأُعطي شعراً حسناً. فقال: أيُّ المال أحب إليك ؟ قال: البقرُ - أو الإبل - فأُعطيَ بقرةً حاملاً، قال: بارك الله لك فيها. فأتى الأعمى فقال: أي شيء أحب إليك ؟ قال: أن يرُدَّ الله إليَّ بصري فأُبصرَ به الناسَ، فمسحه، فردَّ الله إليه بصره. قال: فأيُّ المال أحبُّ إليك؟ قال: الغنمُ. فأُعطي شاةً والداً، فأنتج هذان وولد هذا، فكان لهذا وادٍ من الإبل، ولهذا وادٍ من البقر، ولهذا وادٍ من الغنم. قال: ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته فقال: رجلٌ مسكين قد انقطعت بي الحبالُ في سفري، فلا بلاغَ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك - بالذي أعطاك اللونَ الحسن والجلد الحسن والمال - بعيراً أتبلَّغ به في سفري، فقال: الحقوق كثيرة. فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذّرُك الناس، فقيراً فأعطاك الله عز وجل المال ؟ فقال: إنما وَرِثتُ هذا المال كابراً عن كابر. فقال: إن كنتَ كاذباً فصيَّركَ اللهُ إلى ما كنتَ. قال: وأتى الأقرع في صورته، فقال له مثل ما قال لهذا، وردَّ عليه مثل ما ردَّ عليه هذا. فقال: إن كنت كاذباً فصيَّرك اللهُ إلى ما كنت. قال: وأتى الأعمى في صورته فقال: رجلٌ مسكينٌ وابنُ سبيل، قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليومَ إلا بالله ثم بك -أسألك بالذي ردَّ عليك بصرك- شاةً أتبلغُ بها في سفري. فقال: قد كنت أعمى فردّ الله إليَّ بصري، فخذ ما شئتَ ودعْ ما شئت، فوالله لا أجهدُك اليوم بشيء أخذتَه لله. فقال: أمسكْ مالَك، فإنما ابتُلِيتُم، فقد رضي الله عنك وسخطَ على صاحبيك». أخرجاه ( ).
..............................................................................................
50- باب قول الله تعالى: فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ( ) [الأعراف:190].
قال ابن حزم( ): اتفقوا على تحريم كل اسم معبَّدٍ لغير الله، كعبدِ عمر
وعبد الكعبة وما أشبه ذلك، حاشا عبدالمطلب( ).
وعن ابن عباس في الآية(1) قال: لما تغشَّاها آدمُ حملتْ، فأتاهما إبليس فقال: إني صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة لتطيعانني أو لأجعلنّ له( )
قرني أَيِّل فيخرُجُ من بطنكِ فيشقه، ولأفعلنّ، ولأفعلنّ - يخوفهما - سميّاه عبدَ الحارث. فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتاً. ثم حملت، فأتاهما فقال مثل قوله، فأبيا أن يطيعاه فخرج ميتاً. ثم حملت فأتاهما فذكر لهما، فأدركهما حُبُّ الولد، فسمَّيَاه عبد الحارث. فذلك قولـه: جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا [الأعراف:19]. رواه ابن أبي حاتم.
وله بسند صحيح( ) عن قتادة قال: شركاء في طاعته، ولم يكن في عبادته.
وله بسند صحيح عن مجاهد في قولـه: لَئِنْ آَتَيْتَنَا صَالِحًا [الأعراف:189] قال: أشفقا أن لا يكون إنساناً. وذكر معناه عن الحسن وسعيد وغيرهما.
51- باب
قول الله تعالى: وَلِلَّهِ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى( ) فَادْعُوهُ بِهَا( ) وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ(3) [الأعراف:180] الآية. ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباس يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ: يشركون( ).
وعنه: سَمَّوا اللاَّت من الإله، والعُزَّى من العزيز.
وعن الأعمش( ): يدخلون فيها ما ليس منها.
............................................................................................
* * *
52- باب لا يُقال السلام على الله( )
في الصحيح(2) عن ابن مسعود t قال: كنا من النبي في الصلاة. قلنا: السلام على الله من عباده، السلام على فلان وفلان. فقال النبي : «لا تقولوا السلامُ على الله، فإن الله هو السلام»( ).
.............................................................................................
* * *
53- باب قول: اللهم اغفر لي إن شئت( )
في الصحيح( ) عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «لا يقولنّ أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة( )، فإن الله لا
مُكْرِهَ له»( ).
ولمسلم: «وليعظم الرغبة( )، فإن الله لا يتعاظمه شيءٌ أعطاه».
