الوصف المفصل
- الأسباب
التي يعتصم بها العبد من الشيطان
- مقدمة
- الاستعاذة بالله منه
- قراءة المعوذتين
- قراءة آية الكرسي
- قراءة سورة البقرة
- قراءة خاتمة سورة البقرة
- قول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» مائة مرة
- كثرة ذكر الله عز وجل وهو أنفع الحروز
- الوضوء والصلاة
- إمساك فضول النظر والكلام والطعام ومخالطة الناس
- من مظاهر عداوة الشيطان
- من مداخل الشيطان
- وسائل العلاج
- حروز وعزائم
الأسباب التي يعتصم بها العبد من الشيطان
جمعها الفقير إلى الله
عبد الله بن جار الله آل جار الله
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه الذين تمسكوا بسنته واهتدوا بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن عدو الله إبليس -أعاذنا الله والمسلمين منه- هو عدونا اللدود الذي أخرج أبانا آدم من الجنة، وسعى في منع بني آدم من العود إليها بكل سبيل، وأقسم على أن يغوي بني آدم ويصدهم عن صراط الله المستقيم وقال: }قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ{ [الأعراف: 16-17]. وأخبر الله تعالى أن إبليس صدق عليهم ظنه فاتبعوه إلا من عصمه الله من عباده المؤمنين وأوليائه المتقين وحزبه المفلحين، قال تعالى: }وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ{ [سبأ: 20].
وإذا كان يوم القيامة ودخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار قام الشيطان خطيبًا فيهم وتبرأ منهم، قال الله تعالى: }وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{ [إبراهيم: 22].
وأمرنا الله بالدخول في جميع شرائع الإسلام وأن لا نطيع الشيطان بتركها، أو ترك بعضها، فقال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ{ [البقرة: 208] أي بين العداوة، وأن الشيطان يعدنا الفقر لئلا ننفق أموالنا في سبيل الله، والله يعدنا مغفرة منه على الإنفاق وفضلاً منه بالخلف العاجل والآجل، فقال: }الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا{ [البقرة: 268].
وأخبرنا ربنا أن الشيطان يخوفنا بأوليائه ويعظمهم في صدورنا، ونهانا أن نخافهم، وأمرنا أن نفرد ربنا بالخوف إن كنا مؤمنين، فقال تعالى: }إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ{ [آل عمران: 175].
ونهانا ربنا عن اتباع خطوات الشيطان وهي طرقه التي يدعو إليها من الفواحش والشهوات المحرمة وترك الواجبات وفعل المحرمات، وأخبرنا مولانا أن الشيطان لنا عدو وأمرنا أن نتخذه عدوًا وأنه يدعو أتباعه ليكونوا من أهل النار -أعاذنا الله والمسلمين منها-، فقال تعالى: }إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ{ [فاطر: 6] ولكن بعض الناس اتخذوه صديقًا لهم فأطاعوه في معصية الله، وأخبرنا ربنا عن خسران من اتخذ الشيطان وليًا فأطاعه في معصية الله فقال: }وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا{ [النساء: 119].
فالعجب ممن عرف ربه ثم عصاه وعرف الشيطان فأطاعه قال تعالى: }أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا{ [الكهف: 50]. وقد حذرنا مولانا منه وقد أعذر من أنذر فقال تعالى: }يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ{ [الأعراف: 27].
ومن رحمة الله بعباده أن شرع لهم من الأذكار والأدعية والتعوذات ما يتحصنون به من هذا العدو، فلنحارب عدونا ولنجاهد بالاستعاذة بالله منه ومخالفته والعزم على عصيانه -أعاذنا الله والمسلمين منه.
أيها القارئ الكريم لما تقدم من بيان عداوة الشيطان لبني آدم ولما سيأتي من بيان مظاهر عداوته من الوسوسة وبث الخوف عند الإنسان وإيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين، وصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة، فقد جمعت في هذه الرسالة ما أمكن جمعه من الأسباب التي يعتصم بها العبد من الشيطان، وبيان مظاهر عداوته، وبيان مداخله التي منها الغضب والشهوة والعجلة وترك التثبت في الأمور وسوء الظن بالمسلمين والتكاسل عن الطاعات وارتكاب المحرمات، والرفيق السيء الذي قال عنه النبي ﷺ: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل».
