×
الأربعون في التوحيد: رسالةٌ مختصرةٌ تحتوي على واحد وأربعين حديثًا في باب توحيد الله تعالى وما أعدَّه الله - عز وجل - للمُوحِّدين في الآخرة من أجرٍ وثوابٍ.

 الأربعون في التوحيد

القسم العلمي بدار القاسم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عبده ورسوله المصطفى محمد وآله وصحبه ومن اقتفى، وبعد:

فإن من نعم الله علينا أن يسر لنا سبل الخير، وهيأ لنا موجبات رحمته، وإن من نعمه وآلائه العظمى أن استعملنا في طاعته وخدمة شرعته، وفَّقنا للعمل بسنته، وإن من أعظم الطاعات وأحب القربات إلى الله هي عبادته وحده بلا شريك، وإفراده - سبحانه - بالعبادة والطاعة؛ لذا آثرت أن أكتب الأربعين حديثًا في التوحيد مشاركة مني في بيان هذه الشعيرة والتي هي أصل الدين وعموده وسبب النجاة والفوز والفلاح في الدنيا والآخرة، واقتداء بمن صنف في الأربعين كالإمام النووي - رحمه الله - والإمام الهروي في «الأربعين في دلائل التوحيد»، والإمام الطوسي أبي الحسن محمد بن أسلم في كتابه: «الأربعين»، والإمام أبي الفرج محمد بن عبد الرحمن في: «الأربعين في الجهاد»، وابن عساكر في كتابه: «الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين» وابن حجر في كتابه: «الإمتاع بالأربعين المتباينة السماع»، والبيهقي في كتابه: «الأربعون الصغرى»، والعراقي في: «الأربعون العشارية»، وابن القاسم علي بن الحسن بن هبة الله في: «الأربعون في الحث على الجهاد» وغيرهم.

وكان منطلق هؤلاء العلماء في مصنفاتهم هذه: أحاديث رويت في بيان فضل من روى أربعين حديثًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان في أسانيدها مقال ولا تخلو من ضعف إلا أن الاستئناس بها له وجه: وها أنا ذا أذكر بعض رواياته اقتداء بمن سبقني في تصنيف الأربعين، فقد ذكره السيوطي – رحمه الله – في تفسيره وعزاه إلى أبي نعيم عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حفظ على أمتي أربعين حديثا، ينفعهم الله بها، قيل له: ادخل من أي أبواب الجنة شئت»([1]) .

وروى البيهقي في شعب الإيمان بسنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حفظ على أمتي أربعين حديثا فيما ينفعهم من أمر دينهم بعثه الله يوم القيامة من العلماء، وفضل العالم على العابد سبعين درجة. الله أعلم بما بين كل درجتين»([2]).

وروى تمام الرازي في فوائده عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حفظ على أمتي أربعين حديثا من السنة كنت له شفيعا يوم القيامة»([3]) .

وروى أيضا بإسناده عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حمل من أمتي أربعين حديثًا بعثه الله يوم القيامة فقيهًا عالمًا»([4]) .

وروى أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بإسناده عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حفظ على أمتي أربعين حديثًا من أمر دينها بعثه الله فقيهًا، وكنت له يوم القيامة شافعًا وشهيدًا»([5]) .

وروى أيضًا عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حفظ على أمتي أربعين حديثًا من أمر دينها بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء» ([6]) .

وروى أيضًا عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من حفظ على أمتي أربعين حديثًا من السنة كنت له شفيعًا يوم القيامة» ([7]) .

وروى الخطيب البغدادي في شرف أصحاب الحديث بسنده عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حفظ على أمتي أربعين حديثًا مما يحتاجون إليه من الحلال والحرام كتبه الله فقيهًا عالمًا» ([8]) .

قال المناوي – رحمه الله- : «من حفظ على أمتي» يعني: نقل إليهم بطريق التخريج والإسناد «أربعين حديثًا» من السنة صحاحًا أو حسانًا، قيل: أو ضعافًا يعمل بها في الفضائل: «كنت له شفيعًا وشهيدًا يوم القيامة» وفي رواية: «كتب في زمرة العلماء وحشر في زمرة الشهداء» وفي رواية: «بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء».