54- باب لا يقول عبـدي وأَمـَتي( )
في الصحيح(2) عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «لا يقلْ أحدُكم: أطعمْ ربَّكَ، وَضِّئ ربَّك، وليقل: سيدي ومولاي، ولا يقل أحدُكم: عبدي وأمَتي، وليقلْ: فتايَ وفتاتي وغلامي»( ).
.......................................................................................
* * *
55- باب لا يُرد من سأل بالله( )
عن ابن عمر قال: قال رسول الله : «من سأل بالله فأعطوه( ) ومن استعاذ بالله فأعيـذوه( )،...........................................................
ومن دعـاكم فأجيبوه( )، ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه( )، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا لـه( ) حتى تُرَوا( ) أنكم قد كافأتموه».
رواه أبوداود والنسائي بسند صحيح.
* * *
56- باب لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة( )
عن جابر قال(2): قال رسول الله : «لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة» رواه أبوداود( ).
( )...............................................................................
.............................................................................................
* * *
57- باب ما جــاء في اللّو( )
وقول الله تعالى: يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا [آل عمران: 154]( ).
وقوله: الَّذِينَ قَالُوا لإخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا [آل عمران:168] الآية( ).
في الصحيح( ) عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «احرِص علـى
ما ينفعك( )، واستعن بالله( ) ولا تعجزنَّ( )، وإن أصابك شيء فلا تقل لو
أني فعلتُ كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدَّر اللهُ وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان»( ).
.........................................................................
* * *
58- باب النهي عن سَبِّ الريح ( )
عن أُبيّ بن كعب ( ) أن رسول الله قال: «لا تَسُبُّوا الريحَ( )، فإذا
رأيتم ما تكرهون( ) فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح، وخير ما فيها، وخير ما أُمِرَت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح، وشر ما فيها، وشر ما أُمِرت به». صححه الترمذي.
* * *
59- باب( ) قول الله تعالى: يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ( ) يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ [آل عمران:154] الآية.
وقوله: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ( ) [الفتح:6] الآية.
قال ابنُ القيِّم في الآية الأولى: «فُسِّر هذا الظن بأنه سبحانه لا ينصر رسولَه، وأن أمرَه سيضمحل، وفُسِّر بأن ما أصابه لم يكن بقدر الله وحكمته، ففُسِّر بإنكار الحكمة، وإنكار القدر ؛ وإنكار أن يتمَّ أمرُ رسوله وأن يظهره على الدين كلِّه. وهذا هو ظنُّ السوء الذي ظنّه المنافقون والمشركون في سورة الفتح.
وإنما كان هذا ظنّ السوء لأنه ظنُّ غير ما يليقُ به سبحانه، وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصادق، فمن ظنَّ أنه يُديلُ الباطلَ على الحق إدالةً مستقرة يضمحلُّ معها الحقُّ، أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه وقدره، أو أنكر أن يكون قدَرُه بحكمةٍ بالغةٍ يستحق عليها الحمد، بل زعم أن ذلك لمشيئة مجرّدة، فذلك ظنُّ الذين كفروا، فويلٌ للذين كفروا من النار. وأكثر الناس يظنون بالله ظنَّ السَّوء فيما يختص بهم( ) وفيما يفعله بغيرهم، ولا يَسلَم من ذلك إلا من عَرَفَ اللهَ وأسمـاءَه وصفاتــه وموجــبَ حكمتــِه وحمــدِه( )،
فليعتنِ اللبيبُ( ) الناصحُ لنفسه بهذا، وليتبْ إلى الله ويستغفره من ظنه بربه ظنَّ السَّوء، ولو فتَّشتَ من فتشت( ) لرأيتَ عنده تعنُّتَاً على القدر وملامةً له، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا، فمستقِلٌ ومستكثر، وفتِّش نفسَكَ ؛ هل أنت سالم ؟
فإنْ تَنْجُ منها تنجُ من ذي عظيمةٍ وإلاَّ فإني لا إِخالُك( ) ناجيـــا
.............................................................................
* * *
60- باب ىما جاء في منكري القدر ( )
وقال ابنُ عمر: والذي نفس ابن عمرَ بيده؛ لو كان لأحدهم مثلَ أُحُدٍ ذهباً ثم أنفقه في سبيل الله ما قَبلَه اللهُ منه حتى يؤمِن بالقدر. ثم استدلَّ بقول النبي : «الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمنَ بالقدر خيره وشره» ( ). رواه مسلم.
.......................................................................