[رواه أبو داود والترمذي وحسنه]
ومن أعظم مداخل الشيطان: اتباع الهوى وعدم الاستجابة للحق، قال تعالى: }فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ{ [القصص: 50].
كما أن من أخطر مداخل الشيطان الكبر، وهو عدم قبول الحق واحتقار الناس، كما تكبر إبليس عن طاعة ربه حين أمره بالسجود لآدم فلعن وطرد من رحمة الله، ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر كما في الحديث الذي رواه مسلم.
كما ذكرت في هذه الرسالة وسائل العلاج من مداخل الشيطان وعلاج وسوسته، وأنواع شر الشيطان وما يعصم منه، وبيان أهداف الشيطان، وذكر أسلحة المؤمن في حربه مع الشيطان، إلى غير ذلك مما سيراه القارئ موضحًا في هذه الرسالة على طريق الاختصار.
والذي دعاني إلى تأليفها ما لوحظ في اتباع كثير من الناس لعدوهم الشيطان، حيث أطاعوه في معصية الله بترك الواجبات وفعل المحرمات، وتحذيرهم من ذلك ومن سوء عاقبته، والأخذ بأيديهم إلى اللجوء إلى الله والاعتماد عليه والاعتصام به وحده، والتحصن به من هذا العدو اللدود، وأن الله قد أعطانا أسلحة نكافح بها هذا العدو من الإيمان الصادق والعمل الصالح والتوبة النصوح ثم الإكثار من ذكر الله ودعائه، واستغفاره والاستعاذة به من هذا العدو فهو المعيذ وحده وهو الكافي لعبده القادر على حمايته من عدوه وحفظه منه بحوله وقوته وقدرته الكاملة، وقد قال الله تعالى لإبليس: }إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا{ [الإسراء: 65] وقال تعالى: }إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ{ [النحل: 99-100].
وهذه الرسالة مستفادة من كلام الله تعالى وكلام رسوله ﷺ وكلام المحققين من أهل العلم.
أسأل الله تعالى أن ينفع من كتبها أو طبعها أو قرأها أو سمعها، وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، ومن أسباب الفوز لديه بجنات النعيم. كما أسأله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يعيذنا وأولادنا وإخواننا المسلمين من الشيطان الرجيم وأن يعصمنا منه وأن لا يجعل له علينا سلطانًا إنه ولي ذلك والقادر عليه وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الأسباب التي يعتصم بها العبد من الشيطان
الاستعاذة بالله منه
قال تعالى: }وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{ [فصلت: 36] وقال تعالى: }وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ{ [المؤمنون: 97-98] وفي صحيح البخاري عن عدي بن ثابت عن سليمان بن صرد قال: كنت جالسًا مع النبي ﷺ ورجلان يستبان فأحدهما احمر وجهه وانتفخت أوداجه، فقال: النبي ﷺ: «إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ذهب عنه ما يجد».
قراءة المعوذتين
}قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ{ }قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ{ فإن لهما تأثيرًا عجيبًا في الاستعاذة بالله من شره ودفعه والتحصن منه، ولهذا قال النبي ﷺ: «ما تعوذ المتعوذون بمثلهما» وكان النبي ﷺ يتعوذ بهما كل ليلة عند النوم، وأمر عقبة بن عامر أن يقرأ بهما دبر كل صلاة، وأخبر ﷺ أن من قرأهما مع سورة الإخلاص ثلاثًا حين يمسى وثلاثًا حين يصبح كفته من كل شيء.
قراءة آية الكرسي
ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال: «وكلني النبي ﷺ بحفظ زكاة رمضان، فأتى آتٍ فجعل يحثو من الطعام فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله ﷺ، فذكر الحديث فقال: (إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي فإنه لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح). فقال النبي ﷺ: «صدقك وهو كذوب، ذاك شيطان» وهي أعظم آية في كتاب الله لاشتمالها على أسماء الله الحسنى وصفاته العلى.
قراءة سورة البقرة
ففي الصحيح عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال: «لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، فإن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان» [رواه مسلم].
قراءة خاتمة سورة البقرة
فقد ثبت في الصحيح: أن رسول الله ﷺ قال: «من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه» [متفق عليه] أي: من شر ما يؤذيه.