قال الأصفهاني: واختلف في هذه، فذهب بعضهم إلى أنها أربعين من أحاديث الأحكام، وذهب بعضهم إلى أن الشرط أن تكون خارجة عن الطعن، سليمة من القدح كيفما كانت، وذهب آخرون إلى أنها أحاديث على مذهب الصوفية فيما يتعلق بآداب النفس والمعاملة، وذهب بعضهم إلى أنها أحاديث تصلح للمتقين، وتوافق حال المتبصرين، وكلها صواب، والمرجع إلى حقيقة يقين العبد، وما أعد الله لأهل طاعته من الثواب في دار الحساب، وكل من ذهب إلى واحد من هذه الأقوال فحافظ عليه بجد واجتهاد وقام بمعرفة ورشاد نال من الله ما وعده رسوله يوم المعاد... وقال ابن عساكر: الحديث روي عن علي وعمر وأنس وابن عباس وابن مسعود وأبي أمامة وأبي الدرداء وأبي سعيد بأسانيد فيها كلها مقال ليس للتصحيح فيها مجال، لكن كثرة طرقه تقويه، وأجود طرقه خبر معاذ مع ضعفه: «من حفظ على أمتي أربعين حديثًا من سنتي، ونقلها إليهم أدخلتُه يوم القيامة في شفاعتي» فإن لم ينقلها إليهم لم يشمله هذا الوعد، وإن حفظ عن ظهر قلب، إذ المدار على نفع الأمة... ثم إن كان نقلها بطريق الإسناد والاجتهاد كما فعل البخاري وأضرابه فهو أعلى درجات النقل، وإن كان يأخذها من دواوين أولئك كنقل المصنف ونحوه، ففي دخوله في هذا الوعد وقفة، إذا لم يحفظ هو على الأمة، وإنما حافظه صاحب الكتاب المدون الذي تعب في تخريجه وبتسليم دخوله فليس كدخول المسند للمجتهد، وإنما له أجر إفراد الحديث من ذلك الديوان وتقريب تناوله، لا أجر إسناده، وحاصله أنه إن لم يحفظه الحفظ التام لم يدخل في الوعد الدخول التام، ذكر العز بن جماعة([9]).

وقال رحمه الله: «من حمل من» وفي رواية: «عن أمتي أربعين حديثًا بعثه الله» وفي رواية: «لقي الله يوم القيامة فقيهًا عالمًا» يعني: حشر يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء أو أعطي مثل ثواب الفقيه العالم، وجعل معه في درجته، وهذا تنويه عظيم بفضل روايته الحديث وحفظه([10]).

ولقد جمعت هذه الأربعين وأنا أحسن الظن في الله ألا يخيب رجائي وألا يحرمني من الأجر والمثوبة، وآمل منه - سبحانه - أن يكتب لها القبول والنفع في الأمة حفظًا وشرحا وعملاً، وأن يكتب لها من الانتشار والذيوع كما كتب للأربعين النووية وإن لم أدان مؤلفها فضلاً وعلمًا وعملاً، ولكن قد قيل: التشبه بالكرام فلاح، وأحسن من هذا وأفضل قول رسولنا الكريم: «المرء مع من أحب»([11]).

فأسأله - سبحانه - أن يمد في العمر وييسر لي شرحها وبيان فضلها والوقوف على معانيها ودلائلها؛ لينتفع بها الداني والقاصي، إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير، وهو - سبحانه مولاي ونعم النصير وآخر دعواي: أن الحمد لله رب العالمين.

1 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن أعرابيًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال: «تعبدُ الله لا تُشركُ به شيئًا، وتُقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان» قال والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا. فلما ولى، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَن سَرَّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنَّة، فلينظر إلى هذا»([12]).