وعن عُبادة بن الصامت( ) أنه قال لابنه( ): يا بني، إنك لن تجد طعمَ الإيمان حتى( ) تعلمَ أنَّ ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليُصيبك. سمعتُ رسول الله يقول: «إن أولَ ما خلق الله القلمَ( )، فقال له: اكتب. فقال: ربِّ وماذا أكتب؟ قال: اكتُب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة». يا بني سمعتُ رسول الله يقول: «مَنْ مات على غير هذا فليس مني».
وفي رواية لأحمد: «إن أول ما خلق الله تعالى القلمُ فقال له: اكتُب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة».
وفي رواية لابن وهب( ): قال رسول الله : «فمن لم يُؤمن بالقدر خيره
وشره أحرقه اللهُ بالنار»( ).
وفي المسند( ) والسنن عن ابن الدَّيلَمي(3) قال: أتيتُ أُبيَّ بن كعب فقلـت: في نفسي شيء من القدر، فحدِّثني بشيءٍ لعلَّ الله يُذهبُه من قلبي( ). فقال: لو أنفقتَ مثلَ أُحُد ذهباً ما قَبِله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليُصيبك، ولو مُت على غير هذا لكنتَ من أهل النار. قال: فأتيتُ عبدالله بن مسعود وحُذيفة بن اليمان وزيد بن ثابت، فكلُّهم حدثني بمثل ذلك عن النبي . حديث صحيح، رواه الحاكم في صحيحه.
* * *
61- باب ما جاء في المصورين ( )
عن أبي هريرة ( ) قال: قال رسول الله : «قال الله تعالى: ومَنْ أظلمُ ممن ذهبَ يخلُق كخلقي( )، فليخلُقُوا ذرَّة، أو ليخلُقُوا حبَّة، أو ليخلقوا شَعِيرةً» أخرجاه.
ولهما( ) عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال: «أشدُّ
الناسِ عذاباً يومَ القيامة الذين يُضاهئون بخلق الله».
ولهما عن ابن عباس: سمعتُ رسول الله يقول: «كل مصور في النار، يُجعل له بكل صورة صورها نفس يُعذَّب بها في جهنم».
ولهما عنه(1) مرفوعاً: «من صوَّر صورةً في الدنيا كُلِّف أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ»( ).
.......................................................................
ولمسلم عن أبي الهيَّاج(1) قال: قال لي عليٌّ: ألاَ أبعثك على ما بعثني عليه رسول ُ الله : ألاَّ تدعَ صورةً إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلا سوَّيتَه( ).
.............................................................................................
* * *
62- باب ما جاء في كثرة الحلف( )
وقول الله تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ( ) [المائدة: 89] .
عن أبي هريرة( ) قال: سمعت رسول الله يقول: «الحَلِف مَنفَقةٌ للسلعة، مَمْحَقةٌ للكَسْب». أخرجاه.
وعن سلمان( ) أن رسول الله قال: «ثلاثةٌ لا يكلمهم اللهُ( ) ولا يُزكيهم
ولهم عذابٌ أليم( ): أُشيمطٌ زانٍ( )، وعائل مستكبر( )، ورجلٌ جعل اللهَ بضاعته( )، لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيع إلا بيمينه». رواه الطبراني بسند صحيح.
وفي الصحيح( ) عن عمـران بن حُصين قال: قال رسول الله : «خيرُ
أمتي قرني( )، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم». قال عمران: فلا أدري
أذكَرَ بعد قرنه مرتين أو ثلاثاً( )، «ثم إن بعدكم قوماً يشهدون ولا يُستشهدون،
ويخونون ولا يُؤتمنون( )، وينذرون ولا يُوفون( )، ويظهر فيهم السِّمَنُ( )».
وفيه( ) عن ابن مسعود أن النبي قال: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قومٌ تسبق شهادةُ أحدهم يمينَه، ويمينُه شهادتَه».
وقال إبراهيم( ): كانوا يضربوننا على الشهادة والعهدِ ونحن صغار.
* * *
63- باب ما جاء في ذمة الله وذمة نبيه ( )
وقول الله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا ( ) [النحل:91] الآية.
عن بريدة( ) قال: كان رسول الله إذا أَمَّر أميراً على جيش أو سرية
أوصاه بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً( )، فقال: «اغزوا بسم الله في سبيل الله( )، قاتلوا من كفر بالله( )، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغــدروا، ولا تُمثِّلُوا( )، ولا تقتلوا وليداً، وإذا لقيتَ عدوك من
المشركين فادعــهم إلى ثلاث خصال - أو خلال -( ) فأيتهن ما أجابـوك فاقبل منهم وكُفَّ عنهم( )، ثم ادعهم
إلى الإسلام( )، فإن أجابوك فاقبل منهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين( )، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك( ) فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعــراب المسلمين يجــري عليهم حكــم الله تعــالى، ولا يكون لهم في الغنيمــة والفيء شيء، إلا أن يجاهــدوا مــع المسلميــن، فإن هــم أبوا فاســألــهم الجزية( )،
فإن هم أجابوك( ) فاقبل منهم وكُفَّ عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم، وإذا حاصرتَ أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه( ) فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم إن تُخفروا ذممكم وذمة أصحابكم أهون من أن تُخفروا ذمة الله وذمة نبيه، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تُنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا». رواه مسلم( ).