قول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» مائة مرة
ففي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر من ذلك» فهذا حرز عظيم النفع جليل الفائدة يسير سهل على من يسره الله عليه.
كثرة ذكر الله عز وجل وهو أنفع الحروز
ففي الترمذي من حديث الحارث الأشعري أن النبي ﷺ قال: «إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها -فذكر الحديث- فقال: وآمركم أن تذكروا الله فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعًا حتى أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله» قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح، فقد أخبر النبي ﷺ في هذا الحديث أن العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله.
وعنه ﷺ أنه قال: «رأيت رجلاً من أمتي قد احتوشته الشياطين فجاء ذكر الله فطرد الشيطان عنه» رواه أبو موسى المديني وقال: حسن جدًا.
***
الوضوء والصلاة
وهذا من أعظم ما يتحرز به من الشيطان فما أطفأ العبد جمرة الغضب والشهوة بمثل الوضوء والصلاة، فإنها نار، والوضوء يطفئها، وفي الحديث: «إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ» [رواه أبو داود].
والصلاة إذا وقعت بخشوعها والإقبال فيها على الله أذهبت أثر ذلك كله، وهذا أمر تجربته تغني عن إقامة الدليل عليه.
إمساك فضول النظر والكلام والطعام ومخالطة الناس
فإن الشيطان إنما يتسلط على ابن آدم وينال غرضه منه من هذه الأبواب الأربعة.
وليعلم أن الناس أربعة أقسام:
1- أحدها: من مخالطته كالغذاء لا يستغني عنه في اليوم والليلة وهم العلماء بالله وأمره، ومكائد عدوه، الناصحون لله ولكتابه ولرسوله ولخلقه، فهؤلاء في مخالطتهم الربح كله.
2- الثاني: من مخالطته كالدواء يحتاج إليه عند المرض، فما دمت صحيحًا فلا حاجة لك في خلطته، وهم من لا يستغني عن مخالطتهم في مصلحة المعاش وقيام ما أنت محتاج إليه من أنواع المعاملات.
3- الثالث: من مخالطته كالداء على اختلاف مراتبه وأنواعه، وهو من في مخالطته ضرر ديني أو دنيوي، فعاشره بالمعروف حتى يجعل الله لك فرجًا ومخرجًا.
4- الرابع: من في مخالطته الهلاك كله، وهم أهل البدع والضلالة، فالبعد عنهم خير، وحاول أن تكون جليسًا صالحًا تنفع من جالسك وترشده إلى كل خير وتحذره من كل شر، [بدائع الفوائد لابن القيم]. وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد.
من مظاهر عداوة الشيطان
(1) الوسوسة
وهي من أعظم مظاهر عداوته إذ لا يزال بالإنسان يوسوس له ويشككه حتى يخرجه من عقيدة الإسلام، ولهذا حذرنا منه المصطفى ﷺ فقال: «يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته» وفي حديث آخر يقول ﷺ: «فإذا وجد أحدكم ذلك فليقل: آمنت بالله ورسله، فإن ذلك يذهب عنه» [صحيح الجامع 2/74] فإذا ما يئس من الوسوسة على تلك الحال انتقل إلى الوسوسة في أمور العبادة، فيوسوس للإنسان عند وضوئه للصلاة بكثرة صب الماء، ثم يوسوس له في الصلاة حتى لا يعلم ما قال في صلاته، ولعلاج ذلك قال ﷺ لعثمان بن أبي العاص t الذي جاء يشتكي إليه ويقول: يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وبين قراءتي يلبسها علي، فقال له: «ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثًا». [رواه مسلم] يقول الصحابي: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.
وهكذا يحاول الشيطان أن يدخل من باب الوسوسة، ولكنك تغلق الباب أمامه إذا استعذت بالله منه، يقول الله تعالى: }وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{ [فصلت: 36].
(2) بث الخوف عند الإنسان
فهو لا يزال بك يخوفك عن طاعة ربك؟ فإذا أردت بذل مال في سبيل الله خوفك الفقر ووعدك به: }الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ{ [البقرة: 268].
وإن أردت الجهاد في سبيل الله خوفك الموت، ومع الموت حر السلاح وشدة الأعداء }إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ{ [آل عمران: 175].