2 - وعن أنس يرفعه: أن الله يقول لأهون أهل النار عذابًا: «لو أن لك ما في الأرض من شيء كنت تفتدي به؟ قال: نعم، قال: فقد سألتك ما هو أهون من هذا، وأنت في صلب آدم، أن لا تشرك بي، فأبيت إلا الشرك»([13]).

3 – وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: لما نزلت: }الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ{ [الأنعام:82] قلنا: يا رسول الله، أينا لا يظلم نفسه؟! قال: «ليس كما تقولون، لم يلبسوا إيمانهم بظلم: بشرك أو لم تسمعوا إلى قول لقمان لابنه: } يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ { [لقمان:13]»([14]).

4 - وعن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - أن رجلاً قال: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة، فقال القوم: ما له، ما له؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَرَبٌ مَا لَهُ» فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم، ذرها» قال: كأنه كان على راحلته([15]).

وفي رواية: أن أعرابيًا عرض لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في سفر، فأخذ بخطام ناقته، أو بزمامها، ثم قال: يا رسول الله، أو يا محمد، أخبرني بما يقربني من الجنة، وما يباعدني من النار، قال: فكف النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم نظر في أصحابه، ثم قال: «لقد وفق، أو لقد هدي» قال: كيف؟ قلت: قال فأعاد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم، دع الناقة»([16]).

5 - وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «قال الله - تبارك وتعالى - يا بن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا بن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا بن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة»([17]).

6 – وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فأصبحت يومًا قريبًا منه ونحن نسير، فقلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار. قال: «لقد سألتني عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت» ثم قال: «ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل»، قال: ثم تلا: }تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ{ حتى بلغ: }يَعْمَلُونَ{ [السجدة: 15 – 17] ثم قال: «ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه؟» قلت: بلى يا رسول الله، قال: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد»، ثم قال: «ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟» قلت: بلى يا نبي الله . فأخذ بلسانه قال: «كف عليك هذا»، فقلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: «ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم – أو على مناخرهم – إلا حصائد ألسنتهم»([18]).

7 - وعن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: قلت: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولا، لا أسأل عنه أحد بعدك، قال: «قل آمنت بالله فاستقم»([19]).

وروي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - تلا هذه الآية: }إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا{ [فصلت: 30] قال: استقاموا والله لله ولم يروغوا روغان الثعالب. وروي عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، أنه قال: لم يشركوا بالله شيئًا([20]).

8 - وعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال - وحوله عصابة من أصحابه -: «بايعوني على: أن لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف فمن وفي منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئًا ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه» فبايعناه على ذلك([21]).

9 - وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟» ثلاثًا، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين» وجلس وكان متكئًا فقال: «ألا وقول الزور» قال: فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت([22]).

10 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس واليمين الغموس»([23]).

11 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجتنبوا السبع الموبقات» قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: «الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات»([24]).

12 - وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: بينا أنا رديف النبي - صلى الله عليه وسلم -، ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل، فقال: «يا معاذ»، قلت: لبيك رسول الله وسعديك ثم سار ساعة،ـ ثم قال «يا معاذ»، قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك. ثم سار ساعة، ثم قال: «يا معاذ» قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، قال: «هل تدري ما حق الله على عباده؟» قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا» ثم سار ساعة، ثم قال: «يا معاذ بن جبل» قلت: لبيك رسول الله وسعديك، فقال: «هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه؟» قلت: الله ورسوله أعلم قال: «حق العباد على الله أن لا يعذبهم»([25]).

13 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رجل، فقال: يا رسول الله، ما الموجبتان؟ فقال: «من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئًا دخل النار»([26]).

14 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يقول الله - عز وجل - من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد، ومن جاء بالسيئة فجزاؤه سيئة مثلها أو أغفر، ومن تقرب مني شبرًا تقربت منه ذراعًا، ومن تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة، ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئًا، لقيته بمثلها مغفرة»([27]).

15 - وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كل ذنب عسى الله أن يغفره، إلا من مات مشركًا، أو مؤمن قتل مؤمنًا متعمدًا»([28]).