.............................................................................................
* * *
64- باب ما جاء في الإقسام على الله( )
عن جُندب بن عبدالله قال: قال رسول الله : «قال رجلٌ: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله عـز وجل: مَنْ ذا الذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفر لفلان؟ إني قد غفرتُ له وأحبطتُ عملك» رواه مسلم( ).
وفي حديث أبي هريرة أن القائل رجلٌ عابد. قال أبوهريرة: تكلَّم بكلمةٍ أوبقت دنياه وآخرته( ).
65- باب لا يُستشفع بالله على خلقه( )
عن جبير بن مطعم( ) قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبي فقال: يا رسول
الله، نُهِكَت الأنفُس، وجاع العيال، وهلكت الأمــوال، فاستسق لنا ربك،
فإنا نستشفع بالله عليك، وبك على الله. فقال النبي : «سبحان الله، سبحان الله» فما زال يسبِّحُ حتى عُرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال النبي : «ويحك( )، أتدري ما الله ؟ إن شأن الله أعظمُ من ذلك( )، إنه لا يُستشفعُ بالله على أحدٍ من خلقه»( ). وذكر الحديث. رواه أبوداود( ).
.................................................................................................
* * *
66- باب ما جاء في حماية النبي حمى التوحيد وسدِّه طُرق َ الشرك( )
عن عبدالله بن الشِّخِّير( ) قال: انطلقت في وفـدِ بني عامر إلى النبي
فقلنا: أنت سيدنا. فقال: «السيد اللهُ( ) تبارك وتعالى». قلنا: وأفضلُنا فضلاً، وأعظمُنا طَوْلاً. فقال: «قولوا بقولكم، أو بعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان». رواه أبوداود بسند جيد.
وعن أنس( ) أن ناسـاً قالوا: يا رسـول الله، يا خيرنا وابنَ خيرنا،
.............................................................................................
* * *
67- باب ما جاء في قول الله تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ … [الزمر:67] الآية( ).
عن ابن مسعود قال( ): جاء حَبْرٌ من الأحبار إلى رسول الله فقال: يا محمد، إنَّا نجدُ أنَّ اللهَ يجعلُ السمـوات على إصـبع، والأرضـين على إصبع، والماء على إصبع، والشجر على إصبع، والثرى على إصـبع، وسـائر
الخلقِ على إصبع، فيقول: أنا الملك. فضحك النبي حتى بدت نواجذُه تصديقاً لقول الحَبْر، ثم قرأ رسول الله : وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ … الآية [الزمر:67]. أخرجاه.
وفي رواية لمسلم: «والجبال والشجر على إصبع، ثم يهزُّهُنَّ فيقول: أنا الملك، أنا الله». وفي رواية للبخاري: «يجعل السموات على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع». أخرجاه.
ولمسلم عن ابن عمر مرفوعاً( ): «يطوي الله السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ثم
يطوي الأرضين السبع، ثم يأخذهن بشماله، ثم يقـول: أنا الملـك ؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون ؟».
ورُويَ عن ابن عباس قال: ما السمواتُ السبع والأرضون السبع في كفِّ الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم.
وقال ابن جرير( ): حدثني يونس، أنبأنا ابن وهب قال: قال ابن زيد: حدثني أبي قال: قال رسول الله : «ما السموات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة أُلقيت في تُرس». قال: وقال أبوذر: سمعت رسول الله يقول: «ما الكرسي في العرش إلا كحلقةٍ من حديد أُلقيت بين ظهري فلاةٍ من الأرض».
وعن ابن مسعود( ) قال: «بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام، وبين كل سماء وسماء خمسمائة عام، وبين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عام، وبين الكرسي والماء خمسمائة عام، والعرش فوق الماء، والله فوق العرش، لا يخفى عليه شيءٌ من أعمالكم». أخرجه ابن مهدي عن حمّاد بن سلمة عن عاصم عن زِرّ عن عبدالله. ورواه بنحوه المسعوديُّ عن عاصم عن أبي وائل عن عبدالله. قاله الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى. قال: وله طرق.
وعن العباس بن عبدالمطلـب( ) قال: قال رسـول الله : «هل تدرون