وإن أردت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقف لك مخوفًا بسوء العاقبة، ومحذرًا باستهزاء الناس فيك، أو بقوله لك: عليك بخاصة نفسك ودع عنك الناس فلن يستجيبوا لك... وما أكثر من أوقعهم الشيطان في هذه المصيدة! إلى غير ذلك من أنواع الطاعات.. فإذا وجدت شيئًا من الخوف وعدم الإقدام في أمر من أمور الخير فاعلم أن وراء ذلك الشيطان.
(3) التحرش وإيقاع العداوة بين المسلمين
يقول الله تعالى: }إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ{ [المائدة: 91].
ويقول ﷺ: «إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون، ولكن في التحريش بينهم» [أخرجه مسلم وغيره].
والمرء يرى من مظاهر عداوته في هذا المجال ما لا يعد ولا يحصى، فكم سفكت دماء، وكم وقعت عداوة وشحناء، وكم فرق بين إخوة أشقاء وغيرهم من باب أولى، وكم زرع في مجتمع المسلمين من تناحر وبغضاء، لتحل محل الأخوة والصفاء، وكم.. وكم.. وكل ذلك وراءه الشيطان.
(4) الصد عن ذكر الله
من فوائد الذكر، أن الذاكر يبقى على صلة بالله }فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ{ [البقرة: 152]. والشيطان يريد أن يستحوذ على الإنسان ويصده عن ذكر الله }وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ{ [المائدة: 91].
ولذلك تراه يزين لهم القبائح كشرب المسكرات، ويشغلهم عن الذكر بلهو الحديث من سماع الغناء، أو الاشتغال بالسب والشتم والغيبة والنميمة، وفي ذلك ضلال عن طريق الهدى حتى قال تعالى: }وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ{ [لقمان: 6].
وقد سئل ابن مسعود t عن لهو الحديث فقال: (والله الذي لا إله غيره هو الغناء، يرددها ثلاث مرات).
فاحذر يا أخي المسلم أن يشغلك الشيطان بلهو الحديث عن ذكر الله، واعلم أن الفرق بين الذي يذكر الله وبين الذي لا يذكره كالفرق بين الحي والميت، ولا تنس وصية الله لك }وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ{ [الكهف: 24].
وهذه بعض مظاهر عداوة الشيطان لك أيها الإنسان.. أولست ترى بعد ذلك أنه يتحتم عليك أن تعرف طرقه ومداخله؟! وإليك بعضًا منها:
من مداخل الشيطان
(1) الغضب والشهوة
فالغضب هو غول العقل، وإذا ضعف جند العقل هجم جند الشيطان، وإذا غضب الإنسان لعب به الشيطان كما يلعب الصبي بالكرة ألا ترى -يا أخي المسلم- أن المرء يقتل إذا غضب ويطلق زوجته، وتنتفخ أوداجه ويفقد صوابه؟! وتراه إذا زال الغضب ربما استدرج به الشيطان فزين له قتل نفسه خشية العار أو القصاص.. فقتل نفسين بغير حق وأورده الشيطان النار وبئس القرار، قال تعالى: }وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا{ [النساء: 93].
فاملك نفسك -يا أخي- عند الغضب واعلم أن ذلك مدخل من مداخل الشيطان، وتذكر قوله ﷺ: «ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» [متفق عليه].
يا أخي المسلم إن شهوة الانتقام قد تدفعك إلى الغضب، وشهوة العزة بالإثم قد تؤدي بك إلى رد الحق، ولكن إذا ما أحسست بشيء من هذا فادفع بالتي هي أحسن }فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ{ [فصلت: 34]، ولا شك أن هذا سيحتاج منك إلى الصبر وترويض النفس، ولكن العاقبة ستكون حميدة، والمثوبة من الله كبيرة }وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ{ [فصلت: 35].
(2) العجلة وترك التثبت
كثيرًا ما يفوت المرء على نفسه مصالح كثيرة وسببها العجلة وعدم التريث، ذلك أن الشيطان يروج شره على الإنسان في تلك الحال، على حين لا يستطيع الشيطان على شيء إذا ما تبصر المرء في أمره، ودرسه من جميع جوانبه، ولهذا أرشدنا المصطفى ﷺ إلى هذا السلوك فقال: «الأناة من الله، والعجلة من الشيطان» [أخرجه الترمذي].
وليس غريبًا أن يقول الرسول ﷺ (أشج عبد القيس): «إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة» [أخرجه مسلم وغيره]، وكفى بهدي القرآن }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ{ [الحجرات: 6].