16 - وعن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أنه مات ابن له بقديد أو بعسفان، فقال: يا كريب، انظر ما اجتمع له من الناس، قال: فخرجت، فإذا ناس قد اجتمعوا له، فأخبرته فقال: تقول: هم أربعون؟ قال: نعم، قال: أخرجوه، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئًا إلا شفعهم الله فيه»([29]).

17 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته، وإني أختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئًا»([30]).

18 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «آمركم بثلاث وأنهاكم عن ثلاث: آمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وتعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تتفرقوا، وتطيعوا لمن ولاه الله أمركم، وأنهاكم عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال»([31]).

19 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يرضى لكم ثلاثًا، ويكره لكم ثلاثًا فيرضى لكم أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا، ولا تفرقوا ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال»([32]).

20 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «خمس ليس لهن كفارة: الشرك بالله، وقتل النفس بغير حق، وبهت المؤمن، والفرار من الزحف، ويمين صابرة يقتطع بها مالاً بغير حق»([33]).

21 - وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: «إن الله ليطلعُ في ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن»([34]).

وفي رواية عن معاذ مرفوعًا: «يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه، إلا لمشرك أو مشاحن»([35]).

22 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: «والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت، ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار»([36]).

23 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قال الله - تبارك وتعالى - أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه»([37]).

24 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا أنظروا هذين حتى يصطلحا»([38]).

25 - وعن مرة، عن عبد الله قال: «لما أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنتهي به إلى سدرة المنتهى، وهي في السماء السادسة، إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض فيقبض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها، قال: }إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى{ [النجم: 16] قال: فراش من ذهب، قال: فأعطي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثًا، أعطي الصلوات الخمس، وأعطي خواتيم سورة البقرة وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئًا المقحمات»([39]).

26- وعن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية إلى خثعم، فاعتصم ناس منهم بالسجود، فأسرع فيهم القتل، قال: فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمر لهم بنصف العقل وقال: «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين» قالوا: يا رسول الله؟ قال: «لا تراءى ناراهما»([40]) .

27- وعن جرير - رضي الله عنه - قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يبايع، فقلت: يا رسول الله ابسط يدك حتى أبايعك، واشترط عليَّ، فأنت أعلم بالشرط، قال: «أبايعك على أن تعبد الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتناصح المسلم، وتفارق المشرك»([41]).

28 – وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من مات يشرك بالله شيئًا دخل النار»، وقلت أنا: من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة([42]).

29 – وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: «أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - أن لا تشرك بالله شيئا وإن قطعت وحرقت، ولا تترك صلاة مكتوبة متعمدًا، فمن تركها متعمدًا فقد برئت منه الذمة، ولا تشرب الخمر فإنها مفتاح كل شر»([43]).

30 - وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اعبد الله ولا تشرك به شيئًا، واعمل لله كأنك تراه، واعدد نفسك في الموتى، واذكر الله - تعالى - عند كل حجر وكل شجر، وإذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة، السر بالسر، والعلانية بالعلانية»([44]).

31 - وعن المغيرة قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح. فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «أتعجبون من غيرة سعد؟ والله لأنا أغير منه، والله أغير مني ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش، ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين ولا أحد أحب إليه المدحة من الله، ومن أجل ذلك وعد الله الجنة»([45]).

32 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض، فإنه لم ينقص ما في يمينه، وعرشه على الماء، بيده الأخرى الفيض أو القبض، يرفع ويخفض»([46]).

33 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن الناس قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هل تضارون في القمر ليلة البدر؟» قالوا: لا يا رسول الله، قال: «فهل تضارون في الشمس ليس دوننها سحاب؟» قالوا: لا يا رسول الله، قال «فإنكم ترونه كذلك، يجمع الله الناس يوم القيامة، فيقول: من كان يعبد شيئًا فليتبعه فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها شافعوها، أو منافقوها، شك إبراهيم فيأتيهم الله فيقول: أنا ربكم، فيقولون: هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاءنا ربنا عرفناه، فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم فيقولون: أنت ربنا، فيتبعونه، ويضرب الصراط بين ظهري جهنم فأكون أنا وأمتي أو من يجيزها، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ودعوى الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم..»([47]).