(3) الشبع من الطعام
ذلك لأن الإكثار من الطعام -وإن كان حلالاً- يقوي الشهوات، والشهوات أسلحة الشيطان... يقول ﷺ: «ما ملأ آدمي وعاء شرًا من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه» [رواه أحمد والترمذي].
ويقال في كثرة الأكل ست خصال مذمومة:
أولها: أنه يذهب خوف الله من قلبه.
الثاني: أنه يذهب رحمة الخلق من قلبه لأنه يظن أنهم كلهم شباع.
الثالث: أنه يثقل عن الطاعة.
الرابع: أنه إذا سمع كلام الحكمة لا يجد له رقة.
الخامس: أنه إذا تكلم بالموعظة لا يقع في قلوب الناس.
السادس: أنه يهيج فيه الأمراض.
[إحياء علوم الدين للغزالي]
هذا كله في حالة الإكثار من الطعام الحلال، أما الحرام فالأمر أشد وأنكى ... ويكفي أن تستمع -يا أخي المسلم- إلى قول المصطفى ﷺ: «كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به» [أخرجه أحمد].
(4) التكاسل في الطاعات وارتكاب المحرمات
ومن أكبر المحرمات بعد الشرك بالله: التهاون بالصلاة إما بتركها بالكلية -نسأل الله السلامة من الكفر وأهله- أو التهاون بصلاة الجماعة، واسمعوا تحذير المصطفى ﷺ من غلبة الشيطان على الإنسان بسبب التهاون في الصلاة، يقول ﷺ: «ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية» [أخرجه أحمد].
ومن المحظورات أيضًا: التعامل بالربا، وفيه يقول الحق تبارك وتعالى: }الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ{ [البقرة: 275].
وبالجملة فالوقوع في المآثم والمحرمات سبب جالب لسيطرة الشيطان على الإنسان، واقرءوا إن شئتم قوله تعالى: }هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ{ [الشعراء: 221، 222].
(5) الرفيق السيئ
وللشيطان مدخل عن طريق رفقة السوء، وكيف لا يكون ذلك وهم يزينون لك المنكرات ويبغضون إليك الطاعات...؟ وكم من لبيب أودت به رفقة السوء إلى سفاسف الأمور بدل أن كان يعيش في معاليها... وكيف لا يكون ذلك من مداخل الشيطان والرسول ﷺ يصف الجليس السوء بنافخ الكير الذي إن لم يحرق ثيابك أصابك من رائحته الكريهة؟!
وكيف لا تنتهي عن قرناء السوء والله تعالى يقول: }وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ{ [الأنعام: 68].
وما موقفك يوم القيامة حين تعض على يديك وتقول: }يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا{ [الفرقان: 27-29].
(6) وهناك مداخل أخرى للشيطان
كالبخل، والحسد، والحرص، والدرهم والدينار، والتعصب للهوى والمذهب، والتفكر في ذات الله، وسوء الظن بالمسلمين إلى غير ذلك.
وسائل العلاج
للخلاص من كيد الشيطان هناك عدة وسائل -سبقت الإشارة إلى شيء منها- وأجملها لك فيما يلي:
(1) المداومة على ذكر الله
يقول أصدق القائلين: }الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ{ [الرعد: 28].
والشيطان يعيش بمعزل عن الذي يذكر الله تعالى، ذلك لأن الذكر يحوط الإنسان ويحفظه، ومثله -كما جاء في الحديث-: «كمثل رجل طلبه العدو سراعًا في أثره فأتى حصنًا حصينًا فأحرز نفسه فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى» [أخرجه أحمد والترمذي].
وفي اللحظة التي يتخلى الإنسان فيها عن الذكر يسلط الله عليه الشيطان }وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ{ [الزخرف: 36].
وإذا تسلط الشيطان على الإنسان أنساه ذكر الله: }اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ{ [المجادلة: 19].
وذكر الله ينبغي أن يلازمه المرء في كل حال من أحواله قائمًا وقاعدًا، وعلى جنبه، وفي الشارع، وفي منزله، وأثناء العمل.
وإليك هذا الأدب من الذكر الذي تغيظ به الشيطان ... جاء في الحديث: «إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عز وجل عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء» [رواه مسلم].
أما إذا أردت أن تحمي ذريتك من الشيطان فلا تنس أن تقول عند الجماع: «باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا» فإنه كما جاء بالحديث: «إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبدًا» [أخرجه البخاري ومسلم].
(2) المحافظة على الاستغفار
وهذه نعمة كبرى تستطيع عن طريقها تفويت الفرصة على الشيطان يقول ﷺ: «إن الشيطان قال: وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الرب: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني» [أخرجه أحمد].
فأي شيء يكلفك الاستغفار سوى أن تقول: «أستغفر الله» وتحضر قلبك لما تقول، والله يقول: }وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا{ [النساء: 110].
(3) التعوذ بالله من الشيطان
يقول تعالى: }وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ{ [فصلت: 36].
واسمع إلى هذه القصة وهدي الرسول ﷺ فيها: عن سليمان بن صرد t قال: كنت جالسًا مع النبي ﷺ ورجلان يستبان فإحدهما قد احمرّ وجهه وانتفخت أوداجه، فقال النبي ﷺ: «إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان، ذهب عنه ما يجد» [رواه البخاري].
ومما يفيد في حال الغضب تغيير الحالة التي عليها الإنسان، فإن كان قائمًا فليجلس فإن ذهب وإلا فليضطجع، وإن كان يتكلم فليسكت.
(4) قراءة القرآن
يقول تعالى: }فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ{ [النحل: 98-99].
أخي المسلم:
* احرص على قراءة سورة البقرة فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه، كما جاء ذلك في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه.
* وإذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، فإنه كما جاء في الحديث: «لا يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح» [أخرجه البخاري].
* أما الآيتان الأخيرتان من سورة البقرة فقد جاء في فضلهما أنهما لا تقرآن في دار ثلاث مرات -وفي لفظ- ثلاث ليال، فيقربها شيطان.
* ولا تنس سورة الإخلاص }قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ{ «التي تعدل ثلث القرآن» والمعوذتين اللتين أمر النبي ﷺ بقراءتهما دبر كل صلاة، وقال في شأنهما: «ما تعوذ الناس بأفضل منهما» [أخرجه النسائي].
هذه بعض الوسائل التي تيسر جمعها، ولا شك أن هناك الكثير غيرها، وأخيرًا فاحرص أن يكون لك -يا أخي المسلم- نصيب من هذه الإرشادات غير نصيب القراءة، وحذار أن تكون ممن ينسى أولها عند قراءة آخرها.. ثم ينساها كلها بعد تمام قراءتها، إنها لم تكتب للثقافة والمعرفة فحسب، وإنما المقصود منها أن تكون علامات تهتدي بها في ظلمة الطريق.. ومقصود بها أن تكون إشارات تبصرك على مقاومة هذا العدو اللعين، وليس عيبًا أن تسجل منها ما تحتاج إلى استذكاره، وإنه لمن علامة الخير أن تلتزم بتلك التوجيهات أو على الأقل ببعضها.. وأن تقدمها إلى غيرك ليستفيد منها، هذا إن كنت ممن يشكو عداوة الشيطان ويبحث عن العلاج، أما إن كنت لم تشعر بعداوته لك، فلعل هذه الكلمات أن توقظك من رقدتك وتهديك إلى طريق ربك، واختر لنفسك ما تشاء من أصناف البشر الذين هم على ثلاثة أصناف: صنف كالبهائم كما قال تعالى: }لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ{ [الأعراف: 179]، وصنف أجسامهم أجسام بني آدم وأرواحهم أرواح الشياطين، وصنف في ظل الله تعالى يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله.
***
حروز وعزائم
1- صلاة أربع ركعات أول النهار (قيل: هي صلاة الفجر وسنتها، وقيل: هي صلاة الضحى).
2- قراءة آية الكرسي عند النوم فمن قرأها لا يزال عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح.
3- قول: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة.
4- كف الصبيان عند إقبال الليل وانتشار الشياطين.
5- ترك النوم إلى الصباح.
6- اتقاء مواطن الشبهات.
7- ترك قول (لو) إذا أصابك شيء ولكن قل: «قدر الله وما شاء فعل».
8- رد التثاؤب.
9- الاستنثار عن الاستيقاظ من النوم.
10- الأذان يطرد الشيطان.
هذا ما تيسر جمعه، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.