34 - وعن عدي بن حاتم - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما منكم من أحد إلا سيكلم ربه، ليس بينه وبينه ترجمان ولا حجاب يحجبه»([48]).

35 - وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: الرجل يقاتل حمية، ويقاتل شجاعة، ويقاتل رياء، فأي ذلك في سبيل الله؟ قال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله»([49]).

36 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتاني آت من ربي فأخبرني، أو قال: بشرني، أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة» قلت: وإن زن وإن سرق؟ قال: «وإن زنى وإن سرق»([50]).

37 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: «أن تجعل لله ندًا وهو خلقك» قلت: إن ذلك لعظيم قلت: ثم أي؟ قال: «ثم أن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك» قلت: ثم أي؟ قال: «ثم أن تزاني بحليلة جارك»([51]).

38 - وعن عدي بن حاتم - رضي الله عنه - قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: «يا عدي اطرح عنك هذا الوثن» وسمعته يقرأ في سورة براءة: }اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ{[التوبة: 31] قال: «أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئًا حرموه»([52]).

39- وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من تشبه بقوم فهو منهم»([53]).

40 - وعن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله»([54]).

وفي رواية: «لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم، فمن ساكنهم أو جامعهم فهو مثلهم»([55]).

41 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليَّ ثوبين معصفرين، فقال: «إن هذين من ثياب الكفار، فلا تلبسهما».

وفي رواية: «أأمك أمرتك بهذا؟» قلت أغسلهما؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: «بل أحرقهما»([56]).

فهذه أربعون حديثًا تدور حول رحى التوحيد، وتأخذ بحجز بعضها البعض، لتحفظ التوحيد وتحمي جنابه، أردت من جمعها وحفظها أن أصون توحيدي وتوحيد إخواني المسلمين من خلال حفظها ومذاكرتها.

وأسأل الله - عز وجل - أن يعينني على شرحها والوقوف على معانيها ودلائلها، كما أسأله - سبحانه - أن يكتب لها القبول والانتشار والنفع وأن يجعلها من العمل الصالح والعلم النافع إنه ولي ذلك والقادر عليه، فهو حسبي ونعم الوكيل والحمد لله رب العالمين.



([1]) انظر: الدر المنثور (7/266)، وانظر: الأربعون حديثًا، لأبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله (رقم 4).

([2]) شعب الإيمان (2/ 270 رقم 1725).

([3]) الفوائد (2/141 رقم 1368).

([4]) انظر: الفوائد لتمام الرازي (2/141 رقم 1369).

([5]) أربعون حديثًا (رقم 1).

([6]) أربعون حديثا (رقم 2).

([7]) أربعون حديثًا (رقم 3) وانظر: الأربعين لأبي الحسن الطوسي (رقم 45) وفوائد تمام (رقم 1368).

([8]) شرف أصحاب الحديث (ص19) وانظر: الأربعين لأبي الحسن الطوسي (رقم 44) وفوائد تمام (رقم 1369).

([9]) انظر: فيض القدير، للمناوي (6/119).

([10]) انظر: فيض القدير للمناوي (6/122).

([11]) أخرجه البخاري (رقم 6168) ومسلم رقم (2640).

([12]) أخرجه البخاري (رقم 1397)، ومسلم (رقم 14).

([13]) أخرجه البخاري (رقم 3334)، ومسلم (رقم 2805).

([14]) أخرجه البخاري (رقم 3360)، ومسلم (رقم 124).

([15]) أخرجه البخاري (رقم 5983).

([16]) أخرجه مسلم (رقم 13).

([17]) أخرجه الترمذي (رقم 3540) وقال: هذا حديث حسن غريب.

([18]) أخرجه الترمذي (رقم 2616) والنسائي في سننه الكبرى (رقم 11330) وابن ماجه (رقم 3973) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5136).

([19]) أخرجه مسلم (رقم 38).

([20]) أخرجه ابن جرير الطبري (24/73).

([21]) أخرجه البخاري (رقم 18) ومسلم (رقم 1709) واللفظ للبخاري.

([22]) أخرجه البخاري (رقم (2654) ومسلم (رقم 87).

([23]) أخرجه البخاري (رقم 6675).

([24]) أخرجه البخاري (رقم 2766)، ومسلم (رقم 89).

([25]) أخرجه البخاري (رقم 5967) ومسلم (رقم 30).

([26]) أخرجه مسلم (رقم 93).

([27]) أخرجه مسلم (رقم 2687).

([28]) أخرجه أبو داود (رقم 4270) وابن حبان في صحيحه (رقم (5980) وصححه ووافقه الذهبي، وكذا صححه شعيب الأرناؤوط وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم (4534) والنسائي في سننه الكبرى (رقم 3432) وفي سننه الصغرى (رقم 3984) وعن زيادة: «أو الرجل يموت كافرًا».

([29]) أخرجه مسلم رقم (948).

([30]) أخرجه مسلم رقم (199).

([31]) أخرجه ابن حبان في صحيحه (رقم 4560) وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه الألباني في صحيح الجامع (رقم 12).

([32]) أخرجه مسلم (رقم 1715).

([33]) أخرجه أحمد وحسنه الألباني في صحيح الجامع (رقم 3247) وقال في إرواء الغليل (1202) إسناده حسن.

([34]) أخرجه ابن ماجه (رقم 1390) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (رقم1819).

([35]) أخرجه ابن حبان (رقم 5665)، وقال شعيب الارناؤوط: حديث صحيح بشواهده.

([36]) أخرجه مسلم (رقم 153).

([37]) أخرجه مسلم (رقم 2985).

([38]) أخرجه مسلم (رقم 2565).

([39]) أخرجه مسلم (رقم 172).

([40]) أخرجه أبو داود (رقم 2645) والترمذي (رقم 1604) والنسائي في الكبرى (رقم 6956) ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (رقم 1461).

([41]) أخرجه النسائي في الكبرى (رقم 7752) وفي الصغرى (رقم 4177، وصححه الألباني في صحيح الجامع (رقم 25).

([42]) أخرجه البخاري (رقم 1238) ومسلم (رقم 92).

([43]) أخرجه ابن ماجه (رقم 4034) وصححه الألباني في صحيح الجامع (رقم 7339).

([44]) أخرجه الطبراني في الكبير (20/175 رقم 374) والبيهقي في الشعب، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (رقم 1040).

([45]) أخرجه البخاري (رقم 7416) ومسلم (رقم 1499).

([46]) أخرجه البخاري (رقم 7419) ومسلم (رقم 993).

([47]) أخرجه البخاري (رقم 7437).

([48]) أخرجه البخاري (رقم 7443) ومسلم (رقم 1016).

([49]) أخرجه البخاري (رقم 7458) ومسلم (رقم 1904).

([50]) أخرجه البخاري (رقم 1237، 7487) ومسلم (رقم 94).

([51]) أخرجه البخاري (رقم 7520) ومسلم (رقم 86).

([52]) أخرجه الترمذي (رقم 3095) والبيهقي في سننه الكبرى (10/116) وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي.

([53]) أخرجه أبو داود (رقم 4031) وأحمد في مسنده (2/50) قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (6/98) وله شاهد مرسل بإسناد حسن، وقال ابن تيمية في الفتاوى (25/331) هذا حديث جيد، وقال في اقتضاء الصراط المستقيم (1/240) وهذا إسناد جيد وحسنه السيوطي في الجامع الصغير (رقم 8593) وصححه الألباني في صحيح الجامع (رقم (6149).

([54]) أخرجه أبو داود (رقم 2787) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (رقم 6186).

([55]) أخرجه الترمذي (رقم 1605) وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي.

([56]) أخرجه مسلم (رقم 2077).